13 فبراير 2022
فضيحة جديدة للسيسي.. في مجلس الأمن
أسوأ ما في الموقف المصري من موضوع قرار مجلس الأمن 2334 الذي يدين بناء المستوطنات الإسرائيلية ليس هو سحب مشروع القرار الذي كان من المفترض طرحه للتصويت الخميس الماضي، ولكن لأن السحب لم يكن قراراً مصرياً سيادياً، وإنما جاء إرضاء لأطراف أخرى، وضمن حسابات سياسية ضيقة لنظام سياسي وظيفي، على حساب السمعة العربية والدولية للبلاد.
وتزداد الحسرة، حين تتكشف التفاصيل التي رافقت ملحمة التقدّم بالقرار للتصويت عليه في مجلس الأمن، ثم سحبه، قبل أن تتم إعادة طرحه للتصويت عن طريق ماليزيا وفنزويلا ونيوزلندا والسنغال. ففي تفاصيل هذه الملحمة، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن القرار بدأ التحضير له قبل حوالي عام داخل المجموعة العربية في مجلس الأمن، وتم تأجيل الدفع به، حتى لا يؤثر على حظوظ الحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، وعندما هُزمت الأخيرة، رأت إدارة باراك أوباما إمكانية الدفع بالقرار للتصويت. لذلك، التقى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن في 12 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والعهدة هنا على "وول ستريت جورنال"، وأبدى له استعداد الولايات المتحدة لعدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الخاص بإدانة المستوطنات الإسرائيلية، إذا ما تم طرحه للتصويت في مجلس الأمن، وهو ما رآه بعضهم ضوءاً أخضر للمضي في طرح مشروع القرار.
وحسب الصحيفة، كان الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة قد بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جسّ النبض بشأن مسألة طرح القرار للتصويت. لذا، طرح مسودتين لمشروعي قرار، أولهما يدين التوسع الكبير في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والثاني للاعتراف بدولة فلسطين دولة في الأمم المتحدة، وتم سحب مشروع القرار الثاني، لقناعة المجموعة العربية بإمكانية استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضده وتعطيله. لذا، تم التقدم بمشروع القرار الأول الخاص بالاستيطان، لتماشيه مع
قناعات أوباما بخطورة الاستيطان على مسألة حل الدولتين، ورغبته في انتهاز الفرصة وتوجيه صفعتين قبل رحيله من البيت الأبيض، الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والثانية للرئيس المنتخب، دونالد ترامب، الذي كان حتماً سيستخدم حق الفيتو ضد القرار، إذا ما طُرح للتصويت في مجلس الأمن بعد توليه السلطة في العشرين من يناير/ كانون الثاني المقبل.
أما الجزء الأكثر إثارة في الموضوع، فحسب الصحيفة، تم الاتفاق على أن تقود مصر، باعتبارها الدولة العربية التي تتمتع بعضوية مؤقتة في مجلس الأمن، مسألة طرح مشروع القرار الخاص بإدانة المستوطنات الإسرائيلية للتصويت، نيابة عن المجموعة العربية. لذا، بدأ الوفد المصري مناقشات حول مسودة أولية للقرار، وتم وضعه للتصويت بالفعل مساء الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري. في الوقت نفسه الذي تواترت فيه معلومات حول نية الرئيس أوباما التوصية بعدم تعطيل القرار، باستخدام حق الامتناع عن التصويت. وقد أثار الأمر ذعراً داخل إسرائيل، بعدما علمت بذلك، ما دفع رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، إلى عقد اجتماع طارئ، وتحدّث صباح الخميس مع جون كيري، وحذّر إدارة أوباما من الاستعانة بالرئيس دونالد ترامب للتدخل وتعطيل القرار. وعندما لم يحصل نتنياهو على رد إيجابي، تواصل مع الفريق الانتقالي لترامب، وتحديداً مع زوج ابنته، جارد كوشنير، وستيفن بانون، كبير المستشارين السياسيين لترامب. ضغط الأخيران على ترامب الذي سعى، بدوره، إلى الضغط على الحلقة الأضعف في هذه الملحمة، وهي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أمر على الفور وزير خارجيته، سامح شكري، بسحب مشروع القرار، وهو ما حدث، ما شكّل صدمة لكثيرين في العالم العربي، في وقت احتفت به إسرائيل، قبل أن تطرح دول أخرى، كما أشرنا، مشروع القرار وتخسر مصر، وتحديدا الجنرال السيسي، فرصة ذهبية لتغيير صورته السلبية في المحافل العربية والدولية.
