17 يونيو 2018
وسائل للاستعمار
فرج كندى (ليبيا)
لا تخفى على أحد الوسائل والأساليب والأدوات التي يستخدمها المستعمر في القضاء على ثورات الشعوب، وإخماد صوتها المطالب بالحرية والاستقلال؛ فهي تظهر في أوضح صورها المتمثلة في استخدام القوة الوحشية المفرطة بأدواتها الشرسة المتمثلة في الطائرات والدبابات والمدفعية والرشاشات والقنابل والأسلحة الكيماوية؛ التي تحرمها القوانين والأنظمة والأعراف الدولية، وهذه أدوات مرئية واضحة.
إلا أنّ المستعمر، في أحيان كثيرة، يستخدم أسلحة أشد فتكا، ولا تقل خطورة وشراسة ووحشية من الأسلحة الظاهرة، وخطورتها تكمن في استمرارية آثارها سنوات طويلة، وتحقّق ما عجزت وأخفقت في تحقيقه الأسلحة التقليدية وبأقل تكلفة.
تعدّدت وتنوعت الصور والوسائل التي يتخذها الاستعمار كأدوات للقضاء على أصوات الشعوب وبث الفرقة بين مكونات المجتمع، واللعب على وتر التنوع العرقي واللغوي والجهوي والقبائلي، وهو ما يحتاج منّا إلى الوعي الكامل بحقيقة المستعمر وعلى دراية كاملة بجميع أدواته، سواء المحلية أو الخارجية ووسائله المعلنة والخفية؛ التي يستخدمها لتثبيت وجوده وتعزيز مكانته في البلاد المُستعمرة مع الأخذ في الاعتبار ما قاله الاستاذ، مالك بن نبي: "ولسنا نستطيع بكل أسف، وبتأثير أوضاعنا العقلية، أن نفهم عمل الاستعمار إلا حينما يثير ضجيجاً كضجيج الدبابة والمدفع والطائر، أما حين يكون من تدبير فنان أو عمل قارض فإنه يغيب عن وعينا لسبب واحد وهو أنه لا يثير ضجيجاً".
وتتجلى صورة أخرى لوسائل الاستعمار الخفية، استخدمها المستعمر الانجليزي في بلاد عربية أخرى، يرويها عميل المخابرات البريطانية في البلاد الإسلامية الجاسوس مستر همفر، في مذكّراته فقال: "وذات مرة، ذكرت لبعض رؤسائي في الوزارة (وزارة المستعمرات البريطانية) اختلاف السنة والشيعة، وقلت له: إنهم لو كانوا يفهمون الحياة لتركوا النزاع ووحدوا كلمتهم، فنهرني الرئيس، قائلاً: "الواجب عليك أن تزيد الفرقة لا أن تحاول جمع كلمة المسلمين".
هذا ما يوصي به الاستعمار عملاءه الذين يرسلهم إلى الدول التي يرغب في استعمارها، أو التي قام باحتلالها، ويريد أن يؤثر فيها ويقتل فيها فكرة الحرية أو الاستقلال، فيقوم ببث الفرقة بين مكوناتها وإشغالهم بنزاعات داخلية، تبعدهم عن التفكير أو السعي إلى التخلص من المستعمر، وهو ما أكد عليه سكرتير وزارة المستعمرات البريطانية العميل همفر، حين قال إنّ السكرتير قال لي في إحدى الجلسات التي اجتمعت معه قبل سفري إلى العراق: أعلم يا همفر إنّ هناك نزاعات بين البشر منذ أن خلق الله هابيل وقابيل، وستبقى هذه النزاعات إلى أن يعود المسيح، ومهمتك في هذه السفرة أن تتعرّف على هذه النزاعات بين المسلمين، وتعرف البركان المستعد للانفجار فيها، وتزوّد الوزارة بالمعلومات الدقيقة حول ذلك، وأن تتمكن من تفجير النزاع.
هذه إحدى الوسائل الخفية المتفق عليها بين الدول الاستعمارية، لترويض الشعوب وتفكيكها لتكون طيعة، راضية، خانعة، تحت سيف المستعمر الذي يصادر الحريات، ويغتصب الثروات، ويفتت الأمم ويمزق الشعوب، ويستعدي بعضها على بعض.
