24 اغسطس 2018
كواليس الحرب في اليمن
أصيل الشرعبي (اليمن)
غادرنا اليوم في اليمن تلك الأيام التي كنا نعيشها في بلد كان سعيدا فيما مضى، لكنه أضحى الآن مرتعا خصبا لكلّ هواة الفوضى والطائفية والعنصرية. وهكذا أصبح البلد يعجّ بنفحات الأحزاب والطوائف، ربما جميعهم يتنافسون على تدمير هذا البلد، وكأن الزمن، بالفعل، قد نسينا في هذه البقعة الجغرافية من العالم، إذ ما زلنا نجهل ثقافة التسامح والتعايش. لذلك أصبحت مأساتنا كبيرة.
الأفكار والمعتقدات محل احترام لدى كل من يحترم حق الآخر في ذلك، أمّا مبررات الحروب المذهبية والمجازر واستباحة الدماء غير مقبولة بتاتا. في هذا الوقت الصعب الذي يكاد يختلط فيه الحابل بالنابل، وتبدو الرؤية على درجةٍ عاليةٍ من عدم الوضوح، يبقى الدمار والقتل هو الحدث القديم المتجدّد الذي يستحدث نفسه، إذ كلما قلنا سيبلى وجدناه يجدد نفسه.
هو المشهد الذي يكرّر ذاته، ولقد توّهمنا أنّ الستار سيسدل معلنا نهايته، لكن للأسف ما زلنا في واقعنا البائس والمخجل، نغرق في صراعاتنا وجهلنا وتخلفنا، وما زالت غمامة التعصب والتطرّف تلقي بكثيف ظلها على واقعنا المشؤوم، فعندما يقتل الآلاف المؤلفة من المدنيين الأبرياء الذين يقضون نحبهم ضريبة لحربٍ لا تفرّق بين طفل أو امرأة، عندئذ يدرك الجميع أنّ حياتهم لم تعد مضمونة الأمان في مواجهة محكمة يفترض فيها ألا تكون نصبت، فهل من العدل أن تنزل عقوبة الموت بحق إنسان بقي متمسكا بعقيده ما؟
لقد وجد الدين ليجعلنا سعداء في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة. ولكي نكون سعداء، ينبغي أن نكون متسامحين ونعترف بوجود الآخر، حتى وإن كان مختلفاً عنا في معتقداته وآرائه. بالكاد نتجرأ على النطق بكلمة التسامح بين بعضنا، فضلا عن الديانات الأخرى، فلماذا هذا الإصرار على التمايز عن بقية المذاهب والطوائف؟ لقد هبّت علينا رياح خبيثة حاملة معها بذور الحرب والدمار، وأخذتنا إلى غير المكان الذي نريده، وجعلتنا نسقط في درك الكراهية وقيعان الضغينة، ولم يعد هناك مدى يفصلنا عن وحوش الغابة، تلك التي بدأت تنقرض حينما أفزعتها الوحوش الآدمية، إذ لم يترك الإنسان واحدةً من وسائل الفتك إلا واتخذها عن وعي منحرف، وتخلّى عن كل صلة تربطه بالإنسانية، ولم نعد نرى ولو شعاعاً ضئيلاً من الوازع الإنساني، ولم يعد في أجسادنا المنهكة موضعآ لآلآم إضافية بعد أن عصفت بنا رياح الحرب وتقاذفتنا الأزمات يمنة ويسرة كأمواج عاتية، ونحن على ذات المركب المتهالك.
الحرب في اليمن هي الجزء غير المروي من حكاية طويلة، تناولتها الألسن والفضائيات والصحف والمجلات، على نحو إعلامي منقوص، على نهج انتقائي غير موضوعي. هي الشطر المسكوت عنه من بيت شعري نازف، لا يعرف العالم عنه إلا ما أراد له الشاعر أن يعرفه من قصيدته الملحمية الدامية.
صحفيون وحقوقيون يقعون فرائس سهلة تحت أنياب التعذيب ومقاصل القتل وسحق الكرامة. إنها كواليس القصة التي يراقبها العالم في صمت عجيب. ربما عن خوف من سماع أنين المعذّبين وراء قضبان السجون وظلامها، إذ كلما قلنا سنخطو خطوة هزيلة للأمام تجرّنا الأفكار الهمجية آلاف الخطوات إلى الوراء. ولا أدري، أهو قدر علينا أن نسير إلى الخلف، أم أننا ألفنا المكوث خارج إطار التحضر؟
يفرض الواقع المزري علينا أن نعيش التناقض بشتى صوره المرعبة، فقد أصبحنا نعاني من الحرب والدمار والخراب وعقول مغلقة، جاءت من الأزمنة الغابرة، باعت الوطن بثمنٍ بخس، فهم يتاجرون باسم الوطن، من أجل إعلاء قيم الأنانية والرأي الأوحد، فمتى سنرتقي بواقعنا، ونأخذ بيده من نتوءات متحجّرة تجمدت في أدمغتنا، وما زالت تحفر أخاديد للجهل والتخلف؟
لا يزال مسلسل القتل مستمرا، والدماء تسفك يوميا. هذا هو حالنا في وطن أصبح حزينا، وكيف لا يحزن في زمانٍ يقتل فيه الأطفال والنساء على مرأى ومسمع من العالم أجمع؟
لدى كل أطراف الصراع في اليمن مصالح تسعى جاهدة لتحقيقها بشكل أو بآخر، وهي مسؤولة عن قتل المدنيين الأبرياء، ولا يحق لنا أن نقف مع أي جهةٍ أو نبرّر الجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني.