تلتقي رواية "وول ستريت جورنال" مع معلوماتٍ جمعها كاتب هذه السطور، خلال الأيام الماضية، تشير إلى مجهود كبير بذله طاقم البعثة الدبلوماسية المصرية في الأمم المتحدة، طوال العام الماضي. فقد بدأ الدبلوماسيون المصريون في الأمم المتحدة بالعمل على مشروع قرار إدانة الاستيطان قبل حوالي عشرة أشهر. وقد قرأوا بذكاء الخلاف بين أوباما ونتنياهو، وكيف يمكن استغلال ذلك لصالح تمرير قرار إدانة الاستيطان. وعندما بدا أن هناك نيات أميركية، أو ربما ضوءا أخضر بحسب رواية "وول ستريت جورنال"، بعدم استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار، تم العمل، بدأب وكتمان، حتى يأتي الوقت المناسب لطرح مشروع القرار للتصويت. ولكن الحسابات السياسية الضيقة لنظام السيسي، ورغبته في تقديم نفسه خادماً وفيّاً للساكن الجديد للبيت الأبيض، وتعزيز علاقته بحليفه الإسرائيلي، على حساب الحقوق الفلسطينية، أطاحت جهود البعثة الدبلوماسية المصرية، والتي أصيب بعض رجالها بخيبة أمل نتيجة سحب مشروع القرار قبل التصويت عليه. وزادت حسرتهم، بعدما ضغطت السنغال وفنزويلا ونيوزلندا وماليزيا لطرح القرار للتصويت، وهو ما حدث بالفعل، وتم تمرير القرار، بشكل وضع الدبلوماسية المصرية في موقف حرج ومهين عربياً ودولياً.
ما حدث في مجلس الأمن فضيحة وسقطة أخلاقية جديدة لنظام السيسي، لن يمحوها تصريح أرعن لمصدر دبلوماسي مصري، نقلته وكالة الأنباء الرسمية (أ.ش.أ)، مفاده بأن "سحب مصر لقرار التصويت على إدانة الاستيطان يعكس رؤية عميقة".
وتزداد الحسرة، حين تتكشف التفاصيل التي رافقت ملحمة التقدّم بالقرار للتصويت عليه في مجلس الأمن، ثم سحبه، قبل أن تتم إعادة طرحه للتصويت عن طريق ماليزيا وفنزويلا ونيوزلندا والسنغال. ففي تفاصيل هذه الملحمة، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن القرار بدأ التحضير له قبل حوالي عام داخل المجموعة العربية في مجلس الأمن، وتم تأجيل الدفع به، حتى لا يؤثر على حظوظ الحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، وعندما هُزمت الأخيرة، رأت إدارة باراك أوباما إمكانية الدفع بالقرار للتصويت. لذلك، التقى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، في مقر وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن في 12 من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والعهدة هنا على "وول ستريت جورنال"، وأبدى له استعداد الولايات المتحدة لعدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الخاص بإدانة المستوطنات الإسرائيلية، إذا ما تم طرحه للتصويت في مجلس الأمن، وهو ما رآه بعضهم ضوءاً أخضر للمضي في طرح مشروع القرار.
