03 نوفمبر 2024
سورية في مهب الاتفاقيات
أضحت الأخبار القادمة من شرق سورية قليلة جداً، فالجيوب المتناثرة التي بات تنظيم الدولة الإسلامية ينكمش فيها لا تحمل أسماء مدن شهيرة. وبدلاً عن ذلك، قفزت إلى صدر نشرات الأخبار صورةُ الرازحين تحت نيران القنابل في ريف إدلب، وأخبار الجوعى بسبب الحصار المفروض في ريف دمشق.
أما الخبر الأبرز فهو الاتفاق الروسي الأميركي الذي يوحي بأن الجانبين تأكّدا بصورة قاطعة أنهما أصبحا على مسافة أمان كافية من تنظيم الدولة الإسلامية، ويحق لهما التمتع بترف الانتصار، وتوقيع اتفاق يحسم المرحلة التالية. وهذه هي سيطرة لجيش النظام على جزء كبير من سورية، برعاية روسية في بعض الأماكن، وإيرانية في أماكن أخرى، مع وجود أميركي جدير بالاعتبار في مناطق كردية، تشمل الرقة وجزءاً كبيراً من ريف دير الزور الشمالي والشرقي. ومن جانب آخر، تمكّنت مليشات حزب الله والحشد الشعبي من الالتقاء والمصافحة في مدينة البوكمال الحدودية. في ظل هذا المشهد، وُقِّعَ اتفاق من ثلاث نقاط، يلخص الخطوات القادمة ويرسم ملامح سورية. وليس هذا الاتفاق هو الأول، فقد تم التوافق فيما سبق بين أطراف أخرى على بنود مختلفة، لكن هذا الاتفاق يأتي نهاية مرحلة، تتوج بتوقيع وثيقة نصرٍ على التنظيم الإسلامي المتطرّف.
نقاط الاتفاق الثلاث تقول بعدم وجود حل عسكري، وتؤكد على وحدة سورية وسيادتها، وتشير إلى متابعة عملية جنيف، وهي عناوين عريضة جداً تستوعب متغيراتٍ لا تُحصى، وبحاجة إلى الدخول في تفصيلات كل بند، وخصوصا قرار مجلس الأمن 2254 الذي يحمل أكثر من شيطان في داخله، ويمكن أن يأخذه أي طرفٍ رهينةً معه، ومهما كان تفسير هذا القرار فمعطيات الأرض الحالية لا بد أن تؤخذ بالاعتبار مع كل المتغيرات المصاحبة لها، وما تركه تنظيم الدولة الإسلامية وراءه من بقاع خالية، بإمكان الحكومة العراقية ونظام الأسد أن يملأا هذا الفراغ، وهو فراغ أمني بحاجة إلى عدد كبير من العناصر والمعدات العسكرية، ويشكل تحدياً ينذر بعودة التنظيم مرة أخرى للظهور وبطريقة أكثر تطوراً.
والسؤال: أين سيتكرس الحل المفترض؟ في جنيف حيث دعا المسؤول الأممي عن الملف السوري، ستيفان دي مستورا، إلى جولة جديدة هناك؟ أم في سوتشي، حيث تصر روسيا على عقد مؤتمر موازٍ، وترغب أن يكون موسعاً جداً؟ قد يبدو المكان تفصيلاً غير مهم، لكنه في الواقع بيت القصيد الذي يرغب الجانب الروسي أن ينشده، ليخرج الحل المنشود حسب الرؤية الروسية، وقد أنفق هذا الجانب حتى الآن من رصيده السياسي أحد عشر "فيتو" في فترة قصيرة، وهو ثمنٌ سياسي باهظ، فضلاً عن حملات القصف الجوي الطويلة وعشرات الجنود الروس القتلى في ساحات المعارك.
لم تستطع روسيا حتى الآن إحكام قبضتها على الجغرافيا السورية، فهي تأخذ ما يسمح لها الجانب الأميركي بأخذه. والملاحظ أن أميركا لا تبدو راغبةً بأكثر من حليف محلي صغير (يمثله الكرد) يمكنها أن تكبح طموحه، ويؤمن لها مطاراً تستطيع أن تقلع منه طائراتها، ويعوّضها عن قاعدة جوية في "إنجرليك"، يمكن لتركيا أن تغلقها في أي وقت، وعن الحاجة إلى قوات الناتو التي تشاركها فيها.
"حفلة الهجوم على المكاسب" هي عنوان المؤتمر المقبل، ما يعني أنه سيشهد توزيع جوائز ترضية، ولا توجد جائزة كبرى لأي طرف، وهذا سيؤمن تسويةً مؤقتةً قد تطول وقد تقصر، وليس قاعدة مستقرةً يمكن الانطلاق منها إلى ملف الإعمار، وهو طموح من نوع آخر، يجب أن نتحدث قبله عن تفريغ سجون الأسد من المعارضين ومعتقلي الرأي، وهي ورقة يحتفظ بها النظام. لذلك، المؤتمر كله، وبغض النظر عن مكان انعقاده، سيشكل محطة انتظار حتى ظهور متغيرات جديدة، قد يكون تَشَكُّل تنظيم متطرف جديد وانتشاره أحدها.
