07 ديسمبر 2023
الإخواني اليمني المحتار في أزمة الخليج
رد فعل حزب التجمع اليمني للإصلاح، أو جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، حيال الأزمة الأخيرة في الخليج لافت، فهو متناقض بشكل يعبر عن حيرة الحزب وتخبطه المستمر، في ظل موجةٍ إقليميةٍ كبيرة، تحاول اجتثاث كل ما يمت إلى جماعة الإخوان.
أخذت قيادة الحزب المقيمة في الرياض، وذات الارتباط القديم بالسعودية، موقف الحكومة الشرعية بالوقوف ضد قطر بطبيعة الحال، بينما اصطفت الكوادر في الاتجاه المعاكس، متحرّرة من ارتباطاتٍ تقليدية مع المملكة، بدأت منذ تمويلها المعاهد العلمية التي تأسست عام 1975 وأغلقت عام 2001، وكان نظام تعليم موازٍ للتعليم الرسمي في شمال اليمن، ثم اليمن كله، ويسيطر عليه "الإخوان المسلمون" بشكل كبير. إضافة إلى أن مؤسس الحزب، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ورئيسه حتى وفاته في العام 2007، كان أحد أهم مرتكزات النفوذ القبلي والسياسي للسعودية في اليمن. وكانت السعودية قد تخلت تقريبا عن الحزب، عندما تحمست لفكرة أن يدخل الحوثي صنعاء، لضرب جناحه العسكري، ممثلاُ بالفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر، وجامعة الإيمان برئاسة عبد المجيد الزنداني.
كان ذلك السيناريو المغامراتي قد تبنته الإمارات والسعودية في أثناء حصار الحوثيين صنعاء. وبعد جولات تفاوضٍ توسطت فيها سلطنة عمان بين جماعة الحوثي، وبمعنى أدقّ إيران، والحكومة اليمنية من جهة أخرى، وبينما تبنته الإمارات خياراً استراتيجيا دائما في عدائها "الإخوان المسلمين"، ففي الغالب اتخذته السعودية تكتيكا تأديبيا لهم، لمشاركتهم في ثورات الربيع العربي.
مع تحول المغامرة إلى كارثة كبرى، ولم ينجح أحد في كبح جماح الحوثي، أو فك ارتباطه بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومع تغير القيادة السعودية، وعودتها إلى تحالفاتها التقليدية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين لكي تواجه الحوثي، أصبح ما جرى في سبتمبر/ أيلول 2014 في أثناء اجتياح الحوثي صنعاء غيمة عابرة في العلاقات بين الطرفين.
اكتسبت قطر نفوذاً حديثاً في حزب الإصلاح، من خلال شبكتها الإعلامية. وفي المقابل، كان التحالف الذي شكلته السعودية لقتال الحوثي يضم الشريك الرئيسي فيه الإمارات التي صار أحد مهامها الرئيسية تحجيم دور "الإخوان المسلمين" في المعركة، وهم الذين آثروا عدم الانخراط فيها بكامل قدراتهم، على الرغم من بروز قياداتٍ مهمة فيهم، مثل نايف البكري في المقاومة في عدن أو حمود المخلافي في تعز ونايف الجماعي وغيرهم. وكان قرار عدم الانخراط في الحرب بشكل كامل، مع تخزين السلاح، توجها لدى حزب التجمع اليمني للإصلاح بسبب الرغبة الإماراتية، مع عدم وجود تطمينات له في مرحلة ما بعد الحرب، ومن ذلك عزل نايف البكري بعد تعيينه محافظاً لمدينة عدن، بتدخل إماراتي واضح. في المقابل، صار الحزب مؤثراً بشدة على قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهذا ما يظهر من التعيينات الوظيفية.
طبيعيٌّ أن أزمة تنظيم "الإخوان المسلمين" الإقليمية، والتوجه نحو اجتثاثه، يثير هلع أعضائه، وهذا رد الفعل الغالب لدى المتعصبين للسعودية أو قطر داخل الحزب، وهي أكبر أزمة إقليمية تهدد الجماعة، بعد عزل الرئيس محمد مرسي في مصر. بعد أن كان "الإصلاح"، في المرة السابقة، يمتلك قدراً من الاستقلالية، ساعده على اتخاذ موقف متجانس نسبياً، وهو رفض ما حدث في مصر، لكنه حاليا يشهد أزمته الجيلية التقليدية بين قيادةٍ لم تتغير منذ تأسيس الحزب عام 1990، وتجاوزته أحداث كبيرة أبرزها في 2011، غيّرت مفاهيم اللعبة السياسية، في وقتٍ لا تزال القيادة تحتفظ بالأدوات والمفاهيم نفسها.
بعد عزل مرسي، لم يحاول الحزب التقاط الحدث، بمراجعة سياسته، واتخاذ قراراتٍ جريئة، مثل حركة النهضة في تونس التي أخذت قرار التراجع. وتوقع كثيرون في اليمن أن يكون لحزب الإصلاح رد فعل مشابه، عوضاً عن التمدّد في الأرض، متقمصاً دور المظلومية، ضمن حالة تعاطف أيديولوجي مفهوم، نظراً لخبرة الحزب السياسية، وهو الذي لم يتعرّض للقمع، كما أن السياقات الاجتماعية في اليمن من قبيلة وأسرة كبيرة، وكذلك الفكر المحافظ، خففا كثيراً من الطبيعة التنظيمية المغلقة لجماعة الإخوان المسلمين، ما يجعلها تعاني من عزلة اجتماعية في بعض الدول العربية.
ما حدث أن حزب التجمع اليمني للإصلاح لم يتوقف قليلاً لمراجعة سياسته منذ عام 2011، وظل مصمماً على رفض سماع الانتقادات الموجهة ضده، ولم يقدم أي خطوات تطمينية بشأن كل ما يطلب منه، مثل مخاوف اليمنيين من طبيعية ارتباط الحزب بقيادة عسكرية، مثل علي محسن، في وقت يحتاج الناس لتقوية ثقتهم بالجيش إلى الاطمئنان أنه لا يتبع أيديولوجية معينة، ولا حاول تقليل مخاوف الناس بخصوص جامعة الإيمان، برئاسة عبد المجيد الزنداني، بتعليمها الديني المتطرّف، وارتباطاتها بالتيارات الجهادية والمعسكرات الموجودة داخلها. كما صمَّ
الحزب آذانه عن شكاوي الناس من أداء الحكومة، فيما يتجاوز تأثيره مجرد وزارتين، حيث يثقل على الحكومة تأثير رجل الأعمال الإصلاحي، الشيخ حميد الأحمر، على رئيس الوزراء.
لم يواجه الحزب مخاوف الآخرين، حتى جاءت ضربة 2014 التي قرّر فيها اتخاذ موقف الانحناء للعاصفة، لكن هذا لم يحمه، لأن العاصفة اجتاحت البلد بأكمله، وليس فقط الحزب. وهو، في هذه المرة، يحتاج لمواجهة مخاوفه الحقيقية من الاجتثاث حسب توجهات إقليمية، وكذلك وضعه الداخلي الصعب بين قمع الحوثي في الشمال وعدوانية الحراك وتحريضه في الجنوب. في المرة السابقة، لم يجدِ تودّد الحزب متأخراً للسعودية، لإنقاذه من الحوثي قبل دخول صنعاء. وهذه المرة أيضاً، لن ينجح موقف الحزب المتأرجح في بيئةٍ إقليميةٍ منقسمةٍ، انعكس انقسامها عليه.
ليس حزب الإصلاح مطالباً فقط بإعادة انتخاب قيادته العتيقة، ولا يكفي بيانه عن فك ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين، إذا لم ينعكس هذا على طبيعته التنظيمية المغلقة، والتي تقوم على تراتيبة تنظيمية ومفاهيم عسكرية وأمنية، تعتمد السرية ومفاهيم الطاعة. وهذا يخالف طبيعة الأحزاب التي تتطلب الانفتاح على الأفق الاجتماعي والسياسي الوطني الواسع.