وحسب الصحيفة، كان الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة قد بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جسّ النبض بشأن مسألة طرح القرار للتصويت. لذا، طرح مسودتين لمشروعي قرار، أولهما يدين التوسع الكبير في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والثاني للاعتراف بدولة فلسطين دولة في الأمم المتحدة، وتم سحب مشروع القرار الثاني، لقناعة المجموعة العربية بإمكانية استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو ضده وتعطيله. لذا، تم التقدم بمشروع القرار الأول الخاص بالاستيطان، لتماشيه مع
أما الجزء الأكثر إثارة في الموضوع، فحسب الصحيفة، تم الاتفاق على أن تقود مصر، باعتبارها الدولة العربية التي تتمتع بعضوية مؤقتة في مجلس الأمن، مسألة طرح مشروع القرار الخاص بإدانة المستوطنات الإسرائيلية للتصويت، نيابة عن المجموعة العربية. لذا، بدأ الوفد المصري مناقشات حول مسودة أولية للقرار، وتم وضعه للتصويت بالفعل مساء الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري. في الوقت نفسه الذي تواترت فيه معلومات حول نية الرئيس أوباما التوصية بعدم تعطيل القرار، باستخدام حق الامتناع عن التصويت. وقد أثار الأمر ذعراً داخل إسرائيل، بعدما علمت بذلك، ما دفع رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، إلى عقد اجتماع طارئ، وتحدّث صباح الخميس مع جون كيري، وحذّر إدارة أوباما من الاستعانة بالرئيس دونالد ترامب للتدخل وتعطيل القرار. وعندما لم يحصل نتنياهو على رد إيجابي، تواصل مع الفريق الانتقالي لترامب، وتحديداً مع زوج ابنته، جارد كوشنير، وستيفن بانون، كبير المستشارين السياسيين لترامب. ضغط الأخيران على ترامب الذي سعى، بدوره، إلى الضغط على الحلقة الأضعف في هذه الملحمة، وهي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أمر على الفور وزير خارجيته، سامح شكري، بسحب مشروع القرار، وهو ما حدث، ما شكّل صدمة لكثيرين في العالم العربي، في وقت احتفت به إسرائيل، قبل أن تطرح دول أخرى، كما أشرنا، مشروع القرار وتخسر مصر، وتحديدا الجنرال السيسي، فرصة ذهبية لتغيير صورته السلبية في المحافل العربية والدولية.
تلتقي رواية "وول ستريت جورنال" مع معلوماتٍ جمعها كاتب هذه السطور، خلال الأيام الماضية، تشير إلى مجهود كبير بذله طاقم البعثة الدبلوماسية المصرية في الأمم المتحدة، طوال العام الماضي. فقد بدأ الدبلوماسيون المصريون في الأمم المتحدة بالعمل على مشروع قرار إدانة الاستيطان قبل حوالي عشرة أشهر. وقد قرأوا بذكاء الخلاف بين أوباما ونتنياهو، وكيف يمكن استغلال ذلك لصالح تمرير قرار إدانة الاستيطان. وعندما بدا أن هناك نيات أميركية، أو ربما ضوءا أخضر بحسب رواية "وول ستريت جورنال"، بعدم استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار، تم العمل، بدأب وكتمان، حتى يأتي الوقت المناسب لطرح مشروع القرار للتصويت. ولكن الحسابات السياسية الضيقة لنظام السيسي، ورغبته في تقديم نفسه خادماً وفيّاً للساكن الجديد للبيت الأبيض، وتعزيز علاقته بحليفه الإسرائيلي، على حساب الحقوق الفلسطينية، أطاحت جهود البعثة الدبلوماسية المصرية، والتي أصيب بعض رجالها بخيبة أمل نتيجة سحب مشروع القرار قبل التصويت عليه. وزادت حسرتهم، بعدما ضغطت السنغال وفنزويلا ونيوزلندا وماليزيا لطرح القرار للتصويت، وهو ما حدث بالفعل، وتم تمرير القرار، بشكل وضع الدبلوماسية المصرية في موقف حرج ومهين عربياً ودولياً.
ما حدث في مجلس الأمن فضيحة وسقطة أخلاقية جديدة لنظام السيسي، لن يمحوها تصريح أرعن لمصدر دبلوماسي مصري، نقلته وكالة الأنباء الرسمية (أ.ش.أ)، مفاده بأن "سحب مصر لقرار التصويت على إدانة الاستيطان يعكس رؤية عميقة".