01 أكتوبر 2022
ترشّح شفيق.. البحث عن بضعة أنفاس
مفاجأة: نحن في 2017، وليس 2011 أو حتى 2013.. بتغير الزمن تتغير المعطيات السياسية، وبالتالي يمكن أن يتغير الخطاب والتوجهات، فلماذا يصمّم بعضهم على التحجّر في لحظةٍ انتهت منذ سنوات؟
أهمية أحمد شفيق مرشحا في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، أو من يشبهه كالفريق سامي عنان أو غيره، أن وجوده، بحد ذاته، يمنح فرصةً أفضل بكثير لمرشّح أقرب إلى ثورة يناير، سواء كان خالد علي أو غيره. بوجوده، لا يمكن التزوير "بنيويا"، بمعنى أنه لا يوجد دافع شخصي لكل ضابط وقاضٍ وموظف للتزوير، كما أنه يحظى بدعم مؤيدين داخل أجهزة الدولة وخارج مصر. بالتأكيد، من مصلحتنا انتخابات أكثر نزاهةً، ومن مصلحتنا وجود أكبر عدد من المندوبين على كل صندوق. وبوجود شفيق، تتوزع جهود الآلة الإعلامية والأمنية، بدلاً من التركيز على كسر مرشحنا وحده.
على جانب آخر، لن تسحب كتلة داعمي شفيق الرئيسية من كتلة أصوات الثورة، بل كتلة مؤيدي عبد الفتاح السيسي، ولا ننسى هنا أن الرجل حاز بالفعل على أصوات نصف المصريين المقترعين في انتخابات 2012، وهذا سبب إصابة النظام بالجنون، إلى حد أن يتدخل الداعم الإقليمي للنظام المصري، الإمارات، باحتجاز شفيق، في خطوةٍ شديدة الغرابة، وشديدة الإهانة لمصر كلها أيضاً: أن تحتجز دولة أجنبية رئيس وزراء مصريا سابقا بهذا الشكل.
لكل ما سبق، نزول شفيق الانتخابات الرئاسية سبب أدعى للمشاركة بأقصى قوة لدعم المرشح الأقرب لنا، مع أملٍ بانتخابات أكثر نزاهة. لكن في المقابل، إذا وصلنا إلى الجولة الثانية، وأصبحت الإعادة بين السيسي وشفيق أو من يشبهه، فخياري الشخصي المؤكد هو التصويت لشفيق.
لا منطق في تكرار "كلهم واحد"، فقد علمتنا تجاربنا أن تغيير منصب رئيس الدولة يعني دائماً تغييراً في الأوضاع حتى إلى الأسوأ. بالتأكيد عهد حسني مبارك ليس كعهد السيسي، كما أن العالم من حولنا شهد دولاً تدهورت بأضعاف أضعافنا، ما يعني أن بذل الجهد لمجرد منع مزيد من التدهور من دون تحسين أمرٌ يستحق المحاولة.
وعلى جانب آخر، تُظهر التجارب الدولية، خصوصا في أفريقيا وأميركا الجنوبية، نماذج متعددة لأنظمة عسكرية سقطت في انتخاباتٍ تم انتزاع نزاهتها شعبياً، والسيناريو المكرّر هو رجل دولة سابق يفوز بأول انتخابات، ولا يقوم بأي محاسبةٍ لرفاقه السابقين بطبيعة الحال، لكنه في المقابل يبدأ أولى خطوات التحوّل الديمقراطي، حتى لو لم يتعمد ذلك، في عمليةٍ قد تستغرق سنوات طويلة.
كان غابرييل فالديز، أول رئيس منتخب لتشيلي، وزيراً سابقاً في حكومة الحزب الديمقراطي المسيحي السابق لعهدي بينوشيه والليندي. وكذلك آدم بارو، الذي فاز برئاسة غامبيا العام الحالي، بعد ربع قرن من دكتاتورية سلفه، كان رجل أعمال معروفاً، وكذلك له علاقة قريبة بالزعيم التاريخي للبلاد بعد الاستقلال، داودا غاوارا.
وفي حالة تشيلي، لم تكن الحياه بالرومانسية التي يتصوّرها بعضهم، كأن هذا الاستفتاء أهداه الدكتاتور للنائمين كرماً منه، ولم يُنتزع انتزاعاً. وحتى بعد النتيجة، تمسّك بمقعده، ولم يرحل إلا بعد تفاوضٍ صعب، استغرق نحو عام، ليحظى باتفاقٍ يشمل دستورًا يضمن امتيازات الجيش، وتعيين بينوشيه مدى الحياة في مجلس الشيوخ ليحظى بحصانة أبدية! في غامبيا أيضا، رفض يحيي جامع أيضاً الإقرار بخسارته بعد ربع قرن من الحكم، وتحصّن بالجيش، وحاول الضغط على القضاة، ولم يرحل إلا بعد تلويح مجموعة غرب أفريقيا بالتدخل العسكري. وفي النهاية، خرج مع تعهدٍ بعدم ملاحقته مطلقًا، قبل أن يتوجه إلى المطار حاملاً 11 مليون دولار نقداً استولى عليها.
