23 اغسطس 2024
عبث الإمارات الراهن في اليمن
لم تكن بوادر الأزمة الراهنة بين الحكومة اليمنية الشرعية والجانب الإماراتي، باعتباره شريكاً قياديا لما يسمى التحالف العربي، غير متوقعة، بل كانت واردة بقوة منذ البداية، ففي ضوء المقدمات الواضحة التي أبدتها السلطات الإماراتية، وطريقة تعاملها مع الوضع في اليمن بطريقة تؤشر إلى نوعٍ من الأجندات المكشوفة في توجهها إلى السيطرة والتحكّم بالمشهد اليمني كله، على كل مدى، القريب والمتوسط والبعيد.
ومن هنا، لم تكن الأزمة التي عبر عنها بيان للبنك المركزي اليمني إلا رأس جبل الجليد في هذه الأزمة التي تعاظمت وكبرت بشكلٍ قد يفجّر المشهد لمواجهة مفتوحة مع الإمارات، قد يدفع بها من مجرد حليف في التحالف العربي إلى ما يشبه غازيا يريد أن يحتل الأرض، وتجب مقاومته.
فمنذ بداية تشكيل ما سمي التحالف العربي لاستعادة الشرعية اليمنية، وكل مؤشرات دور الإمارات، واضحة للعيان، أنها تسعى إلى الهيمنة والتحكّم على الأرض بديلا للسلطة الشرعية، وأجهزتها المدنية والعسكرية، وبدأت أولى هذه المؤشرات في اللحظات الأولى، حينما طالبت الإمارات الرئيس عبد ربه منصور هادي بعزل قائد معركة تحرير عدن، نائف البكري، الذي عينه هادي محافظا لعدن، بعد معركة التحرير، كونه المسؤول الوحيد الذي بقي يقاتل في عدن، واستطاع ترتيب مقاومتها وقيادتها، بعد انهيارات الجيش في عدن، ولم يكن التدخل العربي إلا مساعدا في آخر اللحظات.
بعد ذلك، سعت الإمارات إلى تشكيل ما سميت الوحدات العسكرية والأمنية خارج مؤسسات
الدولة الرسمية والسيادية، ممثلة بتشكيل مليشيات ما عرف بالحزام الأمني والنخب الحضرمية والشبوانية، وغيرها من المسميات التي تعمل سلطة أمر واقع، موازية لمؤسسات الدولة وأجهزتها، بل وتعمل بديلا عنها في مناطق محرّرة كثيرة، بل أصبحت هي سلطة الأمر الواقع الوحيدة التي تدير المشهد الأمني والسياسي والاقتصادي في تلك المناطق.
ليس هذا فحسب، بل تجلّت اللعبة الإماراتية بوضوح أكثر، حينما امتنعت مليشياتها عن تسليم مطار عدن الدولي للسلطات الشرعية الرسمية، وتستمر بالاحتفاظ به، وهو ما تطور لاحقا لمنعها لطائرة الرئيس هادي من الهبوط فيه، ومنعها قيادات أمنية وسياسية وعسكرية من العودة إلى عدن عبر مطارها الذي تديرة مليشيات ما يسمى الحزام الأمني الموالي للإمارات.
ليست هذه التطورات وغيرها سوى ما ينكشف للرأي العام اليمني، أما ما في كواليس المشهد فيشي بسياسات احتلالية متغطرسة كثيرة في اليمن للإمارات التي استغلت ربما تراجع الدور السعودي مع نشوب الأزمة الخليجية، وأزمة انتقال الحكم في المملكة، لتتولى الإمارات بنفسها إدارة الملف اليمني، بل وقيادة ما يسمى التحالف العربي.
وبعد وضوح تلك الأجندات والأهداف الإماراتية، بات واضحا أمام الحكومة الشرعية أن مصيرها ومصير اليمن مرهون اليوم بموقفٍ أكثر وضوحا وصلابة فيما يتعلق بمصير الشرعية وسيادة البلد الذي بات على المحكّ في ضوء انكشاف السياسات الإماراتية التي تريد الهيمنة على القرار السياسي السيادي لليمن، ودول الخليج، في ضوء تطورات الأزمة مع قطر.
