08 نوفمبر 2024
حفلات شتم مختلطة
لست في وارد الدفاع عن السيدة بسمة قضماني التي تتعرّض، هذه الأيام، لحملة تحريضٍ وتشويه سمعة. ليست الأولى ضدها ولا ضد غيرها بكل حال، فالسيدة قضماني قادرة على الدفاع عن نفسها، ولها تاريخها الطويل في العمل السياسي، يمكنها أن تتكئ عليه في وجه مهاتراتٍ شرّيرة، أو نوازع ذكورية، دينيةٍ سلطويةٍ، اعتدنا على ظهورها في الانقسامات السياسية العربية، وإنما قد تكون الحملة على بسمة قضماني حاليا فرصةً لإعادة الحديث عن المحاولات المتواصلة لاستهداف النساء اللواتي يعملن في الشأن العام، السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية عموما، وفي سورية، خصوصا، لاسيما في السنوات الست الأخيرة من تاريخ سورية، حيث تم تشويه سمعة كل اللواتي أعلنّ انحيازهن للثورة السورية، من ماكينة إعلام النظام وحلفائه، كما تم تشويه سمعة النساء اللواتي خرجن عن الخط السياسي الذي وضعته مجموعة أو شخص ما للثورة!
وإذا ما قلنا إن الرجال الخارجين عن هذا الخط أو ذاك يتعرّضون لآليه التحريض نفسها، فإن ما يطاول المرأة السورية هو أكثر إمعانا في الأذى، إذ ثمّة إرثٌ مجتمعي وتاريخي طويل في استهداف النساء، وجعلهن في مرتبةٍ متدنيةٍ في المجتمع والحياة. يتيح هذا الإرث لأي فاشيٍّ صغير أن يتطاول على أية امرأة، مهما كانت عظيمة، وذريعته مقبولة لدى شرائح كثيرة من المجتمع، ليست النساء بعيداتٍ عنها إذا ما كن من صاحبات العقائد التي تؤمن بتفوق الرجل وقوامه على المرأة. ولا يختلف هنا الاستهداف الشخصي عن العام، بمعنى أنه يمكن لأي ذكرٍ أن يتطاول على سيدةٍ لأنه يعتبر سلوكها ناشزا عن الأعراف والتقاليد والتعاليم التي يعرفها. ويمكن لأي مجموعةٍ حزبيةٍ أو دينيةٍ أو سياسيةٍ أن تفعل الشيء نفسه مع إمرأة واحدة، أو مع مجموعة من النساء، إذا ما خرجن عن الأعراف والتعاليم الخاصة بهذه المجموعة الفئوية أو تلك.
وفي استعراضٍ سريع لأسماء السوريات اللواتي وقفن ضد النظام السوري (كاتبات، ناشطات، سياسيات، ممثلات) ليس ثمة اسم واحد نجا من الإساءة والتشويه والتحريض من مشوّهين، يستخدمون الثورة والوطن ذرائع للإساءة، ومستندين على طابورٍ من المريدين أو (اللطيمة) الذين يدلون بدلوهم في بئر الشتائم، من دون أن يعرفوا شيئا عمن يتم الفتك بها. ولم لا، ما دامت هناك نصوص دينية تضع المرأة في مرتبةٍ أدنى من الرجل، وما دامت فضائياتٌ عربية تقدّم الفتاوى اليومية التي تظهر المرأة محض فتنة، وملك يمينٍ للاستخدام الجنسي الشرعي، ومخلوقٌ تحت الوصاية الإجتماعية والأخلاقية. وما دامت هناك مواقع إلكترونية جاهزة لترويج الشائعات، وإطلاق المخيلة لاختراع ما يصدّق وما لا يصدّق، من أوصافٍ وأحداثٍ يتم فيها رجم المغضوب عليها، المحللة سمعتها من "فحول"، يعتقدون أنهم أوصياء على الحياة، بقدر ما هم أوصياء على الثورة والوطن، وما دامت هناك أيضا نساء يتشبّهن بالذكور ومستعدّات للمشاركة في احتفالات الرجم ضد واحدةٍ أو أكثر من بنات جنسهن.
من يتذكّر مصطلح "نساء دي ميستورا"، وكيف تم الفتك بالسيدات اللواتي تم اختيارهن ليكنّ في اللجنة الاستشارية لدي ميستورا؟ لو أن اللجنة الاستشارية كانت من الرجال، هل كان سيتم التعرّض لها بالشكل المهين نفسه؟ لا يمكن إطلاق "رجال دي ميستورا" على لجنة مؤلفة من الرجال، فمصطلح "الرجال" يحمل صفة إيجابية مجتمعية، على عكس مصطلح "نساء" الذي يحمل، اجتماعيا، تحقيرا وإهانةً جنسيةً واضحة، عدا عن أن غالبية الشتائم ضد اللجنة انصبت على تشويه السمعة الأخلاقية للسيدات أو التعرّض بالسخرية من أشكالهن، وهو ما لا يمكن أن يحصل في انتقاد أي رجلٍ أو شتمه. شتم الرجل يكون أيضا في التعرض لأمه وأخته وزوجته وابنته!
