أفضى الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع قادة وممثلي القوى السياسية الرئيسة في البلاد، والذي عقد ظهر اليوم ببغداد، إلى دعوة "التيار الصدري" إلى الانخراط بالحوار الوطني للخروج من الأزمة الحالية، وسط تأكيدات أن الذهاب نحو الانتخابات المبكرة تحكمه المسارات الدستورية.
وعقد الاجتماع الذي سماه مكتب رئيس الوزراء "اجتماع الحوار الوطني العراقي" بمقاطعة "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر وبمشاركة كل القوى السياسية العراقية الأخرى، فضلاً عن ممثلة الأمم المتحدة بالعراق جينين هينيس بلاسخارت.
واتفق المجتمعون، وفقًا لبيان مكتب رئيس الوزراء، على إيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار، إضافة إلى التأكيد على أن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً في تاريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة.
ودعا المجتمعون "التيار الصدري" إلى الانخراط في الحوار الوطني لوضع آلياتٍ للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه، كما اتفقوا على استمرار الحوار الوطني من أجل وضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة، داعين إلى إيقاف كل أشكال التصعيد الميداني، أو الإعلامي، أو السياسي، مؤكدين ضرورة حماية مؤسسات الدولة.
وقبل بدء الاجتماع أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق إرجاء البت بالدعوى المتعلقة بحلّ البرلمان إلى نهاية الشهر الجاري، في خطوة اعتبرت محاولة لمنح الحلول السياسية مزيدا من الوقت.
تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة حل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات
وكانت مصادر سياسية مطلعة قد قالت لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع الذي عقد برعاية الكاظمي لم يتخذ خلاله أي قرار لحل الأزمة السياسية، والاجتماع ركز فقط على مناقشة شروط التيار الصدري بحل مجلس النواب العراقي وتحديد موعد الانتخابات المبكرة الجديدة".
وبحسب المصادر، فقد شهد الاجتماع انقسامًا واضحًا في المواقف والآراء من تحقيق مطالب الصدريين حتى على مستوى قادة "الإطار التنسيقي"، الحليف لإيران، والذي شارك عنه نوري المالكي وهادي العامري وهمام حمودي وفالح الفياض.
وبينت المصادر أنه "تم الاتفاق خلال الاجتماع على تشكيل لجنة مصغرة تجمع ممثلين مخولين عن القوى السياسية لبحث شروط التيار الصدري المتضمنة حل البرلمان والانتخابات المبكرة، وكذلك تعديل بعض الفقرات الدستورية، مع الاتفاق على عقد اجتماع آخر لقادة الكتل خلال الأيام المقبلة للوصول إلى تفاهمات بشأن تحقيق شروط التيار الصدري من أجل حل الأزمة السياسية".
وأكدت أن الاجتماع تخللته مداخلات من قادة عدة كتل إلى جانب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تضمنت التحذير من الاستمرار بالأزمة وخطورة استمرار تحشيد الشارع ومخاوف الاحتكاك بين أنصار الطرفين.
ولم يفض الاجتماع إلى أي تفاهمات بشأن خفض التصعيد الإعلامي، كما لم ترد قوى "الإطار التنسيقي" بشكل واضح على دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لوقف تحشيد الشارع كبادرة تهدئة تقابل إلغاء الصدر تظاهرة كانت مقررة السبت المقبل.
قيادي في "الإطار التنسيقي": التيار الصدري لا يريد أي حلول قانونية ودستورية
واتهم القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي" محمود الحياني، خلال حديث مع "العربي الجديد"، "التيار الصدري" بأنه لا يريد حل الأزمة بسبب مقاطعته اجتماع اليوم.
وقال الحياني إن "القوى السياسية التي حضرت الاجتماع ترغب بحل الأزمة بالحوار ولا تريد أي تصعيد بالأزمة، خصوصاً قوى الإطار التنسيقي، لكن عدم حضور التيار الصدري للاجتماع يؤكد أن التيار لا يريد أي حلول وفق الأطر القانونية والدستورية".
وبين الحياني أن مشاركة "التيار الصدري" في الاجتماع مهمة جداً كونه أبرز أعمدة الصراع الحالي وأن عدم حضوره أفقد الاجتماع أهميته، مشيرًا إلى استمرار الحوارات والاجتماعات لحين الوصول الى اتفاقات لحل الأزمة وفق الأطر الدستورية والقانونية، وبمشاركة جميع الكتل والأحزاب دون تهميش أي طرف سياسي.
وشدد على أن موقف قوى "الإطار التنسيقي" ما زال ثابتًا بالمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة، وأن أي حل للبرلمان يجب أن يكون بعد تشكيل الحكومة الجديدة وبعد تعديل قانون الانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات التي يجب أن تنفذها حكومة جديدة لها كامل الصلاحيات وليس حكومة تصريف أعمال يومية.
لا حلول للأزمة على المديين القريب والمتوسط
بالمقابل، قال المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن تأجيل البت بدعوى حل مجلس النواب من قبل المحكمة الاتحادية كان متوقعًا، لإعطاء مجال للقوى السياسية للتحاور والوصول إلى تفاهمات، وحتى لا تكون هي جزء من أي مشكلة سياسية بسبب أي قرار تتخذه.
وبين الشريفي أن عدم مشاركة "التيار الصدري" في اجتماع قادة الكتل السياسية كان متوقعًا أيضاً، إذ إن التيار رافض وبشدة إجراء أي حوار مباشر وغير مباشر مع كافة القوى السياسية، وهو مصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وعدم تحقيق هذا المطلب سيدفع الصدريين إلى التصعيد من جديد في الشارع العراقي.
وأضاف أن "فشل اجتماع قادة الكتل السياسية كان متوقعاً جداً، خصوصاً أن المجتمعين لن يحضروا ومعهم أي حلول جديدة، بل اجتمعوا لطرح الآراء والمواقف نفسها. هذا ما يؤكد عدم وجود حلول قريبة للأزمة السياسية في العراق على المدى القريب أو حتى المتوسط".
ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى "الإطار التنسيقي" ضد "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، الذي تصدر الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وأعلن الصدر انسحاب نوابه من البرلمان بعد ما وصفه بالتفاف قوى "الإطار التنسيقي" على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، والتي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدماتي في البلاد.