الأفكار والمعتقدات محل احترام لدى كل من يحترم حق الآخر في ذلك، أمّا مبررات الحروب المذهبية والمجازر واستباحة الدماء غير مقبولة بتاتا. في هذا الوقت الصعب الذي يكاد يختلط فيه الحابل بالنابل، وتبدو الرؤية على درجةٍ عاليةٍ من عدم الوضوح، يبقى الدمار والقتل هو الحدث القديم المتجدّد الذي يستحدث نفسه، إذ كلما قلنا سيبلى وجدناه يجدد نفسه.
هو المشهد الذي يكرّر ذاته، ولقد توّهمنا أنّ الستار سيسدل معلنا نهايته، لكن للأسف ما زلنا في واقعنا البائس والمخجل، نغرق في صراعاتنا وجهلنا وتخلفنا، وما زالت غمامة التعصب والتطرّف تلقي بكثيف ظلها على واقعنا المشؤوم، فعندما يقتل الآلاف المؤلفة من المدنيين الأبرياء الذين يقضون نحبهم ضريبة لحربٍ لا تفرّق بين طفل أو امرأة، عندئذ يدرك الجميع أنّ حياتهم لم تعد مضمونة الأمان في مواجهة محكمة يفترض فيها ألا تكون نصبت، فهل من العدل أن تنزل عقوبة الموت بحق إنسان بقي متمسكا بعقيده ما؟
لقد وجد الدين ليجعلنا سعداء في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة. ولكي نكون سعداء، ينبغي أن نكون متسامحين ونعترف بوجود الآخر، حتى وإن كان مختلفاً عنا في معتقداته وآرائه. بالكاد نتجرأ على النطق بكلمة التسامح بين بعضنا، فضلا عن الديانات الأخرى، فلماذا هذا الإصرار على التمايز عن بقية المذاهب والطوائف؟ لقد هبّت علينا رياح خبيثة حاملة معها بذور الحرب والدمار، وأخذتنا إلى غير المكان الذي نريده، وجعلتنا نسقط في درك الكراهية وقيعان الضغينة، ولم يعد هناك مدى يفصلنا عن وحوش الغابة، تلك التي بدأت تنقرض حينما أفزعتها الوحوش الآدمية، إذ لم يترك الإنسان واحدةً من وسائل الفتك إلا واتخذها عن وعي منحرف، وتخلّى عن كل صلة تربطه بالإنسانية، ولم نعد نرى ولو شعاعاً ضئيلاً من الوازع الإنساني، ولم يعد في أجسادنا المنهكة موضعآ لآلآم إضافية بعد أن عصفت بنا رياح الحرب وتقاذفتنا الأزمات يمنة ويسرة كأمواج عاتية، ونحن على ذات المركب المتهالك.
الحرب في اليمن هي الجزء غير المروي من حكاية طويلة، تناولتها الألسن والفضائيات والصحف والمجلات، على نحو إعلامي منقوص، على نهج انتقائي غير موضوعي. هي الشطر المسكوت عنه من بيت شعري نازف، لا يعرف العالم عنه إلا ما أراد له الشاعر أن يعرفه من قصيدته الملحمية الدامية.
صحفيون وحقوقيون يقعون فرائس سهلة تحت أنياب التعذيب ومقاصل القتل وسحق الكرامة. إنها كواليس القصة التي يراقبها العالم في صمت عجيب. ربما عن خوف من سماع أنين المعذّبين وراء قضبان السجون وظلامها، إذ كلما قلنا سنخطو خطوة هزيلة للأمام تجرّنا الأفكار الهمجية آلاف الخطوات إلى الوراء. ولا أدري، أهو قدر علينا أن نسير إلى الخلف، أم أننا ألفنا المكوث خارج إطار التحضر؟
يفرض الواقع المزري علينا أن نعيش التناقض بشتى صوره المرعبة، فقد أصبحنا نعاني من الحرب والدمار والخراب وعقول مغلقة، جاءت من الأزمنة الغابرة، باعت الوطن بثمنٍ بخس، فهم يتاجرون باسم الوطن، من أجل إعلاء قيم الأنانية والرأي الأوحد، فمتى سنرتقي بواقعنا، ونأخذ بيده من نتوءات متحجّرة تجمدت في أدمغتنا، وما زالت تحفر أخاديد للجهل والتخلف؟
لا يزال مسلسل القتل مستمرا، والدماء تسفك يوميا. هذا هو حالنا في وطن أصبح حزينا، وكيف لا يحزن في زمانٍ يقتل فيه الأطفال والنساء على مرأى ومسمع من العالم أجمع؟
لدى كل أطراف الصراع في اليمن مصالح تسعى جاهدة لتحقيقها بشكل أو بآخر، وهي مسؤولة عن قتل المدنيين الأبرياء، ولا يحق لنا أن نقف مع أي جهةٍ أو نبرّر الجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني.