16 أكتوبر 2024
الفلسطينيون من المريخ!
أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية متطابقة جديدة بأن دولة الاحتلال شرعت أخيرًا باستخدام أمر عسكري، تم اعتماده عام 2003، ضد المستوطنين اليهود بالأساس، من أجل اقتلاع تجمعات سكنية فلسطينية في أراضٍ تقع في ما تسمى "المنطقة ج" في الضفة الغربية، بحجة أنها "من دون ترخيص"، كما حدث قبل أكثر من أسبوع في منطقتي القدس وغور الأردن.
وبموجب ما أكدت الصحافية عميره هس في صحيفة هآرتس، فإن استخدام هذا الأمر الذي استهدف حتى الآن بؤرًا استيطانية يهودية أقيمت بخلاف القانون تحت جنح الظلام، ضد تجمعات فلسطينية قديمة، يبرهن على أن جهود الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية والنيابة العسكرية الرامية إلى طرد فلسطينيين من أماكن سكناهم في "المنطقة ج" ارتقت درجاتٍ خطرة، ولا سيّمـا في مسعاها إلى تجنّب التصادم بحجر عثرة، يتمثل بإجراءات قانونية طويلة، وقد تكون مُمضّة، منصوص عليها في قوانين التنظيم والبناء.
ولعلّ الدلالة الأهم إشارة هس إلى أن ثمة خطابًا استيطانيًا صهيونيًا واضحًا، يكتنف الاستخدام الأوليّ لهذا الأمر ضد أهل فلسطين الأصليين. ويكمُن أيضًا في نظامٍ آخر يهدف إلى مصادرة ممتلكات منقولة، يجري تطبيقه بصورة كبيرة ضدهم. ومؤدى هذا الخطاب أن التجمعات الفلسطينية التي منعت دولة الاحتلال وتمنع تطورها الطبيعي، وتحول دون وصلها بالبنى التحتية، ليست أكثر من "بؤر"، سكّانها مُجرّد غزاة، جاءوا حديثًا، ومصيرها المحتوم الوحيد هو التدمير.
وليس أقل أهمية من ذلك كشف الصحافية الإسرائيلية أن الأمر العسكري المذكور عُدّل قبل عامين، بحيث بات يسري على الفلسطينيين، ويبدو أنه من الآن فصاعدًا سيُطبّق عليهم فقط.
وانعكس الخطاب الاستيطاني الصهيوني من خلال إعلان نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيلي بن دهان، في الكنيست (البرلمان) أن الفلسطينيين المنوي اقتلاعهم تحت وطأة هذا الأمر العسكري، "لم يكونوا في أي يوم هناك!". وعندما جابهه بعضٌ قليلٌ بأنهم كانوا هناك طوال الوقت، ولم يأتوا من المريخ مثلًا، قال بن دهان حرفيًا: "ربما أتوا من المريخ". وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تدفع أموالا لأشخاص بغية الخروج من داخل البلدات والسيطرة على أراض في "المنطقة ج"، "فقط من أجل تقليص سيادة إسرائيل على هذه المنطقة".
توضّح هذه الوقائع أن تغوّل المشروع الاستيطاني لدولة الاحتلال في ما تسمى "المنطقة ج" هو الضربة الاستباقية لأي جولة مفاوضاتٍ قد تدفع نحوها "خطة التسوية" التي تعكف الإدارة الأميركية الحالية على بلورتها. وهذا ما تُفصح عنه دراسة جديدة نشرها معهد القدس للدراسات الاستراتيجية الذي تأسّس حديثًا، وعرّف نفسه بأنه يتطلع إلى إفادة دولة الاحتلال "من طريق تعزيز الخطاب السياسي والأمني المُحافظ فيها، عبر الأبحاث والمؤتمرات، والتواصل مع أوساط حكومية وعسكرية وأكاديمية وإعلامية وجماهيرية". وفقًا للدراسة، وعنوانها "البناء الإسرائيلي في الضفة الغربية في مواجهة الاستيطان الفلسطيني الإستراتيجي"، وكتبها البروفسور هليل فريش، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الشرق أوسطية في جامعة بار إيلان، ثمّة "حاجة إلى البناء الإسرائيلي في الضفة، بغية التصدي لمحاولات السلطة الفلسطينية نزع الشرعية عن إسرائيل، وردًّا على الاستيطان الواسع الذي تنفذه هذه السلطة في مناطق ذات أهمية استراتيجية للأمن الإسرائيلي"! وبرأي كاتبها يجب أن يكون تجديد البناء الإسرائيلي في المناطق الحيوية لأمن إسرائيل، مثل منطقة القدس الكبرى وجنوب جبل الخليل، عنصرًا مُكمّلًا لسياسة إدارة الصراع التي نجحت في لجم "الإرهاب" وتحجيمه إلى مقاييس تستطيع إسرائيل تحملها، والتعايش معها، بل وتحقيق الازدهار، لكنها لا توفر ردًّا مطلوبًا على "موجة الاستيطان الفلسطيني ومخاطرها"!
