03 نوفمبر 2024
سورية.. تسويات منتظرة
تأخذ الحرب السورية مظهراً مختلفاً مع دخول قوات سورية الديمقراطية إلى كل أرجاء الرقة، وإعلان المدينة خالية من تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي يعني أن الحكم المحلي في "روج آفا" (منطقة الإدارة الذاتية التي شكلها الكرد في شمال سورية) قد توسّع بصورة درامية، ليشمل مناطق واسعة من الشرق السوري، ولو أنه ما زال يحترم الفاصل الطبيعي الذي تشكله مياه الفرات.
تَرَافَقَ الإعلان مع نشاطاتٍ قوميةٍ، لا تعكس الاسم الرسمي لقوات سورية الديمقراطية، فهي تجتاح المناطق، ولا ترفع رايةً ترمز بوضوح إلى سورية متصلة كما تركها الفرنسيون عام 1945، ويبدو وجود العنصر العربي ضمن هذه القوات خجولاً، وكأنه ضيف شرف غير قادر على الإفصاح عن وجوده براية، أو حتى بأغنية قصيرة. أتم هذا الفصيل عمليات إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة بنجاح، وأذاع على الإعلام صور جنوده تجوس بفرح بين خرائبها دلالةً على النصر. لم تُخْف هذه القوات مرجعيتها الإثنية، وإن تحدثت بالعربية أحياناً في مؤتمراتها الصحفية، ومن غير الواضح ما هي خططها لحكم الأراضي التي في يدها، لكن المؤكّد أنها تسيطر على معظم الشرق السوري، وفي حوزتها مفتاح أساسي من مفاتيح الحل.
المشهد المتغير الآخر من الحرب غير بعيد عن الرقة، وهو دخول قوات النظام إلى الميادين، آخر المعاقل الكبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية، وتواتر تقدّم هذه القوات السريع وحرصها على التمدّد في أوسع مساحة ممكنة، وهدفها المقروء هو الوصول إلى الحدود العراقية وملاقاة الحشد الشعبي، الذي يتقدم، هو الآخر، بسرعته القصوى.
الحملة على الرقة التي قادتها قوات سورية الديمقراطية بدعم كبير من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، والحملة على دير الزور التي قامت بها قوات النظام ومليشيات متحالفة معه، بدأتا منفصلتين، وتحركتا على محاور متباعدة، قارب بينهما الانهيار السريع لتنظيم الدولة الإسلامية، فأصبحتا الآن على مشارف الالتقاء، وقد حصلت بوادر من هذا الالتقاء في دير الزور، عندما عبرت قوات النظام إلى الضفة الشرقية على هيئة تحدٍ واضح، لم يتم الرد عليه، في ظل تحفظ قوات سورية الديمقراطية التي تتحرّك نحو مواقع اقتصادية، كحقول البترول والغاز القريبة ومراكز التحكّم بها.
يتصدّر المشهد في شرق سورية وجزيرتها العليا عناوين التحرير، وتبدو صور المدن المدمرة خلفيةً حزينة لهذه الانتصارات، فالإحصائيات تتحدث عن نسب مهولة تفوق 70% لدمار مدينة الرقة، ولا تتوفر إحصائياتٌ عن دمار دير الزور والميادين، ولكن سمعة جيش النظام وشراسة تنظيم الدولة الإسلامية تجعلنا قادرين على تقدير النسبة المشابهة تقريباً للنسب المعلنة في الرقة.
يمكن أن يحترم الطرفان اللذان يتسيدان مشهد سورية الشرقية الآن خطوط تماسهما، في انتظار الدعوات إلى مؤتمر حميميم الذي يكثر الحديث عنه، حتى يكاد يصبح واقعاً مقبولاً، في ظل التقارب السعودي الروسي، لكن الدعم الأميركي للكرد لن يكون بلا حدود، فهو محكومٌ بالحرب على الإرهاب ووجود "داعش"، وبالعلاقة المتأزمة مع تركيا التي يحاول الجانب الأميركي إيجاد مخرج لها. ويبدو للطموح الكردي محدّدات أميركية، فقد شاهدنا كيف وقفت البعثات العسكرية الأميركية تتفرج على اجتياح الجيش العراقي لكركوك، مع المطالبات فقط بضبط النفس. هذا لم يمنع الرئيس دونالد ترامب من الإشادة بالانتصارات في الرقة عبر بيان للبيت الأبيض، ولكنه، في الوقت نفسه، أعلن عن مرحلة جديدة في سورية، أكد فيها على دور الشركاء والحلفاء، من دون أن يسمي أحداً منهم.
على هذه الخلفيات التي أريد فيها لبعض الأطراف أن تظهر منتصرة، وإنْ على جثث المدن المدمرة، تدق طبول التسويات، وفي أذهان الجميع رواسب إعلامية وسياسية عن سورية المفيدة وسورية الأكثر إفادة وسورية الفدراليات والحكومات المحلية، بعد أن تبعثرت سورية "سايكس بيكو" بالفعل إلى نثار طائفي وقومي وتقاطعات مصالح، تشكل تعقيداً سيكون حاضراً في أي حوار، عقد في أستانة أو جنيف أو حتى في حميميم.