أما الخبر الأبرز فهو الاتفاق الروسي الأميركي الذي يوحي بأن الجانبين تأكّدا بصورة قاطعة أنهما أصبحا على مسافة أمان كافية من تنظيم الدولة الإسلامية، ويحق لهما التمتع بترف الانتصار، وتوقيع اتفاق يحسم المرحلة التالية. وهذه هي سيطرة لجيش النظام على جزء كبير من سورية، برعاية روسية في بعض الأماكن، وإيرانية في أماكن أخرى، مع وجود أميركي جدير بالاعتبار في مناطق كردية، تشمل الرقة وجزءاً كبيراً من ريف دير الزور الشمالي والشرقي. ومن جانب آخر، تمكّنت مليشات حزب الله والحشد الشعبي من الالتقاء والمصافحة في مدينة البوكمال الحدودية. في ظل هذا المشهد، وُقِّعَ اتفاق من ثلاث نقاط، يلخص الخطوات القادمة ويرسم ملامح سورية. وليس هذا الاتفاق هو الأول، فقد تم التوافق فيما سبق بين أطراف أخرى على بنود مختلفة، لكن هذا الاتفاق يأتي نهاية مرحلة، تتوج بتوقيع وثيقة نصرٍ على التنظيم الإسلامي المتطرّف.
نقاط الاتفاق الثلاث تقول بعدم وجود حل عسكري، وتؤكد على وحدة سورية وسيادتها، وتشير إلى متابعة عملية جنيف، وهي عناوين عريضة جداً تستوعب متغيراتٍ لا تُحصى، وبحاجة إلى الدخول في تفصيلات كل بند، وخصوصا قرار مجلس الأمن 2254 الذي يحمل أكثر من شيطان في داخله، ويمكن أن يأخذه أي طرفٍ رهينةً معه، ومهما كان تفسير هذا القرار فمعطيات الأرض الحالية لا بد أن تؤخذ بالاعتبار مع كل المتغيرات المصاحبة لها، وما تركه تنظيم الدولة الإسلامية وراءه من بقاع خالية، بإمكان الحكومة العراقية ونظام الأسد أن يملأا هذا الفراغ، وهو فراغ أمني بحاجة إلى عدد كبير من العناصر والمعدات العسكرية، ويشكل تحدياً ينذر بعودة التنظيم مرة أخرى للظهور وبطريقة أكثر تطوراً.
والسؤال: أين سيتكرس الحل المفترض؟ في جنيف حيث دعا المسؤول الأممي عن الملف السوري، ستيفان دي مستورا، إلى جولة جديدة هناك؟ أم في سوتشي، حيث تصر روسيا على عقد مؤتمر موازٍ، وترغب أن يكون موسعاً جداً؟ قد يبدو المكان تفصيلاً غير مهم، لكنه في الواقع بيت القصيد الذي يرغب الجانب الروسي أن ينشده، ليخرج الحل المنشود حسب الرؤية الروسية، وقد أنفق هذا الجانب حتى الآن من رصيده السياسي أحد عشر "فيتو" في فترة قصيرة، وهو ثمنٌ سياسي باهظ، فضلاً عن حملات القصف الجوي الطويلة وعشرات الجنود الروس القتلى في ساحات المعارك.
لم تستطع روسيا حتى الآن إحكام قبضتها على الجغرافيا السورية، فهي تأخذ ما يسمح لها الجانب الأميركي بأخذه. والملاحظ أن أميركا لا تبدو راغبةً بأكثر من حليف محلي صغير (يمثله الكرد) يمكنها أن تكبح طموحه، ويؤمن لها مطاراً تستطيع أن تقلع منه طائراتها، ويعوّضها عن قاعدة جوية في "إنجرليك"، يمكن لتركيا أن تغلقها في أي وقت، وعن الحاجة إلى قوات الناتو التي تشاركها فيها.
"حفلة الهجوم على المكاسب" هي عنوان المؤتمر المقبل، ما يعني أنه سيشهد توزيع جوائز ترضية، ولا توجد جائزة كبرى لأي طرف، وهذا سيؤمن تسويةً مؤقتةً قد تطول وقد تقصر، وليس قاعدة مستقرةً يمكن الانطلاق منها إلى ملف الإعمار، وهو طموح من نوع آخر، يجب أن نتحدث قبله عن تفريغ سجون الأسد من المعارضين ومعتقلي الرأي، وهي ورقة يحتفظ بها النظام. لذلك، المؤتمر كله، وبغض النظر عن مكان انعقاده، سيشكل محطة انتظار حتى ظهور متغيرات جديدة، قد يكون تَشَكُّل تنظيم متطرف جديد وانتشاره أحدها.