من نافلة القول إن فائض القوة المُطلّ من وراء الحديث على رؤوس الأشهاد حول هذا التغوّل الاستيطاني، إنما يستمدّ بأسه من وجود إدارة أميركية لا تعترض على الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، بقدر ما يستمدّه من غيابٍ شبه تام للمقاومة الشعبية، ولعوامل الإسناد الخارجية، بما في ذلك المُفترض أن يوفّرها الأشقاء قبل الغرباء.
وبموجب ما أكدت الصحافية عميره هس في صحيفة هآرتس، فإن استخدام هذا الأمر الذي استهدف حتى الآن بؤرًا استيطانية يهودية أقيمت بخلاف القانون تحت جنح الظلام، ضد تجمعات فلسطينية قديمة، يبرهن على أن جهود الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية والنيابة العسكرية الرامية إلى طرد فلسطينيين من أماكن سكناهم في "المنطقة ج" ارتقت درجاتٍ خطرة، ولا سيّمـا في مسعاها إلى تجنّب التصادم بحجر عثرة، يتمثل بإجراءات قانونية طويلة، وقد تكون مُمضّة، منصوص عليها في قوانين التنظيم والبناء.
ولعلّ الدلالة الأهم إشارة هس إلى أن ثمة خطابًا استيطانيًا صهيونيًا واضحًا، يكتنف الاستخدام الأوليّ لهذا الأمر ضد أهل فلسطين الأصليين. ويكمُن أيضًا في نظامٍ آخر يهدف إلى مصادرة ممتلكات منقولة، يجري تطبيقه بصورة كبيرة ضدهم. ومؤدى هذا الخطاب أن التجمعات الفلسطينية التي منعت دولة الاحتلال وتمنع تطورها الطبيعي، وتحول دون وصلها بالبنى التحتية، ليست أكثر من "بؤر"، سكّانها مُجرّد غزاة، جاءوا حديثًا، ومصيرها المحتوم الوحيد هو التدمير.
وليس أقل أهمية من ذلك كشف الصحافية الإسرائيلية أن الأمر العسكري المذكور عُدّل قبل عامين، بحيث بات يسري على الفلسطينيين، ويبدو أنه من الآن فصاعدًا سيُطبّق عليهم فقط.
وانعكس الخطاب الاستيطاني الصهيوني من خلال إعلان نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، إيلي بن دهان، في الكنيست (البرلمان) أن الفلسطينيين المنوي اقتلاعهم تحت وطأة هذا الأمر العسكري، "لم يكونوا في أي يوم هناك!". وعندما جابهه بعضٌ قليلٌ بأنهم كانوا هناك طوال الوقت، ولم يأتوا من المريخ مثلًا، قال بن دهان حرفيًا: "ربما أتوا من المريخ". وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية تدفع أموالا لأشخاص بغية الخروج من داخل البلدات والسيطرة على أراض في "المنطقة ج"، "فقط من أجل تقليص سيادة إسرائيل على هذه المنطقة".
توضّح هذه الوقائع أن تغوّل المشروع الاستيطاني لدولة الاحتلال في ما تسمى "المنطقة ج" هو الضربة الاستباقية لأي جولة مفاوضاتٍ قد تدفع نحوها "خطة التسوية" التي تعكف الإدارة الأميركية الحالية على بلورتها. وهذا ما تُفصح عنه دراسة جديدة نشرها معهد القدس للدراسات الاستراتيجية الذي تأسّس حديثًا، وعرّف نفسه بأنه يتطلع إلى إفادة دولة الاحتلال "من طريق تعزيز الخطاب السياسي والأمني المُحافظ فيها، عبر الأبحاث والمؤتمرات، والتواصل مع أوساط حكومية وعسكرية وأكاديمية وإعلامية وجماهيرية". وفقًا للدراسة، وعنوانها "البناء الإسرائيلي في الضفة الغربية في مواجهة الاستيطان الفلسطيني الإستراتيجي"، وكتبها البروفسور هليل فريش، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الشرق أوسطية في جامعة بار إيلان، ثمّة "حاجة إلى البناء الإسرائيلي في الضفة، بغية التصدي لمحاولات السلطة الفلسطينية نزع الشرعية عن إسرائيل، وردًّا على الاستيطان الواسع الذي تنفذه هذه السلطة في مناطق ذات أهمية استراتيجية للأمن الإسرائيلي"! وبرأي كاتبها يجب أن يكون تجديد البناء الإسرائيلي في المناطق الحيوية لأمن إسرائيل، مثل منطقة القدس الكبرى وجنوب جبل الخليل، عنصرًا مُكمّلًا لسياسة إدارة الصراع التي نجحت في لجم "الإرهاب" وتحجيمه إلى مقاييس تستطيع إسرائيل تحملها، والتعايش معها، بل وتحقيق الازدهار، لكنها لا توفر ردًّا مطلوبًا على "موجة الاستيطان الفلسطيني ومخاطرها"!
من نافلة القول إن فائض القوة المُطلّ من وراء الحديث على رؤوس الأشهاد حول هذا التغوّل الاستيطاني، إنما يستمدّ بأسه من وجود إدارة أميركية لا تعترض على الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، بقدر ما يستمدّه من غيابٍ شبه تام للمقاومة الشعبية، ولعوامل الإسناد الخارجية، بما في ذلك المُفترض أن يوفّرها الأشقاء قبل الغرباء.