تَرَافَقَ الإعلان مع نشاطاتٍ قوميةٍ، لا تعكس الاسم الرسمي لقوات سورية الديمقراطية، فهي تجتاح المناطق، ولا ترفع رايةً ترمز بوضوح إلى سورية متصلة كما تركها الفرنسيون عام 1945، ويبدو وجود العنصر العربي ضمن هذه القوات خجولاً، وكأنه ضيف شرف غير قادر على الإفصاح عن وجوده براية، أو حتى بأغنية قصيرة. أتم هذا الفصيل عمليات إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة بنجاح، وأذاع على الإعلام صور جنوده تجوس بفرح بين خرائبها دلالةً على النصر. لم تُخْف هذه القوات مرجعيتها الإثنية، وإن تحدثت بالعربية أحياناً في مؤتمراتها الصحفية، ومن غير الواضح ما هي خططها لحكم الأراضي التي في يدها، لكن المؤكّد أنها تسيطر على معظم الشرق السوري، وفي حوزتها مفتاح أساسي من مفاتيح الحل.
المشهد المتغير الآخر من الحرب غير بعيد عن الرقة، وهو دخول قوات النظام إلى الميادين، آخر المعاقل الكبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية، وتواتر تقدّم هذه القوات السريع وحرصها على التمدّد في أوسع مساحة ممكنة، وهدفها المقروء هو الوصول إلى الحدود العراقية وملاقاة الحشد الشعبي، الذي يتقدم، هو الآخر، بسرعته القصوى.
الحملة على الرقة التي قادتها قوات سورية الديمقراطية بدعم كبير من الولايات المتحدة والتحالف الدولي، والحملة على دير الزور التي قامت بها قوات النظام ومليشيات متحالفة معه، بدأتا منفصلتين، وتحركتا على محاور متباعدة، قارب بينهما الانهيار السريع لتنظيم الدولة الإسلامية، فأصبحتا الآن على مشارف الالتقاء، وقد حصلت بوادر من هذا الالتقاء في دير الزور، عندما عبرت قوات النظام إلى الضفة الشرقية على هيئة تحدٍ واضح، لم يتم الرد عليه، في ظل تحفظ قوات سورية الديمقراطية التي تتحرّك نحو مواقع اقتصادية، كحقول البترول والغاز القريبة ومراكز التحكّم بها.
يتصدّر المشهد في شرق سورية وجزيرتها العليا عناوين التحرير، وتبدو صور المدن المدمرة خلفيةً حزينة لهذه الانتصارات، فالإحصائيات تتحدث عن نسب مهولة تفوق 70% لدمار مدينة الرقة، ولا تتوفر إحصائياتٌ عن دمار دير الزور والميادين، ولكن سمعة جيش النظام وشراسة تنظيم الدولة الإسلامية تجعلنا قادرين على تقدير النسبة المشابهة تقريباً للنسب المعلنة في الرقة.
يمكن أن يحترم الطرفان اللذان يتسيدان مشهد سورية الشرقية الآن خطوط تماسهما، في انتظار الدعوات إلى مؤتمر حميميم الذي يكثر الحديث عنه، حتى يكاد يصبح واقعاً مقبولاً، في ظل التقارب السعودي الروسي، لكن الدعم الأميركي للكرد لن يكون بلا حدود، فهو محكومٌ بالحرب على الإرهاب ووجود "داعش"، وبالعلاقة المتأزمة مع تركيا التي يحاول الجانب الأميركي إيجاد مخرج لها. ويبدو للطموح الكردي محدّدات أميركية، فقد شاهدنا كيف وقفت البعثات العسكرية الأميركية تتفرج على اجتياح الجيش العراقي لكركوك، مع المطالبات فقط بضبط النفس. هذا لم يمنع الرئيس دونالد ترامب من الإشادة بالانتصارات في الرقة عبر بيان للبيت الأبيض، ولكنه، في الوقت نفسه، أعلن عن مرحلة جديدة في سورية، أكد فيها على دور الشركاء والحلفاء، من دون أن يسمي أحداً منهم.
على هذه الخلفيات التي أريد فيها لبعض الأطراف أن تظهر منتصرة، وإنْ على جثث المدن المدمرة، تدق طبول التسويات، وفي أذهان الجميع رواسب إعلامية وسياسية عن سورية المفيدة وسورية الأكثر إفادة وسورية الفدراليات والحكومات المحلية، بعد أن تبعثرت سورية "سايكس بيكو" بالفعل إلى نثار طائفي وقومي وتقاطعات مصالح، تشكل تعقيداً سيكون حاضراً في أي حوار، عقد في أستانة أو جنيف أو حتى في حميميم.