15 مايو 2024
مقتدى الصدر والطريق الصعب
بدأ زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، طريقاً محفوفاً بالمخاطر السياسية والأمنية، في تبنّيه معظم المطالب السياسية والاقتصادية التي أعلنتها حشود عراقية في تظاهراتها منذ أكثر من ثمانية أشهر في ساحة التحرير في بغداد، وفي محافظات الوسط والجنوب العراقيين. وقد يكون حضور الصدر شخصياً إلى ساحة التحرير يوم 26 فبراير/ شباط الماضي، ودعوته المتظاهرين للاحتشاد أمام بوابات المنطقة الخضراء، ثم انتقاده المباشر رئيس الوزراء حيدر العبادي، مثار ترقب وملاحظة من بقية أركان العملية السياسية، ومن العبادي شخصياً، وهو الذي رد في اليوم الثاني لكلمة الصدر أن "العملية السياسية لا يمكن إصلاحها بالتهديد والحشد والقهر".
وفي ضوء ردود الأفعال السياسية، دعا رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، قادة الكتل السياسية والرئاسات الثلاث إلى اجتماع تشاوري مساء الثاني من مارس/آذار الحالي، للخروج بموقفٍ موحد من موضوع حكومة التكنوقراط التي طالب بها العبادي، مخرجاً لبعض أزمات العراق الاقتصادية تحديداً، وكان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عمار الحكيم، التقى صبيحة اليوم نفسه مقتدى الصدر، في النجف، لتنسيق المواقف تجاه رئيس الحكومة، وتباطؤه في عملية الإصلاح والتغيير، إلا أن أنباء متسربة من الاجتماع أشارت إلى اختلافٍ في وجهات النظر وآليات العمل بينهما، أفضى إلى خروج الصدر بشكل مفاجئ من الاجتماع، ما فسرّ إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً عقده بعد الاجتماع. وحسب مصادر في التيار الصدري، فإن الصدر أصرّ على إنجاز المشروع الإصلاحي الذي حدده سلفاً بوجود العبادي، وتجاوز العراقيل التي تعترض طريقه باعتباره مطلباً شعبياً جماهيرياً لا بد من تحقيقه، فيما يريد الحكيم سحب الثقة عن رئيس الوزراء، حيدر العبادي.
أمنياً، ومع حالة الهيجان الشعبي التي خلفت حضور مقتدى الصدر وكلمته في ساحة التحرير، ودعوته الجماهير إلى الزحف نحو بوابات المنطقة الخضراء من كل الجهات، وتوقيت خروج جماعي للتظاهر في كل المحافظات. ونتيجة حالة الاستعراض المباشر للإمكانات القتالية لتياره ووجود المسلحين الصدريين في مناطق حيوية ومهمة في بغداد، وضعت القوات الأمنية العراقية من وزارتي الداخلية والدفاع في حالة إنذار قصوى، استعداداً لأي تطورٍ يمس المنطقة الخضراء، وقطعت جميع الطرق المحيطة بساحة التحرير والجسور المؤدية إلى هذه المنطقة.
يريد مقتدى الصدر حكومة تكنوقراط، بعيدة عن أي وجه سياسي، من داخل العملية السياسية أو من خارجها. وفي حال لم يستطع العبادي تنفيذ هذا الأمر، واكتفى بتكنوقراط سياسي، فإنه سيعود بالحكومة إلى دائرة الفساد والتحزّب والطائفية، كما أنه يعتبر أن العملية السياسية في حالةٍ مزريةٍ، لا يمكننا الاستمرار بها على هذا المنوال، ويتوعد الصدر (جهاراً) بتغيير إجباري في مجمل العملية السياسية، ملوحا بسلطة الشعب و"المرجعية".
يلاحظ المتابع لحركة الصدر السياسية أنه، ومنذ عام تقريباً، كان جزءاً من حراكٍ سياسيٍ ضم إياد علاوي وعمار الحكيم وغيرهما لتشكيل تحالف باسم "إنقاذ العراق" كان غرضه الأساس تقديم الدعم لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والحد من نفوذ نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، ثم ما لبث أن نأى بنفسه عن الدخول في مثل هذه التحالفات، بسبب الضغوط الإيرانية عليه، خصوصاً فيما يتعلق بعلاوي، وهو أمر يجعل مراقبين كثيرين لمسيرة الصدر منذ عام 2003 يترددون في تقييم كلماته، أو إجراءاته، بشكل منطقي قابل للتحليل. كما يعتقد بعضهم أنه يظهر بقوة وبتوجيه إيراني، كلما دخلت العملية السياسية في نفق مظلم، وكلما تصاعد الحراك الجماهيري ضدها، ليحولها بشكل حاد صوب نهاياتٍ تفضي إلى اللاشيء.
