إنها أزمة الدولة في المنطقة
عبد العزيز الخاطر
ليست الأزمة الخليجية الراهنة عابرة كما يظن بعضهم، حتى لو تجاوزتها الدول المعنية، فإنها ستظهر ثانيةً، وستتكرّر، بشكل أو بآخر، وستعود. لأنها، في جوهرها، أزمة "الدولة" في المنطقة، وليست أزمة في سياق سياسي دستوري منتظم.
أولاً: من مظاهر الدولة دستورية القرارات، وتعقيد اتخاذ القرار الاستراتيجي، وهو ما يلحظ الجميع غيابه في الأزمة، سرعة في التلفيق، عدم رجوع إلى مرجعية شعبية أو دستورية أياً كانت، قرارات فردية خطيرة.
ثانياً: انتقال للسلطة متعسّر يتطلب التضحية بشيءٍ ما لتبريره، وهو ما تمت ملاحظته بسهولة، في أثناء اشتعال الأزمة، عندما تمت التضحية في المملكة السعودية برجل الأمن القوي، الأمير محمد بن نايف، وتنصيب الأمير الشاب محمد بن سلمان ولياً للعهد بديلاً، وظهور رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، في العيد، استعداداً لتنصيب محمد بن زايد الحاكم الفعلي للإمارات مكانه. هنا تظهر الدولة ليست سوى هذه اللحظة التاريخية، والباقي مجرّد توزيع ريع لاكتساب الولاءات، وبناء التحالفات بين القبائل.
ثالثاً: غياب دور النخبة وغياب الرأي العام. الجميع يسأل ما الذي حصل؟ ومسلسل غانم السليطي دليل واضح على ذلك "شللي يصير"، وهذا يثبت تكوّر النظام حول نفسه، بشكلٍ أعاق تبلور ظهور الدولة ومؤسساتها.
رابعاً: انعكاس الخلافات القديمة بين القبائل على الخلاف، فقد أصبح مفهوم الدولة متلاشياً أو غير واضح إلى حد بعيد، ومعروف أن هذه الدول، في مراحل تشكلها، كانت مرتعاً لصراع بين القبائل الحاكمة اليوم، في السعودية والبحرين وقطر والإمارات. كما أن استمالة بعض القبائل، واللعب على حبل القبيلة واضح من جانب السعودية، ما يعكس هشاشة ادّعاءاتنا بوجود الدولة.
خامساً: جاء التفاف الشعوب حول قياداتها انطلاقاً من الالتفاف حول الرمز، وهو التفاف عفوي، مثل التفاف الغريق حول عامود النجاة، حيث لا بديل. والدولة أساساً ليست سوى مجموعة بدائل.
سادساً: الاستعانه بالدين لمساندة القبيلة، لأن دولة المؤسسات لا تحتاج إلى الدين أصلاً. وقد لاحظنا ذلك في تصريح مفتي السعودية عن فائدة الحصار لشعب قطر، أو بعبارة أخرى لا تمت إلى السياسة بصلة، بقدر ما تمت إلى العقيدة.
سابعاً: يظهر التعاطف مع قطر أو ضدها جانباً من إغراءاتٍ لا علاقة لها بالدولة ومؤسساتها، فهناك شيكات مفتوحة لمغرّدين يسبون قطر، اختراق كبير للقبيلة وميكانزماتها للدولة ومؤسساتها لو وجدت.
ثامناً: "ووالد وما ولد" لم يُعهد في تاريخ السعودية أن انتقل الحكم من أبٍ إلى ولده إلا في هذه الأيام، وهو انتقال تاريخي إلى الصف الثاني، بينما كان الأمل في أن يذهب إلى آفاق أخرى أوسع، بإدخال نوعٍ من المشاركة الشعبية في صنع القرار المصيري. وهذا يعني أن الخيارات أصبحت ضيقة، وهي عرضةٌ للتغير، خصوصاً أن القرار فردي وسريع وحاسم. وعلى الرغم من قرار الملك عبدالله بن عبد العزيز تعيين الأمير مقرن ولياً لولي العهد كان محصناً، كما أُعلن في حينه، إلا أنه جرى الانقلاب عليه بسهولة.
تاسعاً: لذلك، المنطقة في مرحلة حرجة. لا يمكن تجاوز المنطق وظروف العصر باستمرار، من دون النظر بعيداً إلى المستقبل. الحلول المتاحة الآن تكتيكية ليس أكثر، وليست استراتيجية للمدى البعيد. المرجو أن يكون الوعي واضحاً لتقليل خسائر هذا الانتقال التاريخي من القبيلة إلى الدولة، ومن الحاشية إلى الشعب.