يحتاج "الإصلاح" إعادة تعريف نفسه، إن كان حزباً سياسيا أم جماعة دعوية؟ وكيف هو موقفه، باعتباره حزبا مرجعيته دينية في زمن الدولة الوطنية ومرحلة صعود المذهبية، لأنه صار، في مسار الحرب، أقرب ما يكون إلى الجماعات الدينية السلفية الجهادية، متخلياً عن وضعه الحزبي الذي اكتسبه، وخبرته السياسية التي تراكمت بشكل معقول، في أثناء تشكيل تحالف أحزاب اللقاء المشترك الذي تشكل في العام 2003؟
يحتاج حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى إعادة النظر في أولوياته السياسية وطبيعة تحالفاته الداخلية، خصوصا مع الحزبين، الاشتراكي والناصري، لو أراد البقاء حالة سياسية، ومنع التلاشي في الحرب كما لو أنه ميلشيا دينية طائفية، فيما عدا ذلك فحزب الإصلاح في طريقه إلى أن يصبح، كما يُراد له، جماعة دينية عنيفة، مثل تنظيمي داعش والقاعدة، ولا تنفع هنا المبرّرات والمسارات التي أوصلت إلى هذه الحالة.
تعامي الحزب على خطورة وضعه يسير به إلى حتفه، وكذلك يصعب الأمور على الآخرين، فلا يمكن الانجرار بسذاجةٍ إلى دعاية أن جماعة الإخوان المسلمين مجرد جماعة إرهابية، ولا يمكن الركون، ببساطةٍ، لفكرة قبوله تياراً سياسياً عادياً، في ظل وجود طابع عقائدي وتنظيمي مغلق يحكمه.
يشكل حزب التجمع اليمني للإصلاح كتلةً بشريةً كبيرة، وقوة سياسية وعسكرية، من الصعب الاستهانة بها، ولا يمكن اجتثاثها من دون ارتدادات عكسية خطيرة، فالقوة لا تفنى، لكنها قد تتحول إلى العنف كلياً في رد فعل تلقائي للدفاع عن النفس.
باختصار، نتائج معادلة إقصاء هذه الكتلة البشرية والسياسية الضخمة كارثية، ومحاولة إشراك جماعة عقائدية وتنظيمية مغلقة في ظل هذه الحرب أمر صعب. ويمكن للحزب تفادي هذه الخيارات المرّة بمزيد من الانفتاح والمراجعة لسياسته وطبيعته وتكوينه التنظيمي.
أخذت قيادة الحزب المقيمة في الرياض، وذات الارتباط القديم بالسعودية، موقف الحكومة الشرعية بالوقوف ضد قطر بطبيعة الحال، بينما اصطفت الكوادر في الاتجاه المعاكس، متحرّرة من ارتباطاتٍ تقليدية مع المملكة، بدأت منذ تمويلها المعاهد العلمية التي تأسست عام 1975 وأغلقت عام 2001، وكان نظام تعليم موازٍ للتعليم الرسمي في شمال اليمن، ثم اليمن كله، ويسيطر عليه "الإخوان المسلمون" بشكل كبير. إضافة إلى أن مؤسس الحزب، الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، ورئيسه حتى وفاته في العام 2007، كان أحد أهم مرتكزات النفوذ القبلي والسياسي للسعودية في اليمن. وكانت السعودية قد تخلت تقريبا عن الحزب، عندما تحمست لفكرة أن يدخل الحوثي صنعاء، لضرب جناحه العسكري، ممثلاُ بالفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر، وجامعة الإيمان برئاسة عبد المجيد الزنداني.
كان ذلك السيناريو المغامراتي قد تبنته الإمارات والسعودية في أثناء حصار الحوثيين صنعاء. وبعد جولات تفاوضٍ توسطت فيها سلطنة عمان بين جماعة الحوثي، وبمعنى أدقّ إيران، والحكومة اليمنية من جهة أخرى، وبينما تبنته الإمارات خياراً استراتيجيا دائما في عدائها "الإخوان المسلمين"، ففي الغالب اتخذته السعودية تكتيكا تأديبيا لهم، لمشاركتهم في ثورات الربيع العربي.
مع تحول المغامرة إلى كارثة كبرى، ولم ينجح أحد في كبح جماح الحوثي، أو فك ارتباطه بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومع تغير القيادة السعودية، وعودتها إلى تحالفاتها التقليدية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين لكي تواجه الحوثي، أصبح ما جرى في سبتمبر/ أيلول 2014 في أثناء اجتياح الحوثي صنعاء غيمة عابرة في العلاقات بين الطرفين.
اكتسبت قطر نفوذاً حديثاً في حزب الإصلاح، من خلال شبكتها الإعلامية. وفي المقابل، كان التحالف الذي شكلته السعودية لقتال الحوثي يضم الشريك الرئيسي فيه الإمارات التي صار أحد مهامها الرئيسية تحجيم دور "الإخوان المسلمين" في المعركة، وهم الذين آثروا عدم الانخراط فيها بكامل قدراتهم، على الرغم من بروز قياداتٍ مهمة فيهم، مثل نايف البكري في المقاومة في عدن أو حمود المخلافي في تعز ونايف الجماعي وغيرهم. وكان قرار عدم الانخراط في الحرب بشكل كامل، مع تخزين السلاح، توجها لدى حزب التجمع اليمني للإصلاح بسبب الرغبة الإماراتية، مع عدم وجود تطمينات له في مرحلة ما بعد الحرب، ومن ذلك عزل نايف البكري بعد تعيينه محافظاً لمدينة عدن، بتدخل إماراتي واضح. في المقابل، صار الحزب مؤثراً بشدة على قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهذا ما يظهر من التعيينات الوظيفية.
طبيعيٌّ أن أزمة تنظيم "الإخوان المسلمين" الإقليمية، والتوجه نحو اجتثاثه، يثير هلع أعضائه، وهذا رد الفعل الغالب لدى المتعصبين للسعودية أو قطر داخل الحزب، وهي أكبر أزمة إقليمية تهدد الجماعة، بعد عزل الرئيس محمد مرسي في مصر. بعد أن كان "الإصلاح"، في المرة السابقة، يمتلك قدراً من الاستقلالية، ساعده على اتخاذ موقف متجانس نسبياً، وهو رفض ما حدث في مصر، لكنه حاليا يشهد أزمته الجيلية التقليدية بين قيادةٍ لم تتغير منذ تأسيس الحزب عام 1990، وتجاوزته أحداث كبيرة أبرزها في 2011، غيّرت مفاهيم اللعبة السياسية، في وقتٍ لا تزال القيادة تحتفظ بالأدوات والمفاهيم نفسها.
بعد عزل مرسي، لم يحاول الحزب التقاط الحدث، بمراجعة سياسته، واتخاذ قراراتٍ جريئة، مثل حركة النهضة في تونس التي أخذت قرار التراجع. وتوقع كثيرون في اليمن أن يكون لحزب الإصلاح رد فعل مشابه، عوضاً عن التمدّد في الأرض، متقمصاً دور المظلومية، ضمن حالة تعاطف أيديولوجي مفهوم، نظراً لخبرة الحزب السياسية، وهو الذي لم يتعرّض للقمع، كما أن السياقات الاجتماعية في اليمن من قبيلة وأسرة كبيرة، وكذلك الفكر المحافظ، خففا كثيراً من الطبيعة التنظيمية المغلقة لجماعة الإخوان المسلمين، ما يجعلها تعاني من عزلة اجتماعية في بعض الدول العربية.
