07 نوفمبر 2024
معركة عفرين وبداية التوافقات الدولية
لم يتوقف النظام التركي عن تهديد حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي السوري)، أحد أفرع حزب العمال الكردستاني في تركيا، وعن أنه لن يسمح بتشكيل "دويلة" على حدود دولته، ووصل رأس العين والحسكة بعفرين، على الرغم من أن ذلك دونه أغلبية عربية في بلدات الشمال، وهو ما يهم السوريين. قوات الحزب تكفّلت بتهجير أهالي قرى كثيرة لتنفيذ مشروعها، وتمّ ذلك بدعمٍ أميركي، وبحجّة التخلص من "داعش"؛ وقبل ذلك بسبب تسليم النظام لهذا الحزب مدينة الحسكة وبلداتها، ليفرض سلطته عليها. تعاون هذا الحزب كذلك مع الروس، من أجل دعم مراكز وجوده في مدن الشمال السوري، ولا سيما في أثناء "احتلال" مدينة حلب، وكان ذلك بفعل تعاون روسي وتركي وإيراني، أضف النظام، وانسحاب مخزٍ للفصائل منها. ظل التهديد التركي طوال عام 2017، وأنه لن يسمح أبداً بوجود قوات حزب الاتحاد الديمقراطي (بي يي دي) في عفرين ومحيطها، ولا سيما تل رفعت ومطار منغ وبلدات عربية كثيرة. ما أخاف تركيا، ليس وجود هذا الحزب في عفرين، بل الخطوة الأميركية أخيرا، وإعلانها تشكيل "جيش" حرس الحدود من 30 ألف جندي وبقيادة كردية. وبغض النظر عن التبرير الأميركي لهذه الخطوة، مثل حماية الحدود مع تركيا والعراق، بحجة محاربة "داعش"، فإن تركيا شعرت بخطورة الموقف، وأن ذلك سيكون تمهيداً لربط رأس العين بعفرين، وبالتالي رفع مستوى تهديد مجالها الأمني على شريطٍ حدودي واسع، وهو ما سيُقوي من عزيمة الكرد، ليس في سورية، بل في تركيا، لاسيما أن الأخيرة أوقفت الحوار مع حزب العمال منذ العام 2015، وأعادت سياسة الحرب والتنكيل بالكرد فيها.
لم يفهم حزب الاتحاد وذراعه العسكري أن هناك حسابات دولية لكلِّ أشكال الصراع في
سورية، وأن دوره يتمحور في خضوعه لتلك الحسابات، وأن من غير المسموح له تبنّي سياسات "قومية" أو مستقلة تتعدّى ذلك. وقد أعلنت تركيا أنها تُحضّر للحرب، وسمّت العملية "غصن الزيتون"، والأطراف الدولية حدّدت مواقفها؛ فأميركا قالت إن عفرين ليست مشمولة بمناطق التحالف الدولي، وروسيا سحبت قواتها، والنظام خاضع لها، وإيران بالتأكيد مع اجتثاث قوات حماية الشعب الكردية، وهناك فصائل عسكرية سورية اتخذت موقفاً خاطئاً بالانخراط في العملية العسكرية التركية، وكذلك أيّدَ أكبر تنظيم سياسي سوري معارض، أي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، دعم العملية، وبالتالي صارت المسألة بخانة الاتحاد الديمقراطي. الحزب الأخير، وبدلاً من قراءة المواقف الدولية، والسورية، تبنّى خيار المواجهة وتوريط عفرين ومحيطها بمعركة قد تدمّرها، ما لم تكن هناك اتفاقات دولية محدّدة، تنص على محاصرة المدينة، وإخراج قوات حماية الشعب منها، وتسليمها لإدارة مدنية والسيطرة على المناطق المحيطة بها.