أولاً: من مظاهر الدولة دستورية القرارات، وتعقيد اتخاذ القرار الاستراتيجي، وهو ما يلحظ الجميع غيابه في الأزمة، سرعة في التلفيق، عدم رجوع إلى مرجعية شعبية أو دستورية أياً كانت، قرارات فردية خطيرة.
ثانياً: انتقال للسلطة متعسّر يتطلب التضحية بشيءٍ ما لتبريره، وهو ما تمت ملاحظته بسهولة، في أثناء اشتعال الأزمة، عندما تمت التضحية في المملكة السعودية برجل الأمن القوي، الأمير محمد بن نايف، وتنصيب الأمير الشاب محمد بن سلمان ولياً للعهد بديلاً، وظهور رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، في العيد، استعداداً لتنصيب محمد بن زايد الحاكم الفعلي للإمارات مكانه. هنا تظهر الدولة ليست سوى هذه اللحظة التاريخية، والباقي مجرّد توزيع ريع لاكتساب الولاءات، وبناء التحالفات بين القبائل.
ثالثاً: غياب دور النخبة وغياب الرأي العام. الجميع يسأل ما الذي حصل؟ ومسلسل غانم السليطي دليل واضح على ذلك "شللي يصير"، وهذا يثبت تكوّر النظام حول نفسه، بشكلٍ أعاق تبلور ظهور الدولة ومؤسساتها.
رابعاً: انعكاس الخلافات القديمة بين القبائل على الخلاف، فقد أصبح مفهوم الدولة متلاشياً أو غير واضح إلى حد بعيد، ومعروف أن هذه الدول، في مراحل تشكلها، كانت مرتعاً لصراع بين القبائل الحاكمة اليوم، في السعودية والبحرين وقطر والإمارات. كما أن استمالة بعض القبائل، واللعب على حبل القبيلة واضح من جانب السعودية، ما يعكس هشاشة ادّعاءاتنا بوجود الدولة.
خامساً: جاء التفاف الشعوب حول قياداتها انطلاقاً من الالتفاف حول الرمز، وهو التفاف عفوي، مثل التفاف الغريق حول عامود النجاة، حيث لا بديل. والدولة أساساً ليست سوى مجموعة بدائل.
سادساً: الاستعانه بالدين لمساندة القبيلة، لأن دولة المؤسسات لا تحتاج إلى الدين أصلاً. وقد لاحظنا ذلك في تصريح مفتي السعودية عن فائدة الحصار لشعب قطر، أو بعبارة أخرى لا تمت إلى السياسة بصلة، بقدر ما تمت إلى العقيدة.
سابعاً: يظهر التعاطف مع قطر أو ضدها جانباً من إغراءاتٍ لا علاقة لها بالدولة ومؤسساتها، فهناك شيكات مفتوحة لمغرّدين يسبون قطر، اختراق كبير للقبيلة وميكانزماتها للدولة ومؤسساتها لو وجدت.
ثامناً: "ووالد وما ولد" لم يُعهد في تاريخ السعودية أن انتقل الحكم من أبٍ إلى ولده إلا في هذه الأيام، وهو انتقال تاريخي إلى الصف الثاني، بينما كان الأمل في أن يذهب إلى آفاق أخرى أوسع، بإدخال نوعٍ من المشاركة الشعبية في صنع القرار المصيري. وهذا يعني أن الخيارات أصبحت ضيقة، وهي عرضةٌ للتغير، خصوصاً أن القرار فردي وسريع وحاسم. وعلى الرغم من قرار الملك عبدالله بن عبد العزيز تعيين الأمير مقرن ولياً لولي العهد كان محصناً، كما أُعلن في حينه، إلا أنه جرى الانقلاب عليه بسهولة.
تاسعاً: لذلك، المنطقة في مرحلة حرجة. لا يمكن تجاوز المنطق وظروف العصر باستمرار، من دون النظر بعيداً إلى المستقبل. الحلول المتاحة الآن تكتيكية ليس أكثر، وليست استراتيجية للمدى البعيد. المرجو أن يكون الوعي واضحاً لتقليل خسائر هذا الانتقال التاريخي من القبيلة إلى الدولة، ومن الحاشية إلى الشعب.