أقر حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، إحداث لجنة مركزية دائمة لـ"دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل نيل حقوقه كاملة غير منقوصة"، في وقت يحاول فيه الحزب الإسلامي تجاوز تداعيات توقيع أمينه العام سعد الدين العثماني على اتفاق التطبيع بين الرباط وتل أبيب.
وأعلنت الأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية"، اليوم الجمعة، عن قرارها إنشاء لجنة مركزية دائمة تشتغل تحت إشرافها لدعم الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل نيل حقوقه كاملة غير منقوصة على أن يتم في وقت لاحق الإعلان عن رئاسة وتشكيلة اللجنة.
وذكرت الأمانة العامة للحزب الإسلامي، في بيان صدر بعد اجتماعها الأسبوعي، أن إنشاء اللجنة "يأتي في إطار المواقف الثابتة للحزب من القضية الفلسطينية القائمة على الدعم الدائم للشعب الفلسطيني، والتأكيد المتواصل على حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعلى حق العودة، ورفض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسطين من هدم للبيوت وتوسيع للاستيطان والعمل على تهويد القدس والمسجد الأقصى".
وبحسب عضو في الأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية"، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول له بالتصريح، فإن "المرحلة الجديدة التي دخلها المغرب بعد التوقيع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل تقتضي تأهيلاً سياسياً للحزب، ومؤسسات جديدة وقيادة جماعية منسجمة، وبلورة مقاربة على المدى المتوسط، وكذلك التفكير بهدوء لمرحلة مواجهة المشروع الصهيوني"، لافتا في في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "موقف المغاربة الرافض لكل أشكال التطبيع مع الكيان هو المؤطر للعدالة والتنمية وباقي الأحزاب المغربية، لكن مع الاستماتة في الدفاع عن القضية الوطنية (قضية الصحراء)".
ويأتي إنشاء لجنة دعم الشعب الفلسطيني في وقت أعلن فيه الأمين العام السابق للحزب، رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران، أن "لحزبه موقفه الخاص بخصوص موضوع التطبيع، ولن يغيره تحت الضغط".
وقال بنكيران، في كلمة بثت ليل أمس الخميس على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خلال لقاء جمعه بأعضاء المكتب الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ( الذراع النقابي للحزب): "لا يمكن تغيير الموقف من التطبيع لا بابن تيمية ولا بابن القيم ولا بغيرهما، لأن هذه المرحلة كنا فيها أمام الواقع، وأمين عام حزبنا، بصفته رئيس الحكومة، وقع على ما أتت به الظروف ونحن متفهمون ذلك".
رئيس الحكومة المغربية السابق، قال إن "الذي يمضي اليوم في التطبيع مع إسرائيل هي الدولة التي يسيرها الملك وليس العدالة والتنمية"، معتبرا أن استئناف العلاقات مع تل أبيب "مرتبط بمصلحة بلادنا، والقرار اتخذه سيدنا (العاهل المغربي الملك محمد السادس)، الذي يتصرف في إطار صلاحياته، وهو اتخذ قرارا لا يمكننا إلا أن نكون معه ولن نكون ضده".
ومنذ العاشر من ديسمبر/كانون الأول الحالي، تاريخ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يعيش "العدالة والتنمية" على صفيح ساخن، جراء تباين مواقف هيئاته التنظيمية التي لم تستفق بعد من صدمة خطوة التطبيع، بين موقف رافض لها عبّرت عنه حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوية للحزب، والتنظيم الشبابي، وآخر تجنّب إعلان موقف صريح مباشر تمثّل بالأمانة العامة.
وفي الوقت الذي وجدت فيه قيادة الحزب، الذي يبني عقيدته السياسية منذ نشأته على رفض التطبيع، نفسها في موقف محرج أمام قواعدها والرأي العام، وهي تصطدم بقرار استئناف العلاقات مع تل أبيب، ألقى توقيع الأمين العام لـ"العدالة والتنمية" سعد الدين العثماني، بصفته رئيساً للحكومة، في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على الإعلان الثلاثي بين الرباط وواشنطن وتل أبيب، بظلاله على الحزب، ووصل إلى حد المطالبة بإقالته والدعوة إلى مؤتمر استثنائي للإطاحة به من رأس الحزب.