10 نوفمبر 2024
إسرائيل وسياسة "الحجاب الحاجز"
عقب غزو إسرائيل لبنان في العام 1982، وانسحابها لاحقاً، تركت خلفها شريطاً تعبوياً حامياً، امتداده أكبر من المدى القادر على إحداث تدمير كبير للصواريخ التي يمتلكها حزب الله، وبقي ذلك الشريط حياً حتى عام 2000، عندما سحب رئيس الحكومة في حينه، إيهود باراك، كل الجنود من تلك المنطقة، ثم حصلت إسرائيل على صفقة أفضل بعد حرب 2006، عندما نجحت في دفع حزب الله إلى خلف نهر الليطاني. والمعنى العسكري لهذا التحرك الجغرافي هو منع صورايخ الكاتيوشا من الوصول إلى مستوطنة كريات شمونة في الشمال الفلسطيني.
بجردةٍ عسكريةٍ سريعة، يمكن القول إن الحدود شهدت هدوءاً لافتاً منذ تلك الحرب، والاتفاق الذي أعقبها، حتى العام 2011، عام نشوب الثورة السورية، وبدايات الاعتصامات والمظاهرات الجماهيرية التي هدّدت كرسي بشار الأسد، عندها وجدت كتائب حزب الله لها منفذاً إلى الداخل السوري بذرائع معروفة، وبدأت بالتمدّد، حتى استطاعت الوصول إلى أماكن قريبة من الحدود الفلسطينية السورية بشكل هادئ، لم يجرِ خلاله تبادل ناري عبر الحدود، لكن إسرائيل أصرت لاحقاً على إبعاد حزب الله إلى مسافة أكبر بكثير من التي تفصل الحدود اللبنانية الجنوبية عن نهر الليطاني، وهذا يعني بشكل صريح إبعاد إيران التي استطاعت أن تستغل كل ثغرات الربيع العربي، وتوسع موطئ أقدامها شرق المتوسط، ووجدت نفسها جغرافياً جارةً لإسرائيل.
الإيديولوجيا الدفاعية الإسرائيلية الثابتة، والتي تعتمد على نقل المعركة إلى أرض الخصم، جرى تطبيقها منذ قيام الكيان الإسرائيلي في 1948، ونفذتها عقب كل الحروب التي خاضتها مع الدول العربية، فعقب حرب 1967 احتفظت بمرتفعات الجولان، وأصدرت قراراً عن الكنيست بذلك، ويجري حالياً الحديث عن إضفاء الصبغة الشرعية على هذا القرار برعاية أميركية، باعتباره أثراً جانبياً لعملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
يمكن أن يمرّر هذا القرار في ظل غياب سياسي لسورية وعدم قدرتها على إبداء "الممانعة" الدولية، فالفيتو الروسي مخصص للاستخدام في حالاتٍ محددة فقط، والشريك الإيراني هو الآخر غير قادر على الاعتراض، فهو مشغولٌ بمواجهةٍ تبدو مهدِدة لوجوده في شرق المتوسط بشكل عام..
مع هذه العقلية الإسرائيلية المصرة على إخراج كل ما له صلة بإيران من الجنوب السوري، وفي وسط ميدانٍ ينتشي فيه الطرف الروسي بحروبه المظفرة حول دمشق وحمص وحماة وحلب، ويتطلع إلى تطبيق المعادلة نفسها في الجنوب السوري، مع بوادر قبول دولي به، تبرز معضلة جديدة، تتلخص في أن جيش النظام السوري المنهك قد لا يكون قادراً على خوض معركة كهذه، وهو بحاجةٍ إلى كل مليشيات إيران والعراق، وغيرهما من الدول التي تمتلك اللون نفسه، وهو ما ترفع إسرائيل في وجهه فيتو جديداً، ما يجعل للروس دوراً كبيراً ووحيداً في منطقة حيوية، فهو سيعوّض الفراغ الذي تتركه إيران وحلفاؤها، وتبدو دمشق بدورها مرتاحةً لهذا الانفراد، وقد تكون مستعدةً مرة أخرى لإحياء اتفاقية فك الارتباط في جبهة الجنوب السوري مع إسرائيل، والتي تم التوصل إليها برعاية كيسنجر.