الغريب في موضوع تبني الصدر المطالب الجماهيرية أن هناك من يريد تصفيته واغتياله، نتيجة ذلك، أو ربما لأسباب أخرى. وهذا ما صرّح به عندما قال، في الثالث من مارس/ آذار الجاري، "سأحاول الوصول إليكم على الرغم من التهديدات بالقتل". وكشف رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، عن فشل محاولة اغتيال زعيم التيار الصدري، لدى خروجه من ساحة التحرير. فمن يريد تصفية مقتدى الصدر؟ وما الذي دعا الصدر إلى تبني مواقف المتظاهرين، على الرغم من مرور فترة طويلة على هذه التظاهرات، وتعرّض المنظمين لها والناشطين الحقوقيين فيها، للاغتيالات والاختطاف وغيرهما؟
بحسب الزاملي، "تحاول جهات كثيرة استهداف مقتدى الصدر، مثل الأميركان، وجهات سياسية أخرى، لا تريد للعراق التغيير والاستقرار، فضلا عن المفسدين والسرّاق"، ويقف في مقدمة السياسيين المقصودين هنا رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي. ومن يقرأ الصورة من الخارج يرى أن إيران صاحبة المصلحة الأكبر في قتل الصدر، بإعتبار أن ذلك سيشعل ناراً لن يستطيع أحد إطفاءها فترة طويلة. ويذهب بعضهم إلى أن ضلوع مقتدى الصدر بالتخطيط والتنفيذ، في جريمة قتل عبد المجيد الخوئي لم يتم حسمها بعد، وأن هناك من يتربص به للثأر منه، كما قيادات الحشد الشعبي، هادي العامري زعيم منظمة بدر وقيس الخزعلي القيادي في عصائب أهل الحق وغيرهما، بسبب تفرّد الصدر بمواقفه بعيداً عن الموقف الشيعي الموحد.
ربما اقترب الصدر كثيراً من تجاوز الخطوط الحمراء في العملية السياسية العراقية المبنية على مجموعة من الشركاء الأضداد، والذين اتفقوا على حماية سفينة هذه العملية، وتجاوز الخلافات، عندما يبلغون مفترقات حادة، والصدر معهم، بطبيعة الحال، لكن جنوحه أخيراً أمر بالغ الخطورة والتهور، بحسب قادة الكتل السياسية والقوات الأمنية والمسلحة؛ خصوصاً مع تلويح الصدر بالدعوة إلى انقلاب كامل في العملية السياسية، باستخدام حالة الغضب الجماهيري وتوظيفها لاقتحام المنطقة الخضراء، والتي أسماها أمام الجماهير "المنطقة الحمراء".
وفي ضوء ردود الأفعال السياسية، دعا رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، قادة الكتل السياسية والرئاسات الثلاث إلى اجتماع تشاوري مساء الثاني من مارس/آذار الحالي، للخروج بموقفٍ موحد من موضوع حكومة التكنوقراط التي طالب بها العبادي، مخرجاً لبعض أزمات العراق الاقتصادية تحديداً، وكان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، عمار الحكيم، التقى صبيحة اليوم نفسه مقتدى الصدر، في النجف، لتنسيق المواقف تجاه رئيس الحكومة، وتباطؤه في عملية الإصلاح والتغيير، إلا أن أنباء متسربة من الاجتماع أشارت إلى اختلافٍ في وجهات النظر وآليات العمل بينهما، أفضى إلى خروج الصدر بشكل مفاجئ من الاجتماع، ما فسرّ إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً عقده بعد الاجتماع. وحسب مصادر في التيار الصدري، فإن الصدر أصرّ على إنجاز المشروع الإصلاحي الذي حدده سلفاً بوجود العبادي، وتجاوز العراقيل التي تعترض طريقه باعتباره مطلباً شعبياً جماهيرياً لا بد من تحقيقه، فيما يريد الحكيم سحب الثقة عن رئيس الوزراء، حيدر العبادي.
أمنياً، ومع حالة الهيجان الشعبي التي خلفت حضور مقتدى الصدر وكلمته في ساحة التحرير، ودعوته الجماهير إلى الزحف نحو بوابات المنطقة الخضراء من كل الجهات، وتوقيت خروج جماعي للتظاهر في كل المحافظات. ونتيجة حالة الاستعراض المباشر للإمكانات القتالية لتياره ووجود المسلحين الصدريين في مناطق حيوية ومهمة في بغداد، وضعت القوات الأمنية العراقية من وزارتي الداخلية والدفاع في حالة إنذار قصوى، استعداداً لأي تطورٍ يمس المنطقة الخضراء، وقطعت جميع الطرق المحيطة بساحة التحرير والجسور المؤدية إلى هذه المنطقة.
