18 أكتوبر 2024
بومبيو في بيروت
جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، بيروت أخيرا، ضمن جولته التي بدأها إلى المنطقة من الكويت، ثم الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تحمل عنواناً رئيساً يتلخّص بدعم كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتحجيم النفوذ والدور الإيرانيين في المنطقة. وسبقت زيارة بومبيو بيروت أخرى قام بها مساعده، ديفيد ساترفيلد، وقبله وكيل وزارة الخارجية، ديفيد هيل. وحملت هذه الزيارات رسالة واحدة، ضرورة التزام الجانب اللبناني سياسة النأي بالنفس، والضغط من أجل وضع حلّ لمسألة الحدود البحرية، حيث الصراع على الغاز المكتشف، بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن موضوع الحضور والدور والفاعلية الإيرانية في المنطقة، ومنها لبنان وسورية. وكان مايك بومبيو أكثر صراحة من موظفيه، فقد قال، أمام وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، وكذلك لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، ومن قلب بيروت: حزب الله منظمة إرهابية، تهدد أمن المنطقة، واستقرارها، ويجب أن يتحلّى الشعب اللبناني بالشجاعة الكاملة لمواجهته.
واضحٌ أن الضغط الأميركي يتصاعد في أكثر من اتجاه في هذه المرحلة، بغرض تنفيذ المخططات الأميركية في المنطقة، وفي مقدمها حماية أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل رئيسي، لأنه يعتبر أساس المشروع الأميركي في المنطقة، من خلال ما تعرف بـ "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، ومنها تصفية اللجوء الفلسطيني في لبنان. وكذلك ضمان السيطرة على منابع النفط، وطرق التجارة البحرية، سيّما الممرات المائية. وفي هذا السياق، يأتي الحديث عن الضغوط التي تمارس باعتبارها جزءا من التحضير للمرحلة المقبلة، لا سيما على القوى التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام المخططات الأميركية، وفي طليعة تلك القوى تركيا بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، ونرى كيف أن الدبلوماسية الأميركية، على الرغم من حاجتها للدولة التركية في المنطقة، لدورها في وضع حد للتمدّد الروسي تاريخياً، فإن هذه الدبلوماسية تمارس ضغطاً متزايداً على الدولة التركية، سواء داخل تركيا، من خلال مسارات عديدة، منها الاقتصادي والأمني والسياسي؛ أو خارج تركيا كما في مسألة الحدود مع سورية، ومسألة الأحزاب المصنّفة "إرهابية" على قائمة الإرهاب التركية في شمال سورية. وقد لوحظ أن أميركا مارست نوعاً من الابتزاز للدولة التركية في مسألة الانسحاب من شمال سورية، أو
في مسألة تسليم طائرات إف 35. ولوحظ أن الرئيس الأميركي اتخذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض مزيد من العقوبات عليها، بل وعلى الشركات التي يمكن أن تتعامل معها، وصولاً إلى التلويح والتهديد بمنعها من تصدير النفط، على الرغم من الحاجة إليه، للحفاظ على تدّني الأسعار في سوق النفط العالمي. ورأينا كيف تصاعد الضغط الأميركي على إيران في العراق بأشكال مختلفة، وكذلك في سورية من خلال الشريك الروسي والعامل الإسرائيلي، واليوم يأتي الدور لزيادة هذا الضغط، من خلال الضغط على حزب الله، كأبرز وأهم ذراع لإيران في المنطقة.