هناك مشاريع كثيرة لفرع الحزب الأوجلاني هذا، ولا تتوقف عن تشكيل "دويلة" في سورية، وتصل إلى البحر المتوسط، وبخطوة تركيا الأخيرة والتهديد بالعودة إلى منبج، ينتهي ذلك المشروع. التطورات هذه ربما تفتح حواراً كردياً كردياً، عن دور " بي يي دي" في تمكين الأميركان من شمال سورية وشرقها، والعداء الكبير مع العرب، واحتمالات تفجّر معارك كبرى مستقبلاً بسبب سياسات الحزب. المظلومية السابقة، وأن الأكراد بلا حقوق في سورية، وأن فصائل كثيرة، إضافة إلى النظام، عادتهم، وعلى الرغم من صحتها تاريخياً، إلا أنها لم تعد تفيد لتبرير ارتهان الحزب للأميركان وللروس وسواهم. وبالتالي، هناك مشكلات تتعمّق، وتتطلب حلاً، وبما يُنهي وجود هذا الحزب وقواته العسكرية في أغلبية مناطق شمال سورية وشرقها. هذا أكثر من ضروري، لنزع أسباب الحروب القادمة بين العرب والكرد، ولا سيما حينما يحصل توافق كبير بين الأميركان والروس، ويصبح من أول الشروط سحب السلاح، وتمدّد الدولة مجدداً.
تزامنت العملية التركية مع مشاورات مع روسيا، تخص وضع إدلب، وهي بمثابة البداية لحربٍ قد تكون شديدة ضد هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة)، وربما تدمر المدينة، وهذا سيكون بتعاون تركي روسي إيراني؛ وهناك إعلان تركي جديد يقول إن عمليتها في عفرين تهدف إلى السيطرة على 30 ألف كيلو متر، وإعادة أكثر من ثلاثة ملايين سوري فيها. إذا تركيا وروسيا، بشكل خاصّ، تنسِّقان، وبما ينهي المناطق التي تشكِّل مشكلات مستقبلية لهما، ويبدو أن هذه التوافقات بدأت، منذ السيطرة على حلب، والآن فصلها الجديد في عفرين، وستنتهي في السيطرة على إدلب، وبذلك تنتهي الجماعات العسكرية القوية باعتبارها قوات حماية الشعب أو تحرير الشام.
بتشكيل قوات سورية الديمقراطية، وعلى الرغم من أن أغلبيّتها من قوات الحماية الكردية،
وقيادتها الفاعلة كردية، فإن هذا التشكيل نفسه يوضح أن أميركا تريد توظيف هذه القوات في إطار معاركها، واقتسام سورية واستراتيجيتها. وبتحقق ذلك، يصبح ضروريا الخلاص منها، ومن قوات الحماية نفسها. تشكل العملية ضد قوات الحماية في عفرين، ومعركة إدلب، بداية التفاهمات مع الأميركان الذين لم يرفضوا العملية فعلياً، وهذا عنصر توافق روسي تركي أميركي إيراني، أي أن العمليات العسكرية تلك تمهد لتفاوض جديد بين الدولتين العظميين.
يأتي الإعلان الأميركي الجديد عن خطة "جديدة" تخص سورية، وأنها تتمحور في محاربة "داعش" ومحاصرة إيران والتخلص من الأسد، شروطا وتحديدات، على طاولة التفاوض مع الروس، وهذا يعني أنه لا قيمة لمؤتمر سوتشي، وكذلك لقاء فيينا المقبل؛ حيث إن المؤتمرين يؤكدان أنهما سيناقشان مسألة الدستور، وبالتالي لن يناقشا قضية الانتقال السياسي، والتي يعتقد إمكانية طرحها مجدداً بعد التطورات أخيرا في عفرين وإدلب وفي السياسة الأميركية.
