18 أكتوبر 2024
اللاجئون السوريون وعنصرية أطراف لبنانية
كأنه لم يكن يكفي اللاجئين السوريين إلى لبنان ويلات الحرب التي دمّرت بيوتهم، وأحرقت أرضهم، وقتلت أطفالهم، وهجّرتهم خارج أسوار مدنهم، بل بلدهم. كأنه لا يكفيهم أن يقبعوا في لبنان في ظروفٍ صعبة ومعقّدة للغاية، سواء لجهة الظروف المناخية حيث يعانون شتاءً في خيامهم البسيطة من برد الشتاء القارس، وثلوجه التي تضاعف من مأساتهم، وصيفاً من حرّ الشمس ولهيبها الحارق في مناطق شبه صحراوية لا يجدون فيها ما يستظلونه. أو لجهة ظروف الحياة العادية وصعوبة تأمين لقمة العيش والدواء في بلدٍ، يعاني أبناؤه، أصلاً، من البطالة، وقلة الموارد، والأزمات الحياتية، وتغيب المنظمات الأممية الراعية لقضية اللجوء، ولا تؤمّن الحد الأدنى للاجئين من مستلزمات العيش الكريم. أو لجهة تعامل أجهزة الدولة، لا سيما الأمنية منها، حيث تضعهم في خانة الاتهام الدائم، حتى تثبت براءتهم من الانتماء إلى ما يتم وصفها "المجموعات الارهابية"، وتمارس بحقهم صورا من المعاملة التي أقلّ ما يقال فيها إنها غير إنسانية.
كأن اللاجئين السوريين لا يكفيهم تورّط بعض اللبنانيين بتدمير بلدهم وقراهم وبيوتهم، وتهجيرهم داخل سورية وخارجها، بل وقتلهم بطرق سريعة من خلال كتل النار التي تلقى على أبنائهم داخل المدارس أو المشافي، أو حتى دور الحضانة، أو بطرق بطيئة بمحاصرتهم وتجويعهم أو تشريدهم عبر البحار، حتى يقضوا بين الأمواج العاتية التي خطفت وتخطف أرواح الأطفال الغضّة والطريّة.
كأنه لا يكفيهم ذلك كله حتى يتم التعامل معهم بعنصرية واحتقار وعدم التزام أدنى المعايير الحقوقية والإنسانية، دونما رأفة أو شفقة أو رحمة. وهذه المرّة، ليس من خلال أجهزة الدولة التي مارست وتمارس بحقهم شتى أنواع التضييق والحصار، بل حتى من قوى سياسية وشرائح من المجتمع اللبناني، باتت لا تقيم وزناً لأي اعتبار قانوني أو إنساني أو حتى مصلحي.
قبل قرابة أسبوعين، خرج على اللبنانيين وزير خارجيتهم، جبران باسيل، في مؤتمر صحفي، كال فيه كل أنواع التهم للاجئين السوريين، وغمز من قناة اللاجئين الفلسطينيين ايضاً، محمّلاً هؤلاء مسؤولية تدهور الاقتصاد اللبناني، وفشل الحكومات في إيجاد الحلول للمشكلات الحياتية، فضلاً عن المشكلات الأمنية، وأزمة البطالة والتسيّب، وربما وصولاً إلى مسؤوليتهم عن الشغور في رئاسة الجمهورية (!). ودعا، في مؤتمره، إلى طردهم من القرى اللبنانية، وعدم فتح أبوابها لهم، وعدم إتاحة فرص العمل أمامهم، حتى في الأعمال التي امتهنوها على مرّ العصور، عندما كان لبنان وسورية يعيشان حالة طبيعية، كمهنة البناء والعمالة اليومية والعتالة وغيرها، وهي بالمناسبة مهن تحتاجها السوق اللبنانية، حتى بلغ به الأمر إلى الافصاح عن توجّه تياره السياسي الذي يرأسه بإخراج اللاجئين من البلدات التي يسيطر عليها، وقد لاقت هذه الدعوة وهذا التوجّه، وللأسف، تجاوباً من بعض البلديات التي عمدت إلى فرض نظام عدم التجوّل على اللاجئين داخل نطاقها البلدي، اعتباراً من الثامنة مساءً (غروب الشمس) حتى ساعات الصباح الأولى (الشروق) ثم مارست بحقهم شتى أنواع الابتزاز التعسفي المالي وغير المالي، وصولاً إلى حدود التعدّي على الكرامات، خصوصاً بعد التفجيرات في بلدة القاع الحدودية.
وفي مقابل الحملة التي شنّها باسيل وتيّاره على اللاجئين السوريين، وشاركت فيها بعض القوى
السياسية وحتى الأهلية، تعرّض اللاجئون لحملةٍ من نوع آخر لا تقل خطورةً، قام بها الإعلام المصنّف في لبنان على قائمة الإعلام المقاوم والممانع، عندما راح يمعن في رسم صورة مشوّهة وسلبية عن اللاجئين، ويدّعي أنهم المحرّض والمحضن الذي يخرج منه من يصفهم بـ "الإرهابيين" الذين، وفق روايته، يستهدفون الداخل اللبناني بأعمال التفجير و"الارهاب"، في حملةٍ لا تقل خطورة من عنصرية آخرين، عندما أراد هذا الإعلام شيطنة هذا اللجوء، كمقدمة لضربه واستهدافه من جملة ما تسمّى الحرب على "الإرهاب"، بينما أكد وزراء في الحكومة اللبنانية الحالية (وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والشؤون الاجتماعية رشيد درباس) أنه لم يثبت أن اللاجئين السوريين تورّطوا، حتى الآن، بأي عمل إرهابي في لبنان.