يريد مقتدى الصدر حكومة تكنوقراط، بعيدة عن أي وجه سياسي، من داخل العملية السياسية أو من خارجها. وفي حال لم يستطع العبادي تنفيذ هذا الأمر، واكتفى بتكنوقراط سياسي، فإنه سيعود بالحكومة إلى دائرة الفساد والتحزّب والطائفية، كما أنه يعتبر أن العملية السياسية في حالةٍ مزريةٍ، لا يمكننا الاستمرار بها على هذا المنوال، ويتوعد الصدر (جهاراً) بتغيير إجباري في مجمل العملية السياسية، ملوحا بسلطة الشعب و"المرجعية".
يلاحظ المتابع لحركة الصدر السياسية أنه، ومنذ عام تقريباً، كان جزءاً من حراكٍ سياسيٍ ضم إياد علاوي وعمار الحكيم وغيرهما لتشكيل تحالف باسم "إنقاذ العراق" كان غرضه الأساس تقديم الدعم لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والحد من نفوذ نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، ثم ما لبث أن نأى بنفسه عن الدخول في مثل هذه التحالفات، بسبب الضغوط الإيرانية عليه، خصوصاً فيما يتعلق بعلاوي، وهو أمر يجعل مراقبين كثيرين لمسيرة الصدر منذ عام 2003 يترددون في تقييم كلماته، أو إجراءاته، بشكل منطقي قابل للتحليل. كما يعتقد بعضهم أنه يظهر بقوة وبتوجيه إيراني، كلما دخلت العملية السياسية في نفق مظلم، وكلما تصاعد الحراك الجماهيري ضدها، ليحولها بشكل حاد صوب نهاياتٍ تفضي إلى اللاشيء.
الغريب في موضوع تبني الصدر المطالب الجماهيرية أن هناك من يريد تصفيته واغتياله، نتيجة ذلك، أو ربما لأسباب أخرى. وهذا ما صرّح به عندما قال، في الثالث من مارس/ آذار الجاري، "سأحاول الوصول إليكم على الرغم من التهديدات بالقتل". وكشف رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، عن فشل محاولة اغتيال زعيم التيار الصدري، لدى خروجه من ساحة التحرير. فمن يريد تصفية مقتدى الصدر؟ وما الذي دعا الصدر إلى تبني مواقف المتظاهرين، على الرغم من مرور فترة طويلة على هذه التظاهرات، وتعرّض المنظمين لها والناشطين الحقوقيين فيها، للاغتيالات والاختطاف وغيرهما؟
بحسب الزاملي، "تحاول جهات كثيرة استهداف مقتدى الصدر، مثل الأميركان، وجهات سياسية أخرى، لا تريد للعراق التغيير والاستقرار، فضلا عن المفسدين والسرّاق"، ويقف في مقدمة السياسيين المقصودين هنا رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي. ومن يقرأ الصورة من الخارج يرى أن إيران صاحبة المصلحة الأكبر في قتل الصدر، بإعتبار أن ذلك سيشعل ناراً لن يستطيع أحد إطفاءها فترة طويلة. ويذهب بعضهم إلى أن ضلوع مقتدى الصدر بالتخطيط والتنفيذ، في جريمة قتل عبد المجيد الخوئي لم يتم حسمها بعد، وأن هناك من يتربص به للثأر منه، كما قيادات الحشد الشعبي، هادي العامري زعيم منظمة بدر وقيس الخزعلي القيادي في عصائب أهل الحق وغيرهما، بسبب تفرّد الصدر بمواقفه بعيداً عن الموقف الشيعي الموحد.
ربما اقترب الصدر كثيراً من تجاوز الخطوط الحمراء في العملية السياسية العراقية المبنية على مجموعة من الشركاء الأضداد، والذين اتفقوا على حماية سفينة هذه العملية، وتجاوز الخلافات، عندما يبلغون مفترقات حادة، والصدر معهم، بطبيعة الحال، لكن جنوحه أخيراً أمر بالغ الخطورة والتهور، بحسب قادة الكتل السياسية والقوات الأمنية والمسلحة؛ خصوصاً مع تلويح الصدر بالدعوة إلى انقلاب كامل في العملية السياسية، باستخدام حالة الغضب الجماهيري وتوظيفها لاقتحام المنطقة الخضراء، والتي أسماها أمام الجماهير "المنطقة الحمراء".