بات ضرورياً اليوم للحكومة اليمنية، القابعة فيما يشبه الإقامة الإجبارية في الرياض، أن تتحرك خطوة إلى الأمام، وتغادر مربع الذوبان والتماهي في مشروع التحالف العربي الذي يقترب، بمثل هذه السياسات والممارسات الإماراتية، أكثر من التحول من حليف إلى ما يشبه قوات احتلال غازية، لا تعير هذه الجزئية القانونية أي أهتمام أو اعتبار، وهو مهمة ستسحب خيط شرعية التداخل في اليمن، وتحول المشهد كله إلى معركة احتلال سعودي إماراتي للأراضي اليمنية.
تطورات المشهد المتسارعة، وجديدها الهرولة السعودية الإماراتية إلى مد يد المصالحة مع
الأذرع الإيرانية في المنطقة، وهي التي تحاصر قطر بتهمة العلاقة مع إيران، ما يكشف عدم جدية فكر مواجهة المشروع الإيراني في اليمن وغيرها. وبالتالي بات أكثر وضوحا أن اليمن يمر بأخطر منعطف في تاريخه، ممثلا بضياع قراره السياسي، وعبث الإمارات والمملكة به، وتحويل اليمن دولة ذيلية تابعة لا تملك من قرارها ومصيرها شيئاً.
يتحتم على الشرعية اليمنية أن تواجه هذه اللحظة بمكاشفةٍ حقيقية لقيادتي المملكة والإمارات بخطورة هذا التوجه، ليس على اليمن فحسب، بل على أمن المملكة والخليج كله الذي يتهدده خطر وجودي، قام متمثلا بجيوش طائفية، تم إعدادها بعقيدة قتالية طائفية، ترى في المملكة ودول الخليج عدواً وحيداً لها تجب مصارعته، وإنهاء وجوده السياسي والكياني، وأن ما يجري في اليمن من تمكين لهذه المليشيات على حساب دولة اليمنيين، بمبرّرات سخيفة ووهمية، ليست سوى بداية النهاية لمنظومة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.
أول هذه المكاشفة أن هذه السلطة الشرعية شريك رئيسي وحقيقي للمملكة والإمارات في المعركة، ليس العسكرية فحسب، بل والسياسية، وأن ما تم في المرحلة الماضية كان كله يصب في عدم عودة الشرعية، وإضعافها وتآكلها، ويحتم استمرار هذا التوجه إعادة تقييم ما تم تحقيقه، وفقا لمنظور استعادة الشرعية، وليس إضعافها، وهو غير المتحقق أصلا، ما يستدعي موقفا شجاعا وتاريخيا من السلطة تجاه العبث الذي تقوم به الإمارات، والذي لا يهدّد اليمن فحسب، وإنما يضرب الأمن القومي السعودي والخليجي في مقتل. فهل تسطيع الشرعية القيام بهذا؟ نعم تستطيع، متى ما آمنت بأنها فعلا الشرعية الوحيدة المعترف بها داخلياً وخارجياً، وأن هذه هي الفرصة الأخيرة مما تبقى لها من فرص بدّدتها في المرحلة السابقة، وأن كل ما سبق يعتبر عملاً عبثياً ارتدّ عكسياً وسلبياً على الشرعية وأمن المنطقة كلها.
ومن هنا، لم تكن الأزمة التي عبر عنها بيان للبنك المركزي اليمني إلا رأس جبل الجليد في هذه الأزمة التي تعاظمت وكبرت بشكلٍ قد يفجّر المشهد لمواجهة مفتوحة مع الإمارات، قد يدفع بها من مجرد حليف في التحالف العربي إلى ما يشبه غازيا يريد أن يحتل الأرض، وتجب مقاومته.
فمنذ بداية تشكيل ما سمي التحالف العربي لاستعادة الشرعية اليمنية، وكل مؤشرات دور الإمارات، واضحة للعيان، أنها تسعى إلى الهيمنة والتحكّم على الأرض بديلا للسلطة الشرعية، وأجهزتها المدنية والعسكرية، وبدأت أولى هذه المؤشرات في اللحظات الأولى، حينما طالبت الإمارات الرئيس عبد ربه منصور هادي بعزل قائد معركة تحرير عدن، نائف البكري، الذي عينه هادي محافظا لعدن، بعد معركة التحرير، كونه المسؤول الوحيد الذي بقي يقاتل في عدن، واستطاع ترتيب مقاومتها وقيادتها، بعد انهيارات الجيش في عدن، ولم يكن التدخل العربي إلا مساعدا في آخر اللحظات.
