04 نوفمبر 2024
جدوى القمة العربية
لا يمكن لعاقل أن يجادل في تردي مستوى العمل العربي المشترك، وافتقاد المؤسسات الجماعية العربية أي فعالية أو تأثير. لكن للمفارقة، نتيجة هذا الضعف المؤسسي، صارت القمم العربية أكثر أهميةً عن ذي قبل، فالعرب أمة أبوية قبلية، ولا يمكن لأحد اتخاذ قرار أو بناء سياسة، ما لم يكن في موقع القيادة، سواء على رأس عائلة أو قبيلة أو دولة.
في الماضي، وحتى سنوات قليلة مضت، كانت تلك المبادئ التي قد يعتبرها بعضهم حالياً مجرد شعارات، كانت النبراس الذي تهتدي به الشعوب والقيادات العربية في تعاطيها مع التحديات والمشكلات التي تجابهها. ليس فقط على المستوى الإقليمي، لكن أيضاً في داخل الدولة الواحدة، فكثيراً ما كان يتم الاستقواء بالمحيط العربي، للتغلب على معضلات أو أزمات داخلية، اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. ولم يكن وارداً بالمرة أن تستغل دولة ما موقفاً طارئا أو وضعاً استثنائيا في دولةٍ عربية شقيقة، لفرض إرادة أو توسيع نفوذ.
وغني عن البيان أن إجماعاً كاملاً كان يضم العرب في تعريف الأعداء وتحديد أولويات المصالح والتهديدات. وكانت إسرائيل هي العدو الأول والرئيس. وفي أحيان كثيرة، كانت العدو الوحيد للعرب جميعاً.
بفضل السلام المصري الإسرائيلي، حدث الاختراق الذي كانت تتمناه إسرائيل، وانكسر الإجماع العربي. ويمكن بسهولة ملاحظة كيف انحدرت نتائج القمم العربية بمعدل متسارع في الأعوام الخمسة الأخيرة، فصارت تنعقد فقط لمجرد الانعقاد، بعد أن ظلت عقدين تقريباً تحافظ على حدٍّ أدنى من المواقف المبدئية، ولو على سبيل التسجيل الوثائقي في البيانات والقرارات الصادرة عنها. وللأسف، حتى هذا الحد من الحضور الصوتي، غاب عن القمم العربية.
وعلى الرغم من التردّي الذي أصابها باعتبارها مرآة للواقع العربي، لا تزال جامعة الدول العربية المؤسسة العربية الوحيدة التي تجمع العرب، كل العرب تحت مظلتها. صحيحٌ أنهم يجتمعون مختلفين متفرقين، وأحياناً متصارعين، لكنهم يجتمعون. ولا تزال الجامعة تمثل الإطار المؤسسي والواجهة التنظيمية للحكومات العربية أمام شعوبها. وهي (الحكومات)، على استبدادها واستهانتها بشعوبها، لا تزال ترفع شعار العروبة، وتتجنب انكشاف حقيقة مواقفها أمام الشعوب.
في هذا السياق البروتوكولي، تلعب جامعة الدول العربية دوراً مهماً من حيث لا تدري، في إبطاء وتيرة التقارب العربي الإسرائيلي، وإخفائه ولو مرحلياً. فوجود الجامعة، يردع بعض الدول العربية عن الجهر بالتعاون مع إسرائيل، كما يرفع عن تلك الدول حرج الانفراد بتمرير التطبيع، وتعديل أسس إدارة الصراع مع الكيان. حيث تتطلع إلى أن يتم ذلك في إطار جماعي مؤسسي من خلال الجامعة، ولو بعد حين.
ولو لم تكن للجامعة أهمية ولا جدوى، لما حرصت الدول العربية على استمرار العضوية فيها. لكن بعض الدول العربية تسعى حالياً إلى رفع تعليق عضوية سورية، واستعادة نظام بشار الأسد المقعد السوري، إدراكاً منها لمعنى وقيمة أن تكون الدولة أو نظام الحكم جزءاً من ذلك الإطار العربي الجماعي، إذ لا يزال الإطار المؤسسي العربي، متمثلاً في الجامعة، مصدراً أصيلاً لشرعية نظام الحكم أو الجهة الممثلة للدولة في محيطيها، العربي والإقليمي.
ولمّا كانت القمة العربية هي الآلية المضطلعة فعلياً بالقرارات داخل الجامعة، فقد صار الحفاظ عليها وعلى انعقادها، ولو شكلياً، غايةً في حد ذاته. لأن عدم انعقاد القمة، ولو مرتين متتاليتين فقط، سيعني بالضرورة انفراط عقد الجامعة ثم بالتبعية انهيارها. ولمّا كانت الأوضاع العربية من سيئ إلى أسوأ، فمن باب "ما لا يُدرك كله لا يُترك كله"، يجب الحفاظ على البقية الباقية من النسيج العربي، ولو شكلياً، فربما يأتي يوم يستعيد فيه الشكل مضمونه.
