07 نوفمبر 2024
جبهة فتح الشام هي جبهة النصرة
أصبحت جبهة النصرة جبهة فتح الشام، في تغيير قام به مجلس شورى الجبهة، أي المعصومين عن الخطأ والمفوضين لأنفسهم، ولم يمر التغيير من دون شكر تنظيم القاعدة ومباركة زعيمه أيمن الظواهري. وإذ كنا لا ننسى أن "داعش" أيضاً استقلت عن التنظيم لأسباب مختلفة، لكنها أصبحت أكثر تشدّداً واستباحة للبشر وفتكاً بالثورة السورية. وبسبب وجود داعش وسداً للذرائع الدولية! وبسبب ضغوط دول إقليمية ومطلعة بدقة على التنسيق الأميركي الروسي، والذي سيستهدف "النصرة" بالتحديد و"داعش"، فإن الانفكاك يصبح ضرورةً لإنقاذ فرع القاعدة هذا، ومن أجل تعزيز القاعدة الشعبية للنصرة، ورفع المسؤولية عنها في حال حدوث مجازر كبرى بحق المدنيين.
لم يبدل أبو محمد الجولاني شيئاً يُذكر، وقال بحماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه، واعتماد كل الوسائل الشرعية، أي أن الصراع مع النظام ما زال ينطلق من زوايا دينية، ومن أجل دولة إسلامية، ولا علاقة للجبهة "الجديدة" بأهداف الثورة السورية، أو بهموم الناس، ولا قيمة للإشارة في كلمته إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار لعامة الناس، فليس من شيءٍ يتحقق إلا ما تريده الجبهة.
إذاً تم التغيير الشكلي "الاسمي" لإفشال ذريعة التنسيق الأميركي الروسي، وقد أراد الجولاني الوحدة مع بقية الفصائل لتحرير سورية من النظام، لكن القيادة له بالتأكيد، وفي هذا لا معنى كبيراً للانفصال عن تنظيم القاعدة، وكل مؤسسي "النصرة" ما زالوا هم هم بمن فيهم الأجانب، أي الجهاديين المدربين ضمن تنظيم القاعدة. لو كان الجولاني يريد فعلاً توحيد الفصائل لاعتذر علناً عن تصفيته الفصائل العسكرية، ولأعاد السلاح إليها، وعن فرض سلطته، ولأعلن الإفراج عن المعتقلين في سجون جبهته، لكن ذلك كله لا أهمية له، ويصبح الكلام عن تحقيق الأمن والاستقرار مرتبطاً بمبايعة هذه الجبهة، ولا سيما أنه يعتمد "العمل على إقامة دين الله وشرعه"، أي وفقاً للشريعة الإسلامية، ووفقاً لفهمه الخاص.
إذاً استجابت "النصرة" للضغط الإقليمي عليها أخيراً، لكنها بقيت في إطار الممارسات نفسها.
يتجاوز التنسيق الأميركي الآن ذلك، ويأتي في إطار سحق كل التنظيمات التي لن توافق على الحل السياسي المستقبلي، وتمكين الروس في سورية، أي بدء المرحلة الانتقالية لاحقاً. في هذا الإطار، المطلوب من "النصرة"، أو "فتح الشام"، إجراء تعديلات كبيرة في مرجعيتها وأهدافها وكل توجهاتها، وهو ما هدفت إليه الدول الضاغطة. محاولات "النصرة" من قبل عقد اتفاق مع حزب الله والنظام بخصوص التبادل بين كفريا والفوعا والزبداني وعمليات تبادل الأسرى، ربما تدفع النقاش إلى أنها ليست متحجرةً، وترفض الحل السياسي. وهنا يفترض ألا ننسى أن "داعش" نفسه يتبادل النفط مع بقية المدن السورية، لكن ذلك لا يعني أن في مقدوره التغيير الكبير، وأن يصبح حركة سياسية؛ فالحركات الجهادية ومنها جبهة فتح الشام، تتناقض في كل رؤيتها وبرنامجها مع الحداثة، فكيف مع حلٍّ سياسي يحولها إلى حركة سياسية منظمة، وضمن القانون العام للبلاد، ويجبرها على الفصل بين الدعوي والسياسي.
لم يتقدّم الجولاني بكلمة واحدة تشير إلى قبوله مفردات الاعتراف بالآخر، وباستثناء كلام عمومي، كالوحدة مع بقية الفصائل وتحقيق الأمن، فليس من كلمةٍ عن التحول. في كل الأحوال، كان الرجل دقيقاً في سبب التحول، وهو سد الذرائع، وبالتالي، على العالم أن يسانده، ويرفض الحرب القادمة عليه. يبتز الجولاني بذلك بقية الفصائل والمعارضة والدول الإقليمية الداعمة له. ويكون الرد على الجولاني بجواب وحيد؛ ففي سورية صراع ضد النظام، ومن أجل دولة لكل السوريين، وكل رؤية لا تنطلق من هذه الحيثية هي ضد الثورة السورية، ولها مشروعها الخاص، وستلعب دوراً في تدمير أكثر مما دُمر وقتل أكثر مما قُتل، أي عليه أن يحلَّ جبهته، وليس شيئاً آخر.