بعد ذلك، سعت الإمارات إلى تشكيل ما سميت الوحدات العسكرية والأمنية خارج مؤسسات
ليس هذا فحسب، بل تجلّت اللعبة الإماراتية بوضوح أكثر، حينما امتنعت مليشياتها عن تسليم مطار عدن الدولي للسلطات الشرعية الرسمية، وتستمر بالاحتفاظ به، وهو ما تطور لاحقا لمنعها لطائرة الرئيس هادي من الهبوط فيه، ومنعها قيادات أمنية وسياسية وعسكرية من العودة إلى عدن عبر مطارها الذي تديرة مليشيات ما يسمى الحزام الأمني الموالي للإمارات.
ليست هذه التطورات وغيرها سوى ما ينكشف للرأي العام اليمني، أما ما في كواليس المشهد فيشي بسياسات احتلالية متغطرسة كثيرة في اليمن للإمارات التي استغلت ربما تراجع الدور السعودي مع نشوب الأزمة الخليجية، وأزمة انتقال الحكم في المملكة، لتتولى الإمارات بنفسها إدارة الملف اليمني، بل وقيادة ما يسمى التحالف العربي.
وبعد وضوح تلك الأجندات والأهداف الإماراتية، بات واضحا أمام الحكومة الشرعية أن مصيرها ومصير اليمن مرهون اليوم بموقفٍ أكثر وضوحا وصلابة فيما يتعلق بمصير الشرعية وسيادة البلد الذي بات على المحكّ في ضوء انكشاف السياسات الإماراتية التي تريد الهيمنة على القرار السياسي السيادي لليمن، ودول الخليج، في ضوء تطورات الأزمة مع قطر.
بات ضرورياً اليوم للحكومة اليمنية، القابعة فيما يشبه الإقامة الإجبارية في الرياض، أن تتحرك خطوة إلى الأمام، وتغادر مربع الذوبان والتماهي في مشروع التحالف العربي الذي يقترب، بمثل هذه السياسات والممارسات الإماراتية، أكثر من التحول من حليف إلى ما يشبه قوات احتلال غازية، لا تعير هذه الجزئية القانونية أي أهتمام أو اعتبار، وهو مهمة ستسحب خيط شرعية التداخل في اليمن، وتحول المشهد كله إلى معركة احتلال سعودي إماراتي للأراضي اليمنية.
تطورات المشهد المتسارعة، وجديدها الهرولة السعودية الإماراتية إلى مد يد المصالحة مع
يتحتم على الشرعية اليمنية أن تواجه هذه اللحظة بمكاشفةٍ حقيقية لقيادتي المملكة والإمارات بخطورة هذا التوجه، ليس على اليمن فحسب، بل على أمن المملكة والخليج كله الذي يتهدده خطر وجودي، قام متمثلا بجيوش طائفية، تم إعدادها بعقيدة قتالية طائفية، ترى في المملكة ودول الخليج عدواً وحيداً لها تجب مصارعته، وإنهاء وجوده السياسي والكياني، وأن ما يجري في اليمن من تمكين لهذه المليشيات على حساب دولة اليمنيين، بمبرّرات سخيفة ووهمية، ليست سوى بداية النهاية لمنظومة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.
أول هذه المكاشفة أن هذه السلطة الشرعية شريك رئيسي وحقيقي للمملكة والإمارات في المعركة، ليس العسكرية فحسب، بل والسياسية، وأن ما تم في المرحلة الماضية كان كله يصب في عدم عودة الشرعية، وإضعافها وتآكلها، ويحتم استمرار هذا التوجه إعادة تقييم ما تم تحقيقه، وفقا لمنظور استعادة الشرعية، وليس إضعافها، وهو غير المتحقق أصلا، ما يستدعي موقفا شجاعا وتاريخيا من السلطة تجاه العبث الذي تقوم به الإمارات، والذي لا يهدّد اليمن فحسب، وإنما يضرب الأمن القومي السعودي والخليجي في مقتل. فهل تسطيع الشرعية القيام بهذا؟ نعم تستطيع، متى ما آمنت بأنها فعلا الشرعية الوحيدة المعترف بها داخلياً وخارجياً، وأن هذه هي الفرصة الأخيرة مما تبقى لها من فرص بدّدتها في المرحلة السابقة، وأن كل ما سبق يعتبر عملاً عبثياً ارتدّ عكسياً وسلبياً على الشرعية وأمن المنطقة كلها.