تأتي زيارة بومبيو إلى بيروت لزيادة حجم الضغط على لبنان، من أجل اتخاذ موقفٍ يزيد في حصار حزب الله، وفي عزلته وخنقه. وجزءا من ترتيب المرحلة المقبلة، والتمهيد فيها، للتخلص من "المخالب" التي تملكها إيران، والمتمثلة أساسا بصواريخ حزب الله التي قال قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي جعفري، إنها تطاول كل أجواء فلسطين المحتلة. وبالطبع، هذا الضغط الأميركي، وهذا الكلام الإيراني، يكشفان أن المواجهة بين الطرفين قد تكون قريبة، إذا لم تصل الدبلوماسية الخشنة بينهما إلى اتفاقٍ في حدود معيّنة، يحفظ المصالح للطرفين، ويؤجّل المواجهة إلى وقت آخر، إلا أن القراءة الإسرائيلية للمعطيات الحالية واستقراء المستقبل يشيران إلى أن أفضل فرصة لكيان الاحتلال الإسرائيلي للتخلص من هواجس الصواريخ، سواء في غزة أو في لبنان، هي في ظل وجود الرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض، وأن أية فرصة في حال خروج ترامب من المكتب البيضاوي قد تكون أقل من المتوقع. ومن هنا، يرى بعضهم أن زيارة بومبيو إلى لبنان والمنطقة تأتي في سياق تحضير المسرح للمواجهة المقبلة، من خلال محاصرة حزب الله اقتصادياً، كجزء من محاولات إنهاكه. ولكن السؤال: هل يتحمّل لبنان كلفة هذه المواجهة، أو كلفة أي موقفٍ يجعله في أيٍّ من المحاور المتواجهة؟
كان واضحاً أن الموقف اللبناني مع الزائر الأميركي كان يحاول أن يزيّن الأمور، ويقف في المنتصف، وقد ظهر كما لو أن المسؤولين اللبنانيين الرسميين وزّعوا الأدوار وتبادلوها فيما بينهم، للتخفيف من حجم الضغط الأميركي واستيعابه من ناحية، ولإرضاء حزب الله، ومن خلفه إيران من ناحية، لأنه لا قدرة للبنان على تحمّل أي من الضغطين. وهنا بدا كما لو أن الانقسام على الموقف السياسي اللبناني شكّل، بحد ذاته، فرصة للهروب من ضغط الأطراف المتواجهة.
تأتي زيارة بومبيو إلى بيروت لزيادة حجم الضغط على لبنان، من أجل اتخاذ موقفٍ يزيد في حصار حزب الله، وفي عزلته وخنقه. وجزءا من ترتيب المرحلة المقبلة، والتمهيد فيها، للتخلص من "المخالب" التي تملكها إيران، والمتمثلة أساسا بصواريخ حزب الله التي قال قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي جعفري، إنها تطاول كل أجواء فلسطين المحتلة. وبالطبع، هذا الضغط الأميركي، وهذا الكلام الإيراني، يكشفان أن المواجهة بين الطرفين قد تكون قريبة، إذا لم تصل الدبلوماسية الخشنة بينهما إلى اتفاقٍ في حدود معيّنة، يحفظ المصالح للطرفين، ويؤجّل المواجهة إلى وقت آخر، إلا أن القراءة الإسرائيلية للمعطيات الحالية واستقراء المستقبل يشيران إلى أن أفضل فرصة لكيان الاحتلال الإسرائيلي للتخلص من هواجس الصواريخ، سواء في غزة أو في لبنان، هي في ظل وجود الرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض، وأن أية فرصة في حال خروج ترامب من المكتب البيضاوي قد تكون أقل من المتوقع. ومن هنا، يرى بعضهم أن زيارة بومبيو إلى لبنان والمنطقة تأتي في سياق تحضير المسرح للمواجهة المقبلة، من خلال محاصرة حزب الله اقتصادياً، كجزء من محاولات إنهاكه. ولكن السؤال: هل يتحمّل لبنان كلفة هذه المواجهة، أو كلفة أي موقفٍ يجعله في أيٍّ من المحاور المتواجهة؟
كان واضحاً أن الموقف اللبناني مع الزائر الأميركي كان يحاول أن يزيّن الأمور، ويقف في المنتصف، وقد ظهر كما لو أن المسؤولين اللبنانيين الرسميين وزّعوا الأدوار وتبادلوها فيما بينهم، للتخفيف من حجم الضغط الأميركي واستيعابه من ناحية، ولإرضاء حزب الله، ومن خلفه إيران من ناحية، لأنه لا قدرة للبنان على تحمّل أي من الضغطين. وهنا بدا كما لو أن الانقسام على الموقف السياسي اللبناني شكّل، بحد ذاته، فرصة للهروب من ضغط الأطراف المتواجهة.