13 يونيو 2021
محدّدات نجاح "25 يناير"
لكي تنجح أي ثورة، فإن محددات داخلية وخارجية ينبغي أن تتوفر، جلها أو معظمها، حتى يؤمل في نجاح هذه الثورة أو غيرها. ومن الداخلية وجود حالة من الاصطفاف الثوري بين القوى الرافضة للنظام، سواء أكان نظاماً استبدادياً أم انقلابياً، وسواء أكانت هذه القوى الثورية متفقة على خريطة طريق مرحلة ما بعد الثورة أم لا. لكن، من الملاحظ أنه، منذ الانقلاب في مصر في يوليو 2013، فإن عوامل الفرقة بين هؤلاء ربما تكون أكثر من عوامل الوحدة، على الرغم من أن نظام "الانقلاب" يقدّم لهم خدمات جليلة بسوء الأداء وزيادة القبضة الأمنية، ما يعني أن "الأغلبية الصامتة"، أو ما يطلق عليهم مجازاً، على الرغم من تحفظنا على التسمية "حزب الكنبة"، بات رافضاً لهذا النظام، وربما يتمنى، من كل قلبه، أن يقوم بتغيير أدائه وتحسين مستوى معيشة شعبه، أو أن يرحل من دون أن يعرف ما هو البديل. بل إن جماعةً مثل جماعة الإخوان المسلمين، والتي كانت قوة تنظيمها أداة تميزها، وكان يعوّل عليها كثيراً في المساهمة في توحيد الصف الثوري من دون تصدّره، باتت تعاني، هي الأخرى، من خلافاتٍ، ربما ساهمت فقط ليس في انكفائها الذاتي على نفسها، بل ونفور الآخرين منها، خصوصاً في ظل شيطنة الانقلاب، بل وتجريمه، لكل من يقترب منها. وبالتالي، صار الانقسام أو العمل الفردي سيد الموقف، ما يعني تمكين الانقلاب منهم.
ومن هذه المحددات مدى تأييد مؤسسات الدولة الثوار. صحيح أن هذا لم يكن متحققاً في ثورة يناير. لكن، ربما تكون ثورة يناير مثالاً نادراً لا يقاس عليه في تاريخ الثورات، لأنه من المهم داخلياً وجود مؤسسات داعمة للثوار، من أجل ترويجهم وكشف سوءات النظام، ما يساهم في سحب البساط عنه، وتحويل تأييد الناس إلى الطرف الآخر. وربما كان أحد أسباب نجاح ثورة الخميني في إيران عام 1979 وجود تأييد كبير لها داخل المؤسسة الإعلامية في الداخل، إلى درجة قطع عاملين قائمين على تنفيذ نشرة الأخبار الرئيسية، والتي تبث أكاذيب عن الثوار، الكهرباء لمنع بث النشرة، بل وصل الأمر إلى أن الشعب بات لا يصدق ما يبثه الإعلام الرسمي من أكاذيب وروايات رسمية، ومن ذلك اتهامه الثوار بحريق دار سينما راح ضحيته أكثر من مائة شخص.
أما في الحالة المصرية، فإن وسائل الإعلام، بشتى أنواعها العام والخاص، تشن حملة ممنهجة
ومدروسة، ليس لشيطنة "الإخوان المسلمين، فحسب، بل لشيطنة ثورة يناير، على الرغم من أن ذلك مخالف حتى لدستور الانقلاب. وذلك في مقابل وجود بعض القنوات التلفزيونية لمؤيدي الشرعية المصرية في تركيا، إلا أن تأثيرها لا يزال محدوداً، ربما بسبب بثها من دولة خارجية، تتهم بالعداء للشعب المصري، أو بسبب محدودية الجمهور الذي يشاهدها.