لن يتغيّر، الآن، شيء من أفعال "النصرة"، فلن تعيد سلاحاً لأحد، ربما تنسحب من بعض المناطق. ربما تغيّر من أماكن وجودها، لكنها بالتأكيد لن توقف كل ممارساتها السابقة، وستظل معلنة الجهادية على بقية الفصائل "الصحوات برأيها"، وستدخل في تحالفاتٍ تعطي القيادة للجولاني. لم تفهم "النصرة" الدرس جيداً، وأن تراجع وجود القاعدة في أفغانستان والعراق واليمن لم يعلمها درساً مهماً عن ضرورة حل نفسها. ما زال الهدف من وجودها تهتيك البنى المجتمعية، بقصص الهوية والأصولية والطائفية والحروب اللامتناهية. وبالتالي، تشويه أهداف الثورة السورية في الحرية والعدالة الاجتماعية والانتقال بسورية نحو واقعٍ أفضل؛ قوتها الآن في سورية تغريها، كما الحال حينما كانت في العراق واليمن وأفغانستان.
وجدت "النصرة" أولاً لتخرب الثورة، وثانياً لتجتث من لم يستطع النظام قتله، وثالثاً هي ذريعة
لتحويل الضغط عن النظام إلى الثورة، وأنها مجموعات إرهابية. وبالتالي، إعلان الحرب على الإرهاب، كما فعلت أميركا وحلفها وكذلك روسيا، وهي راوية النظام للثورة منذ 2011، وكذلك لبعث الهويات الطائفية، أكثر مما بعثت خلال نظام "البعث" والسنوات المنصرمة.
سيقصف التنسيق الأميركي الروسي مواقعها، وربما لأول مرة بشكلٍ مُركزٍ وهدفاً فعلياً، ففي كل المرات السابقة، لم تستهدف، وكانت "النصرة" متروكةً لتخريب الثورة، كما كرّرنا، وربما للاستثمار فيها في مواجهة داعش! المعارضة بشكل خاص يجب أن ترفض إعلان التغيير، وذلك لا يقدّم ولا يؤخر، وألا تلعب مجدداً، وتثني على "النصرة" مثلاً؟ بل أن ترفضها وترفض خطوتها الأخيرة بشكل كامل، كما عليها رفض كل المجموعات الجهادية والأصولية، وليس فقط داعش؛ فالوضع في سورية أصبح محكوماً للتنسيق الأميركي الروسي، وأصبحت مصلحة الأتراك في إنهاء الجهادية كذلك، ولا سيما أن تركيا تعرّضت لعملياتٍ إرهابية من داعش، وتريد تمتين العلاقات مع روسيا وإسرائيل خصوصاً؛ الفصائل المحلية بين نيران الكل، وليست في موقع يسمح لها بمعاداة "النصرة" ولا سيما في حلب، لكنها كذلك معنية برفض الوحدة معها أو حتى التنسيق، وبرفض التغيير الشكلي، وإعلان موقف واضح أن خطوة "النصرة" غير كافية، وأن كل الوضع الإقليمي والدولي يقول بضرورة أن تحلّ نفسها، وتتوقف عن تخريب الثورة أو الخروج من سورية خياراً كذلك.
من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، والمقصد واحد، تخريب الثورة وتخريب أي حل سياسي ممكن في سورية.
لم يبدل أبو محمد الجولاني شيئاً يُذكر، وقال بحماية الجهاد الشامي والاستمرار فيه، واعتماد كل الوسائل الشرعية، أي أن الصراع مع النظام ما زال ينطلق من زوايا دينية، ومن أجل دولة إسلامية، ولا علاقة للجبهة "الجديدة" بأهداف الثورة السورية، أو بهموم الناس، ولا قيمة للإشارة في كلمته إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار لعامة الناس، فليس من شيءٍ يتحقق إلا ما تريده الجبهة.