أخطأ حزب الاتحاد الديمقراطي، بتعاونه مع النظام منذ 2011، وضد الشعب، وبقمع مظاهراته في مدن الشمال، وكذلك أخطأ في "تحريره التدميري" للرقة وكثير ومناطق كثيرة، وببقائه في عفرين أخيرا. أخطأت الفصائل المسلحة، وكل من دعم مواقفها ضد الاتحاد الديمقراطي، أو ضد الكرد؛ كانت هذه الممارسات ضد الشعب السوري، بعربه وكرده وغيرهما، ولصالح الصراعات الإقليمية. وبالتالي هناك ضرورة سياسية كبرى، ولصالح كل السوريين، وتتجاوز القوى السياسية السورية بأجمعها، وتتحدّد بإنتاج مشروع وطني، لا يتجاهل الحقوق الكردية في سورية، ويساهم في إعادة التواصل بين السوريين، وبما يحرّر سورية من كل الاحتلالات الأجنبية. من دون ذلك، هناك تهميش لكل السوريين ولسورية، وهي وظيفة الاحتلالات تلك، فأي كردٍ وعربٍ هؤلاء الذين يساعدون المحتل؟
لم يفهم حزب الاتحاد وذراعه العسكري أن هناك حسابات دولية لكلِّ أشكال الصراع في
هناك مشاريع كثيرة لفرع الحزب الأوجلاني هذا، ولا تتوقف عن تشكيل "دويلة" في سورية، وتصل إلى البحر المتوسط، وبخطوة تركيا الأخيرة والتهديد بالعودة إلى منبج، ينتهي ذلك المشروع. التطورات هذه ربما تفتح حواراً كردياً كردياً، عن دور " بي يي دي" في تمكين الأميركان من شمال سورية وشرقها، والعداء الكبير مع العرب، واحتمالات تفجّر معارك كبرى مستقبلاً بسبب سياسات الحزب. المظلومية السابقة، وأن الأكراد بلا حقوق في سورية، وأن فصائل كثيرة، إضافة إلى النظام، عادتهم، وعلى الرغم من صحتها تاريخياً، إلا أنها لم تعد تفيد لتبرير ارتهان الحزب للأميركان وللروس وسواهم. وبالتالي، هناك مشكلات تتعمّق، وتتطلب حلاً، وبما يُنهي وجود هذا الحزب وقواته العسكرية في أغلبية مناطق شمال سورية وشرقها. هذا أكثر من ضروري، لنزع أسباب الحروب القادمة بين العرب والكرد، ولا سيما حينما يحصل توافق كبير بين الأميركان والروس، ويصبح من أول الشروط سحب السلاح، وتمدّد الدولة مجدداً.
تزامنت العملية التركية مع مشاورات مع روسيا، تخص وضع إدلب، وهي بمثابة البداية لحربٍ قد تكون شديدة ضد هيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة)، وربما تدمر المدينة، وهذا سيكون بتعاون تركي روسي إيراني؛ وهناك إعلان تركي جديد يقول إن عمليتها في عفرين تهدف إلى السيطرة على 30 ألف كيلو متر، وإعادة أكثر من ثلاثة ملايين سوري فيها. إذا تركيا وروسيا، بشكل خاصّ، تنسِّقان، وبما ينهي المناطق التي تشكِّل مشكلات مستقبلية لهما، ويبدو أن هذه التوافقات بدأت، منذ السيطرة على حلب، والآن فصلها الجديد في عفرين، وستنتهي في السيطرة على إدلب، وبذلك تنتهي الجماعات العسكرية القوية باعتبارها قوات حماية الشعب أو تحرير الشام.
بتشكيل قوات سورية الديمقراطية، وعلى الرغم من أن أغلبيّتها من قوات الحماية الكردية،
يأتي الإعلان الأميركي الجديد عن خطة "جديدة" تخص سورية، وأنها تتمحور في محاربة "داعش" ومحاصرة إيران والتخلص من الأسد، شروطا وتحديدات، على طاولة التفاوض مع الروس، وهذا يعني أنه لا قيمة لمؤتمر سوتشي، وكذلك لقاء فيينا المقبل؛ حيث إن المؤتمرين يؤكدان أنهما سيناقشان مسألة الدستور، وبالتالي لن يناقشا قضية الانتقال السياسي، والتي يعتقد إمكانية طرحها مجدداً بعد التطورات أخيرا في عفرين وإدلب وفي السياسة الأميركية.
أخطأ حزب الاتحاد الديمقراطي، بتعاونه مع النظام منذ 2011، وضد الشعب، وبقمع مظاهراته في مدن الشمال، وكذلك أخطأ في "تحريره التدميري" للرقة وكثير ومناطق كثيرة، وببقائه في عفرين أخيرا. أخطأت الفصائل المسلحة، وكل من دعم مواقفها ضد الاتحاد الديمقراطي، أو ضد الكرد؛ كانت هذه الممارسات ضد الشعب السوري، بعربه وكرده وغيرهما، ولصالح الصراعات الإقليمية. وبالتالي هناك ضرورة سياسية كبرى، ولصالح كل السوريين، وتتجاوز القوى السياسية السورية بأجمعها، وتتحدّد بإنتاج مشروع وطني، لا يتجاهل الحقوق الكردية في سورية، ويساهم في إعادة التواصل بين السوريين، وبما يحرّر سورية من كل الاحتلالات الأجنبية. من دون ذلك، هناك تهميش لكل السوريين ولسورية، وهي وظيفة الاحتلالات تلك، فأي كردٍ وعربٍ هؤلاء الذين يساعدون المحتل؟