وإذا كانت هذه هي بعض المحددات الداخلية، فهناك محددات أخرى خارجية "إقليمية ودولية" تعد عوامل مساعدة، وليست أصيلةً، في دعم الثوار، من أجل مواجهة النظم المستبدة والانقلابية التي غالباً ما يكون لها، هي الأخرى، سند خارجي، تتكئ عليه في مواجهة شعوبها. لكن، من الواضح أن هذا الدعم محدود جداً، على أقصى تقدير، نظراً للضغوط التي تمارس على هذه الدول، أو ربما بسبب المشكلات الإقليمية والدولية التي تواجهها "حالة تركيا". وفي المقابل، نجد دعماً إقليمياً ودولياً كبيراً للنظم الانقلابية، أو المستبدة في المنطقة، مثل حالة بشار الأسد في سورية، فعلى الرغم من وجود دعم إقليمي ودولي للمعارضة المسلحة، إلا أن الدعم الكبير لبشار، خصوصاً من روسيا وإيران، فضلاً عن التخاذل الأميركي والأوروبي، يجعل هناك صعوبة في التخلص منه، أو بمعنى أدق مجرد أمنياتٍ لا يصدقها الواقع، بل إن الدول التي ترفع شعار "سورية بدون بشار" وافقت على مفاوضات فيينا التي وضعتها روسيا، والتي من شأنها إرجاء بحث هذه المسألة. ولا شك أن وضع المعارضة، من زاوية الدعم الخارجي في مصر، أقل بكثير من نظيرتها السورية. وبالتالي، يبقى السؤال: هل يدرك ثوار يناير ذلك، ثم يثور سؤال آخر بشأن مدى تأثير الثورة الخامسة لثورة يناير على الوضع الداخلي في مصر؟ وهل فعلاً يمكن إرباك النظام أو "ترنح الانقلاب"، وفق التعبيرات الثورية؟
يجيب الكلام المنطقي، والعلمي المجرد عن أية اعتبارت أيديولوجية: لا. وذلك لعدم توفر الحد الأدنى من المحددات، وأقلها بل وأولها وحدة الصف الثوري. وبالتالي، يبقى الثوار بين خيارين، الوحدة وتلافي الخلافات سريعاً والبناء على ذلك، أو ربما تجرع المرّ والبحث عن تسوية ما مع الانقلاب، وفق قاعدة "إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
ومن هذه المحددات مدى تأييد مؤسسات الدولة الثوار. صحيح أن هذا لم يكن متحققاً في ثورة يناير. لكن، ربما تكون ثورة يناير مثالاً نادراً لا يقاس عليه في تاريخ الثورات، لأنه من المهم داخلياً وجود مؤسسات داعمة للثوار، من أجل ترويجهم وكشف سوءات النظام، ما يساهم في سحب البساط عنه، وتحويل تأييد الناس إلى الطرف الآخر. وربما كان أحد أسباب نجاح ثورة الخميني في إيران عام 1979 وجود تأييد كبير لها داخل المؤسسة الإعلامية في الداخل، إلى درجة قطع عاملين قائمين على تنفيذ نشرة الأخبار الرئيسية، والتي تبث أكاذيب عن الثوار، الكهرباء لمنع بث النشرة، بل وصل الأمر إلى أن الشعب بات لا يصدق ما يبثه الإعلام الرسمي من أكاذيب وروايات رسمية، ومن ذلك اتهامه الثوار بحريق دار سينما راح ضحيته أكثر من مائة شخص.
أما في الحالة المصرية، فإن وسائل الإعلام، بشتى أنواعها العام والخاص، تشن حملة ممنهجة
وإذا كانت هذه هي بعض المحددات الداخلية، فهناك محددات أخرى خارجية "إقليمية ودولية" تعد عوامل مساعدة، وليست أصيلةً، في دعم الثوار، من أجل مواجهة النظم المستبدة والانقلابية التي غالباً ما يكون لها، هي الأخرى، سند خارجي، تتكئ عليه في مواجهة شعوبها. لكن، من الواضح أن هذا الدعم محدود جداً، على أقصى تقدير، نظراً للضغوط التي تمارس على هذه الدول، أو ربما بسبب المشكلات الإقليمية والدولية التي تواجهها "حالة تركيا". وفي المقابل، نجد دعماً إقليمياً ودولياً كبيراً للنظم الانقلابية، أو المستبدة في المنطقة، مثل حالة بشار الأسد في سورية، فعلى الرغم من وجود دعم إقليمي ودولي للمعارضة المسلحة، إلا أن الدعم الكبير لبشار، خصوصاً من روسيا وإيران، فضلاً عن التخاذل الأميركي والأوروبي، يجعل هناك صعوبة في التخلص منه، أو بمعنى أدق مجرد أمنياتٍ لا يصدقها الواقع، بل إن الدول التي ترفع شعار "سورية بدون بشار" وافقت على مفاوضات فيينا التي وضعتها روسيا، والتي من شأنها إرجاء بحث هذه المسألة. ولا شك أن وضع المعارضة، من زاوية الدعم الخارجي في مصر، أقل بكثير من نظيرتها السورية. وبالتالي، يبقى السؤال: هل يدرك ثوار يناير ذلك، ثم يثور سؤال آخر بشأن مدى تأثير الثورة الخامسة لثورة يناير على الوضع الداخلي في مصر؟ وهل فعلاً يمكن إرباك النظام أو "ترنح الانقلاب"، وفق التعبيرات الثورية؟
يجيب الكلام المنطقي، والعلمي المجرد عن أية اعتبارت أيديولوجية: لا. وذلك لعدم توفر الحد الأدنى من المحددات، وأقلها بل وأولها وحدة الصف الثوري. وبالتالي، يبقى الثوار بين خيارين، الوحدة وتلافي الخلافات سريعاً والبناء على ذلك، أو ربما تجرع المرّ والبحث عن تسوية ما مع الانقلاب، وفق قاعدة "إنقاذ ما يمكن إنقاذه".