أصبح من الواضح أن جهاز المخابرات العامة المصرية أحكم قبضته على "الحوار السياسي والوطني" المفترض، الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد إعلان إدارة "الحوار الوطني" التابعة لأكاديمية التدريب التابعة لرئاسة الجمهورية، الأربعاء، عن اختيار اثنين من أشد المقربين للجهاز لتولي مهام المنسق العام للحوار ورئاسة الأمانة الفنية له.
وأعلنت إدارة الحوار عن اختيار رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ونقيب الصحافيين، ضياء رشوان، في المنصب الأول، والأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، محمود فوزي، في المنصب الثاني.
وقالت إدارة الحوار، في بيان، إن أولى جلسات "الحوار الوطني" ستكون في الأسبوع الأول من يوليو/ تموز المقبل، وقالت مصادر خاصة إن الدائرة المقربة من الرئيس السيسي، بقيادة مدير المخابرات العامة، قررت التعجيل بالإعلان عن تدشين الحوار السياسي، بعدما تكاثرت أنباء حول عدم نية النظام لعقد الحوار في الوقت الحالي، لا سيما مع تصاعد بعض الأصوات المعارضة المطالبة بالديمقراطية، والتي وصلت إلى حد طرح فكرة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ضياء رشوان منسقاً عاماً للحوار
وأضافت المصادر أن تعيين نقيب الصحافيين ضياء رشوان منسقاً عاماً للحوار المفترض جاء بقرار من اللواء عباس كامل شخصياً، حيث كان أحد مرشحين من بينهم الصحافي الناصري عبد الله السناوي.
وأوضحت المصادر أن "ثقة الجهاز في ضياء رشوان كانت أكبر ولذلك تم حسم المنصب لصالحه، نظراً لأنه أقرب للجهاز، والأكثر حرصاً على توجيه مسار الحوار في الاتجاه المحدد من قبل النظام".
وأكدت المصادر أن "التقارير التي تحدثت عن عدم جدية النظام في الدخول في حوار سياسي أزعجت دائرة الرئيس، وبخاصة وأنها تبذل جهداً في سبيل إقناع المجتمع الدولي بأنه يقبل بالمعارضة والحوار، ويسمح بحرية الرأي والتعبير، وذلك استعداداً لمؤتمر المناخ العالمي المقرر انعقاده في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم بمنتجع شرم الشيخ السياحي".
وقالت إدارة الحوار في بيان أنه "تم الانتهاء من التجهيزات واللوجيستيات اللازمة لتنظيم الحوار، من خلال الأكاديمية الوطنية للتدريب المنوطة بتنظيم "المؤتمر الوطني للشباب"، وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ويشغل رشوان منصب نقيب الصحافيين منذ عام 2019، ويحظى بدعم واسع من أجهزة الدولة الأمنية، وقد أصدر بياناً باسم الصحافيين أبدى فيه ترحيبه الشديد بالقرارات التي أعلنها السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية نهاية إبريل/ نيسان الماضي، والمتعلقة بدعوته إلى حوار سياسي وطني واسع يضم مختلف أطياف المجتمع السياسية والنقابية والمدنية وغيرها، على قاعدة الشرعية الدستورية والقانونية.
وجاء تثمين نقيب الصحافيين لمبادرة السيسي بينما حالة الإعلام والصحافة في البلاد تنتقل من سيئ إلى أسوأ، وفقاً لمنظمة مراسلون بلا حدود، إذ احتلت مصر المرتبة الـ166 في نسختي عامي 2021 و2020 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تعده المنظمة، من بين 180 بلداً، والمرتبة الثالثة في قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحافيين.
محمود فوزي وتمرير التشريعات سيئة السمعة
أما فوزي فهو المساهم الأول في إعداد وتمرير الكثير من التشريعات سيئة السمعة، حين كان يشغل منصب الأمين العام لمجلس النواب، وفي مقدمتها قانون "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" عام 2018، والذي منح المجلس صلاحيات واسعة شملت حجب المواقع الإلكترونية ووقف الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بدعاوى فضفاضة مثل نشر أو بث أخبار كاذبة، والسب والقذف، أو التحريض على مخالفة القانون، أو الدعوة للتعصب وامتهان العقائد.
وفوزي مستشار مقرب من جهاز المخابرات العامة، منذ انتدابه في الأمانة الفنية للجنة تقصي الحقائق في أعقاب انقلاب 3 يوليو/ تموز عام 2013، ثم في وزارة العدالة الانتقالية (شؤون مجلس النواب حالياً)، في عهد الوزير السابق إبراهيم الهنيدي الذي يشغل حالياً منصب رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب، كما أنه ساهم في تسليم رئاسة مجلس النواب إلى المستشار فتحي الجبالي، خلفاً لرئيسه السابق علي عبد العال بعد انتخابات صورية، وبعد إنجاز المهمة غادر المجلس وتمت مكافأته بتعيينه أميناً عاماً للمجلس الاعلى للإعلام.
ويذكر أن السيسي أصدر قرارات بالعفو عن مجموعة محدودة من الناشطين السياسيين، ارتباطاً بحديثه عن ضرورة إطلاق "حوار وطني" للتباحث حول الأزمة الاقتصادية. ولم تمثل غالبية الأسماء التي تم إخلاء سبيلها سوى مجموعة من الشباب المنتمين إلى أحزاب وتيارات سياسية شاركت في تأييده خلال السنوات الأولى من حكمه، ثم انتقلت إلى صفوف "المعارضة الناعمة" بسبب ممارسات الإقصاء والتهميش في حقها.