كان مدهشا، يومها، عدد اللواتي شاركن في ترويج المصطلح، والسخرية من أشكال السيدات، من المشاركات من كانت قد تعرّضت هي نفسها لحملة تشهير وتشويه سمعةٍ، بسبب رأيٍ أو موقفٍ أو خروج عن النسق المرسوم. لن تكون الحملة ضد السيدة بسمة قضماني الأخيرة، ستتعرّض سيدات كثيرات للحملة نفسها. لن ينتهي الأمر قريبا. لن ينتهي حتى نصبح مجتمعاتٍ ودولا تحكمها قوانين، تعاقب كل من ينتهك شرعة حقوق الإنسان المدنية.
وإذا ما قلنا إن الرجال الخارجين عن هذا الخط أو ذاك يتعرّضون لآليه التحريض نفسها، فإن ما يطاول المرأة السورية هو أكثر إمعانا في الأذى، إذ ثمّة إرثٌ مجتمعي وتاريخي طويل في استهداف النساء، وجعلهن في مرتبةٍ متدنيةٍ في المجتمع والحياة. يتيح هذا الإرث لأي فاشيٍّ صغير أن يتطاول على أية امرأة، مهما كانت عظيمة، وذريعته مقبولة لدى شرائح كثيرة من المجتمع، ليست النساء بعيداتٍ عنها إذا ما كن من صاحبات العقائد التي تؤمن بتفوق الرجل وقوامه على المرأة. ولا يختلف هنا الاستهداف الشخصي عن العام، بمعنى أنه يمكن لأي ذكرٍ أن يتطاول على سيدةٍ لأنه يعتبر سلوكها ناشزا عن الأعراف والتقاليد والتعاليم التي يعرفها. ويمكن لأي مجموعةٍ حزبيةٍ أو دينيةٍ أو سياسيةٍ أن تفعل الشيء نفسه مع إمرأة واحدة، أو مع مجموعة من النساء، إذا ما خرجن عن الأعراف والتعاليم الخاصة بهذه المجموعة الفئوية أو تلك.
وفي استعراضٍ سريع لأسماء السوريات اللواتي وقفن ضد النظام السوري (كاتبات، ناشطات، سياسيات، ممثلات) ليس ثمة اسم واحد نجا من الإساءة والتشويه والتحريض من مشوّهين، يستخدمون الثورة والوطن ذرائع للإساءة، ومستندين على طابورٍ من المريدين أو (اللطيمة) الذين يدلون بدلوهم في بئر الشتائم، من دون أن يعرفوا شيئا عمن يتم الفتك بها. ولم لا، ما دامت هناك نصوص دينية تضع المرأة في مرتبةٍ أدنى من الرجل، وما دامت فضائياتٌ عربية تقدّم الفتاوى اليومية التي تظهر المرأة محض فتنة، وملك يمينٍ للاستخدام الجنسي الشرعي، ومخلوقٌ تحت الوصاية الإجتماعية والأخلاقية. وما دامت هناك مواقع إلكترونية جاهزة لترويج الشائعات، وإطلاق المخيلة لاختراع ما يصدّق وما لا يصدّق، من أوصافٍ وأحداثٍ يتم فيها رجم المغضوب عليها، المحللة سمعتها من "فحول"، يعتقدون أنهم أوصياء على الحياة، بقدر ما هم أوصياء على الثورة والوطن، وما دامت هناك أيضا نساء يتشبّهن بالذكور ومستعدّات للمشاركة في احتفالات الرجم ضد واحدةٍ أو أكثر من بنات جنسهن.
من يتذكّر مصطلح "نساء دي ميستورا"، وكيف تم الفتك بالسيدات اللواتي تم اختيارهن ليكنّ في اللجنة الاستشارية لدي ميستورا؟ لو أن اللجنة الاستشارية كانت من الرجال، هل كان سيتم التعرّض لها بالشكل المهين نفسه؟ لا يمكن إطلاق "رجال دي ميستورا" على لجنة مؤلفة من الرجال، فمصطلح "الرجال" يحمل صفة إيجابية مجتمعية، على عكس مصطلح "نساء" الذي يحمل، اجتماعيا، تحقيرا وإهانةً جنسيةً واضحة، عدا عن أن غالبية الشتائم ضد اللجنة انصبت على تشويه السمعة الأخلاقية للسيدات أو التعرّض بالسخرية من أشكالهن، وهو ما لا يمكن أن يحصل في انتقاد أي رجلٍ أو شتمه. شتم الرجل يكون أيضا في التعرض لأمه وأخته وزوجته وابنته!
كان مدهشا، يومها، عدد اللواتي شاركن في ترويج المصطلح، والسخرية من أشكال السيدات، من المشاركات من كانت قد تعرّضت هي نفسها لحملة تشهير وتشويه سمعةٍ، بسبب رأيٍ أو موقفٍ أو خروج عن النسق المرسوم. لن تكون الحملة ضد السيدة بسمة قضماني الأخيرة، ستتعرّض سيدات كثيرات للحملة نفسها. لن ينتهي الأمر قريبا. لن ينتهي حتى نصبح مجتمعاتٍ ودولا تحكمها قوانين، تعاقب كل من ينتهك شرعة حقوق الإنسان المدنية.