ما حدث أن حزب التجمع اليمني للإصلاح لم يتوقف قليلاً لمراجعة سياسته منذ عام 2011، وظل مصمماً على رفض سماع الانتقادات الموجهة ضده، ولم يقدم أي خطوات تطمينية بشأن كل ما يطلب منه، مثل مخاوف اليمنيين من طبيعية ارتباط الحزب بقيادة عسكرية، مثل علي محسن، في وقت يحتاج الناس لتقوية ثقتهم بالجيش إلى الاطمئنان أنه لا يتبع أيديولوجية معينة، ولا حاول تقليل مخاوف الناس بخصوص جامعة الإيمان، برئاسة عبد المجيد الزنداني، بتعليمها الديني المتطرّف، وارتباطاتها بالتيارات الجهادية والمعسكرات الموجودة داخلها. كما صمَّ
لم يواجه الحزب مخاوف الآخرين، حتى جاءت ضربة 2014 التي قرّر فيها اتخاذ موقف الانحناء للعاصفة، لكن هذا لم يحمه، لأن العاصفة اجتاحت البلد بأكمله، وليس فقط الحزب. وهو، في هذه المرة، يحتاج لمواجهة مخاوفه الحقيقية من الاجتثاث حسب توجهات إقليمية، وكذلك وضعه الداخلي الصعب بين قمع الحوثي في الشمال وعدوانية الحراك وتحريضه في الجنوب. في المرة السابقة، لم يجدِ تودّد الحزب متأخراً للسعودية، لإنقاذه من الحوثي قبل دخول صنعاء. وهذه المرة أيضاً، لن ينجح موقف الحزب المتأرجح في بيئةٍ إقليميةٍ منقسمةٍ، انعكس انقسامها عليه.
ليس حزب الإصلاح مطالباً فقط بإعادة انتخاب قيادته العتيقة، ولا يكفي بيانه عن فك ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين، إذا لم ينعكس هذا على طبيعته التنظيمية المغلقة، والتي تقوم على تراتيبة تنظيمية ومفاهيم عسكرية وأمنية، تعتمد السرية ومفاهيم الطاعة. وهذا يخالف طبيعة الأحزاب التي تتطلب الانفتاح على الأفق الاجتماعي والسياسي الوطني الواسع.
يحتاج "الإصلاح" إعادة تعريف نفسه، إن كان حزباً سياسيا أم جماعة دعوية؟ وكيف هو موقفه، باعتباره حزبا مرجعيته دينية في زمن الدولة الوطنية ومرحلة صعود المذهبية، لأنه صار، في مسار الحرب، أقرب ما يكون إلى الجماعات الدينية السلفية الجهادية، متخلياً عن وضعه الحزبي الذي اكتسبه، وخبرته السياسية التي تراكمت بشكل معقول، في أثناء تشكيل تحالف أحزاب اللقاء المشترك الذي تشكل في العام 2003؟
يحتاج حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى إعادة النظر في أولوياته السياسية وطبيعة تحالفاته الداخلية، خصوصا مع الحزبين، الاشتراكي والناصري، لو أراد البقاء حالة سياسية، ومنع التلاشي في الحرب كما لو أنه ميلشيا دينية طائفية، فيما عدا ذلك فحزب الإصلاح في طريقه إلى أن يصبح، كما يُراد له، جماعة دينية عنيفة، مثل تنظيمي داعش والقاعدة، ولا تنفع هنا المبرّرات والمسارات التي أوصلت إلى هذه الحالة.
تعامي الحزب على خطورة وضعه يسير به إلى حتفه، وكذلك يصعب الأمور على الآخرين، فلا يمكن الانجرار بسذاجةٍ إلى دعاية أن جماعة الإخوان المسلمين مجرد جماعة إرهابية، ولا يمكن الركون، ببساطةٍ، لفكرة قبوله تياراً سياسياً عادياً، في ظل وجود طابع عقائدي وتنظيمي مغلق يحكمه.
يشكل حزب التجمع اليمني للإصلاح كتلةً بشريةً كبيرة، وقوة سياسية وعسكرية، من الصعب الاستهانة بها، ولا يمكن اجتثاثها من دون ارتدادات عكسية خطيرة، فالقوة لا تفنى، لكنها قد تتحول إلى العنف كلياً في رد فعل تلقائي للدفاع عن النفس.
باختصار، نتائج معادلة إقصاء هذه الكتلة البشرية والسياسية الضخمة كارثية، ومحاولة إشراك جماعة عقائدية وتنظيمية مغلقة في ظل هذه الحرب أمر صعب. ويمكن للحزب تفادي هذه الخيارات المرّة بمزيد من الانفتاح والمراجعة لسياسته وطبيعته وتكوينه التنظيمي.