الاستمرار في اعتماد هذا النهج العنصري في التعامل مع اللاجئين السوريين، وقبلهم مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن خلفيةٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ بات مكشوفاً، وبات يشكّل خطراً على لبنان يتعاظم يوماً بعد يوم، خصوصاً في ظل الانقسام اللبناني حيال ثورة الشعب السوري، وتالياً حيال أزمة اللاجئين، فإما أن يتم تدارك مخاطر هذا النهج، وبالتالي، يتم الرجوع عنه، أو سيأخذ الشرخ اللبناني في الاتساع بين مكوّنات البلد الواحد، مع ما يعنيه ذلك، بالطبع، من مخاطر على البلد، وعلى صيغته الفريدة التي طالما تغنّى بها اللبنانيون.
كأن اللاجئين السوريين لا يكفيهم تورّط بعض اللبنانيين بتدمير بلدهم وقراهم وبيوتهم، وتهجيرهم داخل سورية وخارجها، بل وقتلهم بطرق سريعة من خلال كتل النار التي تلقى على أبنائهم داخل المدارس أو المشافي، أو حتى دور الحضانة، أو بطرق بطيئة بمحاصرتهم وتجويعهم أو تشريدهم عبر البحار، حتى يقضوا بين الأمواج العاتية التي خطفت وتخطف أرواح الأطفال الغضّة والطريّة.
كأنه لا يكفيهم ذلك كله حتى يتم التعامل معهم بعنصرية واحتقار وعدم التزام أدنى المعايير الحقوقية والإنسانية، دونما رأفة أو شفقة أو رحمة. وهذه المرّة، ليس من خلال أجهزة الدولة التي مارست وتمارس بحقهم شتى أنواع التضييق والحصار، بل حتى من قوى سياسية وشرائح من المجتمع اللبناني، باتت لا تقيم وزناً لأي اعتبار قانوني أو إنساني أو حتى مصلحي.
قبل قرابة أسبوعين، خرج على اللبنانيين وزير خارجيتهم، جبران باسيل، في مؤتمر صحفي، كال فيه كل أنواع التهم للاجئين السوريين، وغمز من قناة اللاجئين الفلسطينيين ايضاً، محمّلاً هؤلاء مسؤولية تدهور الاقتصاد اللبناني، وفشل الحكومات في إيجاد الحلول للمشكلات الحياتية، فضلاً عن المشكلات الأمنية، وأزمة البطالة والتسيّب، وربما وصولاً إلى مسؤوليتهم عن الشغور في رئاسة الجمهورية (!). ودعا، في مؤتمره، إلى طردهم من القرى اللبنانية، وعدم فتح أبوابها لهم، وعدم إتاحة فرص العمل أمامهم، حتى في الأعمال التي امتهنوها على مرّ العصور، عندما كان لبنان وسورية يعيشان حالة طبيعية، كمهنة البناء والعمالة اليومية والعتالة وغيرها، وهي بالمناسبة مهن تحتاجها السوق اللبنانية، حتى بلغ به الأمر إلى الافصاح عن توجّه تياره السياسي الذي يرأسه بإخراج اللاجئين من البلدات التي يسيطر عليها، وقد لاقت هذه الدعوة وهذا التوجّه، وللأسف، تجاوباً من بعض البلديات التي عمدت إلى فرض نظام عدم التجوّل على اللاجئين داخل نطاقها البلدي، اعتباراً من الثامنة مساءً (غروب الشمس) حتى ساعات الصباح الأولى (الشروق) ثم مارست بحقهم شتى أنواع الابتزاز التعسفي المالي وغير المالي، وصولاً إلى حدود التعدّي على الكرامات، خصوصاً بعد التفجيرات في بلدة القاع الحدودية.
وفي مقابل الحملة التي شنّها باسيل وتيّاره على اللاجئين السوريين، وشاركت فيها بعض القوى
الاستمرار في اعتماد هذا النهج العنصري في التعامل مع اللاجئين السوريين، وقبلهم مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن خلفيةٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ بات مكشوفاً، وبات يشكّل خطراً على لبنان يتعاظم يوماً بعد يوم، خصوصاً في ظل الانقسام اللبناني حيال ثورة الشعب السوري، وتالياً حيال أزمة اللاجئين، فإما أن يتم تدارك مخاطر هذا النهج، وبالتالي، يتم الرجوع عنه، أو سيأخذ الشرخ اللبناني في الاتساع بين مكوّنات البلد الواحد، مع ما يعنيه ذلك، بالطبع، من مخاطر على البلد، وعلى صيغته الفريدة التي طالما تغنّى بها اللبنانيون.