نحن الآن داخل بالوعة عملاقة للصرف. المياه العفنة تغمرنا تدريجياً، وكلما ظننا أنها ستتوقع لا تفعل. وصلت المياه إلى أنوفنا، وبدأنا نغرق بالفعل.. فجأةً، وجدنا حجراً سيرفعنا خمسة سنتيمترات فقط، هل نصعد عليه طمعاً في بضعة أنفاسٍ من الهواء قد تمنحنا الفرصة للعثور على حل للخروج من البالوعة، أم نركل الحجر، ونفضّل استكمال الغرق؟
أهمية أحمد شفيق مرشحا في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، أو من يشبهه كالفريق سامي عنان أو غيره، أن وجوده، بحد ذاته، يمنح فرصةً أفضل بكثير لمرشّح أقرب إلى ثورة يناير، سواء كان خالد علي أو غيره. بوجوده، لا يمكن التزوير "بنيويا"، بمعنى أنه لا يوجد دافع شخصي لكل ضابط وقاضٍ وموظف للتزوير، كما أنه يحظى بدعم مؤيدين داخل أجهزة الدولة وخارج مصر. بالتأكيد، من مصلحتنا انتخابات أكثر نزاهةً، ومن مصلحتنا وجود أكبر عدد من المندوبين على كل صندوق. وبوجود شفيق، تتوزع جهود الآلة الإعلامية والأمنية، بدلاً من التركيز على كسر مرشحنا وحده.
على جانب آخر، لن تسحب كتلة داعمي شفيق الرئيسية من كتلة أصوات الثورة، بل كتلة مؤيدي عبد الفتاح السيسي، ولا ننسى هنا أن الرجل حاز بالفعل على أصوات نصف المصريين المقترعين في انتخابات 2012، وهذا سبب إصابة النظام بالجنون، إلى حد أن يتدخل الداعم الإقليمي للنظام المصري، الإمارات، باحتجاز شفيق، في خطوةٍ شديدة الغرابة، وشديدة الإهانة لمصر كلها أيضاً: أن تحتجز دولة أجنبية رئيس وزراء مصريا سابقا بهذا الشكل.
لكل ما سبق، نزول شفيق الانتخابات الرئاسية سبب أدعى للمشاركة بأقصى قوة لدعم المرشح الأقرب لنا، مع أملٍ بانتخابات أكثر نزاهة. لكن في المقابل، إذا وصلنا إلى الجولة الثانية، وأصبحت الإعادة بين السيسي وشفيق أو من يشبهه، فخياري الشخصي المؤكد هو التصويت لشفيق.
لا منطق في تكرار "كلهم واحد"، فقد علمتنا تجاربنا أن تغيير منصب رئيس الدولة يعني دائماً تغييراً في الأوضاع حتى إلى الأسوأ. بالتأكيد عهد حسني مبارك ليس كعهد السيسي، كما أن العالم من حولنا شهد دولاً تدهورت بأضعاف أضعافنا، ما يعني أن بذل الجهد لمجرد منع مزيد من التدهور من دون تحسين أمرٌ يستحق المحاولة.
وعلى جانب آخر، تُظهر التجارب الدولية، خصوصا في أفريقيا وأميركا الجنوبية، نماذج متعددة لأنظمة عسكرية سقطت في انتخاباتٍ تم انتزاع نزاهتها شعبياً، والسيناريو المكرّر هو رجل دولة سابق يفوز بأول انتخابات، ولا يقوم بأي محاسبةٍ لرفاقه السابقين بطبيعة الحال، لكنه في المقابل يبدأ أولى خطوات التحوّل الديمقراطي، حتى لو لم يتعمد ذلك، في عمليةٍ قد تستغرق سنوات طويلة.
كان غابرييل فالديز، أول رئيس منتخب لتشيلي، وزيراً سابقاً في حكومة الحزب الديمقراطي المسيحي السابق لعهدي بينوشيه والليندي. وكذلك آدم بارو، الذي فاز برئاسة غامبيا العام الحالي، بعد ربع قرن من دكتاتورية سلفه، كان رجل أعمال معروفاً، وكذلك له علاقة قريبة بالزعيم التاريخي للبلاد بعد الاستقلال، داودا غاوارا.
وفي حالة تشيلي، لم تكن الحياه بالرومانسية التي يتصوّرها بعضهم، كأن هذا الاستفتاء أهداه الدكتاتور للنائمين كرماً منه، ولم يُنتزع انتزاعاً. وحتى بعد النتيجة، تمسّك بمقعده، ولم يرحل إلا بعد تفاوضٍ صعب، استغرق نحو عام، ليحظى باتفاقٍ يشمل دستورًا يضمن امتيازات الجيش، وتعيين بينوشيه مدى الحياة في مجلس الشيوخ ليحظى بحصانة أبدية! في غامبيا أيضا، رفض يحيي جامع أيضاً الإقرار بخسارته بعد ربع قرن من الحكم، وتحصّن بالجيش، وحاول الضغط على القضاة، ولم يرحل إلا بعد تلويح مجموعة غرب أفريقيا بالتدخل العسكري. وفي النهاية، خرج مع تعهدٍ بعدم ملاحقته مطلقًا، قبل أن يتوجه إلى المطار حاملاً 11 مليون دولار نقداً استولى عليها.
نحن الآن داخل بالوعة عملاقة للصرف. المياه العفنة تغمرنا تدريجياً، وكلما ظننا أنها ستتوقع لا تفعل. وصلت المياه إلى أنوفنا، وبدأنا نغرق بالفعل.. فجأةً، وجدنا حجراً سيرفعنا خمسة سنتيمترات فقط، هل نصعد عليه طمعاً في بضعة أنفاسٍ من الهواء قد تمنحنا الفرصة للعثور على حل للخروج من البالوعة، أم نركل الحجر، ونفضّل استكمال الغرق؟