تعدّدت أشكال الاستعمار وأنواعه ووسائله، وعلى الشعوب أن تكون على يقظة وشعور بأدوات الاستعمار الظاهرة والباطنة وما خفي منها كان أعظم وأشد فتكاً، ومع تعدّد المستعمر، النتيجة واحدة لأنّ الأهداف والوسائل متطابقة.
إلا أنّ المستعمر، في أحيان كثيرة، يستخدم أسلحة أشد فتكا، ولا تقل خطورة وشراسة ووحشية من الأسلحة الظاهرة، وخطورتها تكمن في استمرارية آثارها سنوات طويلة، وتحقّق ما عجزت وأخفقت في تحقيقه الأسلحة التقليدية وبأقل تكلفة.
تعدّدت وتنوعت الصور والوسائل التي يتخذها الاستعمار كأدوات للقضاء على أصوات الشعوب وبث الفرقة بين مكونات المجتمع، واللعب على وتر التنوع العرقي واللغوي والجهوي والقبائلي، وهو ما يحتاج منّا إلى الوعي الكامل بحقيقة المستعمر وعلى دراية كاملة بجميع أدواته، سواء المحلية أو الخارجية ووسائله المعلنة والخفية؛ التي يستخدمها لتثبيت وجوده وتعزيز مكانته في البلاد المُستعمرة مع الأخذ في الاعتبار ما قاله الاستاذ، مالك بن نبي: "ولسنا نستطيع بكل أسف، وبتأثير أوضاعنا العقلية، أن نفهم عمل الاستعمار إلا حينما يثير ضجيجاً كضجيج الدبابة والمدفع والطائر، أما حين يكون من تدبير فنان أو عمل قارض فإنه يغيب عن وعينا لسبب واحد وهو أنه لا يثير ضجيجاً".
وتتجلى صورة أخرى لوسائل الاستعمار الخفية، استخدمها المستعمر الانجليزي في بلاد عربية أخرى، يرويها عميل المخابرات البريطانية في البلاد الإسلامية الجاسوس مستر همفر، في مذكّراته فقال: "وذات مرة، ذكرت لبعض رؤسائي في الوزارة (وزارة المستعمرات البريطانية) اختلاف السنة والشيعة، وقلت له: إنهم لو كانوا يفهمون الحياة لتركوا النزاع ووحدوا كلمتهم، فنهرني الرئيس، قائلاً: "الواجب عليك أن تزيد الفرقة لا أن تحاول جمع كلمة المسلمين".
هذا ما يوصي به الاستعمار عملاءه الذين يرسلهم إلى الدول التي يرغب في استعمارها، أو التي قام باحتلالها، ويريد أن يؤثر فيها ويقتل فيها فكرة الحرية أو الاستقلال، فيقوم ببث الفرقة بين مكوناتها وإشغالهم بنزاعات داخلية، تبعدهم عن التفكير أو السعي إلى التخلص من المستعمر، وهو ما أكد عليه سكرتير وزارة المستعمرات البريطانية العميل همفر، حين قال إنّ السكرتير قال لي في إحدى الجلسات التي اجتمعت معه قبل سفري إلى العراق: أعلم يا همفر إنّ هناك نزاعات بين البشر منذ أن خلق الله هابيل وقابيل، وستبقى هذه النزاعات إلى أن يعود المسيح، ومهمتك في هذه السفرة أن تتعرّف على هذه النزاعات بين المسلمين، وتعرف البركان المستعد للانفجار فيها، وتزوّد الوزارة بالمعلومات الدقيقة حول ذلك، وأن تتمكن من تفجير النزاع.
هذه إحدى الوسائل الخفية المتفق عليها بين الدول الاستعمارية، لترويض الشعوب وتفكيكها لتكون طيعة، راضية، خانعة، تحت سيف المستعمر الذي يصادر الحريات، ويغتصب الثروات، ويفتت الأمم ويمزق الشعوب، ويستعدي بعضها على بعض.
تعدّدت أشكال الاستعمار وأنواعه ووسائله، وعلى الشعوب أن تكون على يقظة وشعور بأدوات الاستعمار الظاهرة والباطنة وما خفي منها كان أعظم وأشد فتكاً، ومع تعدّد المستعمر، النتيجة واحدة لأنّ الأهداف والوسائل متطابقة.
مقالات أخرى
08 يناير 2016
02 ديسمبر 2015
24 يونيو 2015