إذاً تم التغيير الشكلي "الاسمي" لإفشال ذريعة التنسيق الأميركي الروسي، وقد أراد الجولاني الوحدة مع بقية الفصائل لتحرير سورية من النظام، لكن القيادة له بالتأكيد، وفي هذا لا معنى كبيراً للانفصال عن تنظيم القاعدة، وكل مؤسسي "النصرة" ما زالوا هم هم بمن فيهم الأجانب، أي الجهاديين المدربين ضمن تنظيم القاعدة. لو كان الجولاني يريد فعلاً توحيد الفصائل لاعتذر علناً عن تصفيته الفصائل العسكرية، ولأعاد السلاح إليها، وعن فرض سلطته، ولأعلن الإفراج عن المعتقلين في سجون جبهته، لكن ذلك كله لا أهمية له، ويصبح الكلام عن تحقيق الأمن والاستقرار مرتبطاً بمبايعة هذه الجبهة، ولا سيما أنه يعتمد "العمل على إقامة دين الله وشرعه"، أي وفقاً للشريعة الإسلامية، ووفقاً لفهمه الخاص.
إذاً استجابت "النصرة" للضغط الإقليمي عليها أخيراً، لكنها بقيت في إطار الممارسات نفسها.
لم يتقدّم الجولاني بكلمة واحدة تشير إلى قبوله مفردات الاعتراف بالآخر، وباستثناء كلام عمومي، كالوحدة مع بقية الفصائل وتحقيق الأمن، فليس من كلمةٍ عن التحول. في كل الأحوال، كان الرجل دقيقاً في سبب التحول، وهو سد الذرائع، وبالتالي، على العالم أن يسانده، ويرفض الحرب القادمة عليه. يبتز الجولاني بذلك بقية الفصائل والمعارضة والدول الإقليمية الداعمة له. ويكون الرد على الجولاني بجواب وحيد؛ ففي سورية صراع ضد النظام، ومن أجل دولة لكل السوريين، وكل رؤية لا تنطلق من هذه الحيثية هي ضد الثورة السورية، ولها مشروعها الخاص، وستلعب دوراً في تدمير أكثر مما دُمر وقتل أكثر مما قُتل، أي عليه أن يحلَّ جبهته، وليس شيئاً آخر.
لن يتغيّر، الآن، شيء من أفعال "النصرة"، فلن تعيد سلاحاً لأحد، ربما تنسحب من بعض المناطق. ربما تغيّر من أماكن وجودها، لكنها بالتأكيد لن توقف كل ممارساتها السابقة، وستظل معلنة الجهادية على بقية الفصائل "الصحوات برأيها"، وستدخل في تحالفاتٍ تعطي القيادة للجولاني. لم تفهم "النصرة" الدرس جيداً، وأن تراجع وجود القاعدة في أفغانستان والعراق واليمن لم يعلمها درساً مهماً عن ضرورة حل نفسها. ما زال الهدف من وجودها تهتيك البنى المجتمعية، بقصص الهوية والأصولية والطائفية والحروب اللامتناهية. وبالتالي، تشويه أهداف الثورة السورية في الحرية والعدالة الاجتماعية والانتقال بسورية نحو واقعٍ أفضل؛ قوتها الآن في سورية تغريها، كما الحال حينما كانت في العراق واليمن وأفغانستان.
وجدت "النصرة" أولاً لتخرب الثورة، وثانياً لتجتث من لم يستطع النظام قتله، وثالثاً هي ذريعة
سيقصف التنسيق الأميركي الروسي مواقعها، وربما لأول مرة بشكلٍ مُركزٍ وهدفاً فعلياً، ففي كل المرات السابقة، لم تستهدف، وكانت "النصرة" متروكةً لتخريب الثورة، كما كرّرنا، وربما للاستثمار فيها في مواجهة داعش! المعارضة بشكل خاص يجب أن ترفض إعلان التغيير، وذلك لا يقدّم ولا يؤخر، وألا تلعب مجدداً، وتثني على "النصرة" مثلاً؟ بل أن ترفضها وترفض خطوتها الأخيرة بشكل كامل، كما عليها رفض كل المجموعات الجهادية والأصولية، وليس فقط داعش؛ فالوضع في سورية أصبح محكوماً للتنسيق الأميركي الروسي، وأصبحت مصلحة الأتراك في إنهاء الجهادية كذلك، ولا سيما أن تركيا تعرّضت لعملياتٍ إرهابية من داعش، وتريد تمتين العلاقات مع روسيا وإسرائيل خصوصاً؛ الفصائل المحلية بين نيران الكل، وليست في موقع يسمح لها بمعاداة "النصرة" ولا سيما في حلب، لكنها كذلك معنية برفض الوحدة معها أو حتى التنسيق، وبرفض التغيير الشكلي، وإعلان موقف واضح أن خطوة "النصرة" غير كافية، وأن كل الوضع الإقليمي والدولي يقول بضرورة أن تحلّ نفسها، وتتوقف عن تخريب الثورة أو الخروج من سورية خياراً كذلك.
من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، والمقصد واحد، تخريب الثورة وتخريب أي حل سياسي ممكن في سورية.