في الماضي، وحتى سنوات قليلة مضت، كانت تلك المبادئ التي قد يعتبرها بعضهم حالياً مجرد شعارات، كانت النبراس الذي تهتدي به الشعوب والقيادات العربية في تعاطيها مع التحديات والمشكلات التي تجابهها. ليس فقط على المستوى الإقليمي، لكن أيضاً في داخل الدولة الواحدة، فكثيراً ما كان يتم الاستقواء بالمحيط العربي، للتغلب على معضلات أو أزمات داخلية، اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. ولم يكن وارداً بالمرة أن تستغل دولة ما موقفاً طارئا أو وضعاً استثنائيا في دولةٍ عربية شقيقة، لفرض إرادة أو توسيع نفوذ.
وغني عن البيان أن إجماعاً كاملاً كان يضم العرب في تعريف الأعداء وتحديد أولويات المصالح والتهديدات. وكانت إسرائيل هي العدو الأول والرئيس. وفي أحيان كثيرة، كانت العدو الوحيد للعرب جميعاً.
بفضل السلام المصري الإسرائيلي، حدث الاختراق الذي كانت تتمناه إسرائيل، وانكسر الإجماع العربي. ويمكن بسهولة ملاحظة كيف انحدرت نتائج القمم العربية بمعدل متسارع في الأعوام الخمسة الأخيرة، فصارت تنعقد فقط لمجرد الانعقاد، بعد أن ظلت عقدين تقريباً تحافظ على حدٍّ أدنى من المواقف المبدئية، ولو على سبيل التسجيل الوثائقي في البيانات والقرارات الصادرة عنها. وللأسف، حتى هذا الحد من الحضور الصوتي، غاب عن القمم العربية.
وعلى الرغم من التردّي الذي أصابها باعتبارها مرآة للواقع العربي، لا تزال جامعة الدول العربية المؤسسة العربية الوحيدة التي تجمع العرب، كل العرب تحت مظلتها. صحيحٌ أنهم يجتمعون مختلفين متفرقين، وأحياناً متصارعين، لكنهم يجتمعون. ولا تزال الجامعة تمثل الإطار المؤسسي والواجهة التنظيمية للحكومات العربية أمام شعوبها. وهي (الحكومات)، على استبدادها واستهانتها بشعوبها، لا تزال ترفع شعار العروبة، وتتجنب انكشاف حقيقة مواقفها أمام الشعوب.
في هذا السياق البروتوكولي، تلعب جامعة الدول العربية دوراً مهماً من حيث لا تدري، في إبطاء وتيرة التقارب العربي الإسرائيلي، وإخفائه ولو مرحلياً. فوجود الجامعة، يردع بعض الدول العربية عن الجهر بالتعاون مع إسرائيل، كما يرفع عن تلك الدول حرج الانفراد بتمرير التطبيع، وتعديل أسس إدارة الصراع مع الكيان. حيث تتطلع إلى أن يتم ذلك في إطار جماعي مؤسسي من خلال الجامعة، ولو بعد حين.
ولو لم تكن للجامعة أهمية ولا جدوى، لما حرصت الدول العربية على استمرار العضوية فيها. لكن بعض الدول العربية تسعى حالياً إلى رفع تعليق عضوية سورية، واستعادة نظام بشار الأسد المقعد السوري، إدراكاً منها لمعنى وقيمة أن تكون الدولة أو نظام الحكم جزءاً من ذلك الإطار العربي الجماعي، إذ لا يزال الإطار المؤسسي العربي، متمثلاً في الجامعة، مصدراً أصيلاً لشرعية نظام الحكم أو الجهة الممثلة للدولة في محيطيها، العربي والإقليمي.
ولمّا كانت القمة العربية هي الآلية المضطلعة فعلياً بالقرارات داخل الجامعة، فقد صار الحفاظ عليها وعلى انعقادها، ولو شكلياً، غايةً في حد ذاته. لأن عدم انعقاد القمة، ولو مرتين متتاليتين فقط، سيعني بالضرورة انفراط عقد الجامعة ثم بالتبعية انهيارها. ولمّا كانت الأوضاع العربية من سيئ إلى أسوأ، فمن باب "ما لا يُدرك كله لا يُترك كله"، يجب الحفاظ على البقية الباقية من النسيج العربي، ولو شكلياً، فربما يأتي يوم يستعيد فيه الشكل مضمونه.