الجبهة الجنوبية السورية التي شهدت نعيماً امتد إلى أكثر من أربعين عاماً مرشحة لمزيد من الانتعاش بصفقةٍ تبدو بنودها واضحة، بالسماح لسورية، ومن خلفها روسيا، بالدخول إلى كل الجنوب السوري المتاخم لإسرائيل بالطريقة نفسها التي دخلت فيها إلى بقية المناطق، والشرط الواضح والمعلن هو عدم اشتراك أي قوات إيرانية أو ما يشبهها، في هذه المعركة، مع بقاء كل القوات الأخرى بعيدةً إلى مسافة كافية خلف هذه الجبهة. أما البند غير المعلن والمرتبط بما تسمى صفقة القرن فقد يكون التخلي رسمياً هذه المرة عن الجولان، بعد التخلي عنه سابقاً بشكل غير معلن.
بجردةٍ عسكريةٍ سريعة، يمكن القول إن الحدود شهدت هدوءاً لافتاً منذ تلك الحرب، والاتفاق الذي أعقبها، حتى العام 2011، عام نشوب الثورة السورية، وبدايات الاعتصامات والمظاهرات الجماهيرية التي هدّدت كرسي بشار الأسد، عندها وجدت كتائب حزب الله لها منفذاً إلى الداخل السوري بذرائع معروفة، وبدأت بالتمدّد، حتى استطاعت الوصول إلى أماكن قريبة من الحدود الفلسطينية السورية بشكل هادئ، لم يجرِ خلاله تبادل ناري عبر الحدود، لكن إسرائيل أصرت لاحقاً على إبعاد حزب الله إلى مسافة أكبر بكثير من التي تفصل الحدود اللبنانية الجنوبية عن نهر الليطاني، وهذا يعني بشكل صريح إبعاد إيران التي استطاعت أن تستغل كل ثغرات الربيع العربي، وتوسع موطئ أقدامها شرق المتوسط، ووجدت نفسها جغرافياً جارةً لإسرائيل.
الإيديولوجيا الدفاعية الإسرائيلية الثابتة، والتي تعتمد على نقل المعركة إلى أرض الخصم، جرى تطبيقها منذ قيام الكيان الإسرائيلي في 1948، ونفذتها عقب كل الحروب التي خاضتها مع الدول العربية، فعقب حرب 1967 احتفظت بمرتفعات الجولان، وأصدرت قراراً عن الكنيست بذلك، ويجري حالياً الحديث عن إضفاء الصبغة الشرعية على هذا القرار برعاية أميركية، باعتباره أثراً جانبياً لعملية نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
يمكن أن يمرّر هذا القرار في ظل غياب سياسي لسورية وعدم قدرتها على إبداء "الممانعة" الدولية، فالفيتو الروسي مخصص للاستخدام في حالاتٍ محددة فقط، والشريك الإيراني هو الآخر غير قادر على الاعتراض، فهو مشغولٌ بمواجهةٍ تبدو مهدِدة لوجوده في شرق المتوسط بشكل عام..
مع هذه العقلية الإسرائيلية المصرة على إخراج كل ما له صلة بإيران من الجنوب السوري، وفي وسط ميدانٍ ينتشي فيه الطرف الروسي بحروبه المظفرة حول دمشق وحمص وحماة وحلب، ويتطلع إلى تطبيق المعادلة نفسها في الجنوب السوري، مع بوادر قبول دولي به، تبرز معضلة جديدة، تتلخص في أن جيش النظام السوري المنهك قد لا يكون قادراً على خوض معركة كهذه، وهو بحاجةٍ إلى كل مليشيات إيران والعراق، وغيرهما من الدول التي تمتلك اللون نفسه، وهو ما ترفع إسرائيل في وجهه فيتو جديداً، ما يجعل للروس دوراً كبيراً ووحيداً في منطقة حيوية، فهو سيعوّض الفراغ الذي تتركه إيران وحلفاؤها، وتبدو دمشق بدورها مرتاحةً لهذا الانفراد، وقد تكون مستعدةً مرة أخرى لإحياء اتفاقية فك الارتباط في جبهة الجنوب السوري مع إسرائيل، والتي تم التوصل إليها برعاية كيسنجر.
الجبهة الجنوبية السورية التي شهدت نعيماً امتد إلى أكثر من أربعين عاماً مرشحة لمزيد من الانتعاش بصفقةٍ تبدو بنودها واضحة، بالسماح لسورية، ومن خلفها روسيا، بالدخول إلى كل الجنوب السوري المتاخم لإسرائيل بالطريقة نفسها التي دخلت فيها إلى بقية المناطق، والشرط الواضح والمعلن هو عدم اشتراك أي قوات إيرانية أو ما يشبهها، في هذه المعركة، مع بقاء كل القوات الأخرى بعيدةً إلى مسافة كافية خلف هذه الجبهة. أما البند غير المعلن والمرتبط بما تسمى صفقة القرن فقد يكون التخلي رسمياً هذه المرة عن الجولان، بعد التخلي عنه سابقاً بشكل غير معلن.