كشفت مصادر مواكبة للمفاوضات النووية في فيينا لـ"العربي الجديد" أن هذه المفاوضات شهدت، خلال اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي أمس الخميس، "تقدماً جزئياً يشجع على مواصلة المفاوضات".
وعن هذا "التقدم الجزئي"، قالت المصادر إنه "مرتبط بموافقة المجتمعين على جدول أعمال لهذه الجولة"، مشيرة إلى أنه "على الرغم من استئناف المفاوضات منذ 29 نوفمبر/تشرين الثاني؛ فإنه لم يكن هناك جدول أعمال متفق عليه بين الأطراف، إذ رفضت إيران عملياً، خلال الأسبوع الماضي، البناء على المفاوضات السابقة، وقدمت مقترحات جديدة، رفضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، وامتعضت منها روسيا من دون إظهار ذلك علناً".
وأوضحت هذه المصادر من فيينا أن "التطور الإيجابي في تحديد جدول أعمال للمفاوضات، جاء بعد أن أبدى الوفد الإيراني مرونة في الموقف، ووافق مبدئياً على التفاوض بناءاً على ما تم التوصل إليه في الجولة السادسة" من المفاوضات التي توقفت يوم 20 يونيو/حزيران الماضي.
غير أن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني دعا إلى "ضرورة أخذ تحفظات إيرانية وردت في المقترحات خلال المداولات بالاعتبار"، حسب المصادر التي أضافت أن رؤساء الوفود اتفقوا خلال اجتماع اللجنة المشتركة، أمس الخميس، على أن تبدأ لجان الخبراء المرتبطة برفع العقوبات والمسائل النووية اجتماعاتها، لمواصلة المفاوضات انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها في الجولة السادسة، مع مناقشة ملاحظات إيران بـ"طريقة لا تضر بشكل أساسي بالاتفاقيات التي حصلت خلال الجولات السابقة، ولا تعيد التفاوض من الصفر".
وكشفت المصادر عن أن "المرونة الإيرانية تعود إلى ضغوط روسية على طهران، وتحفّظ موسكو على النهج الجديد للمفاوضين الإيرانيين، مع تأكيدها أن ذلك يوصل المفاوضات إلى مأزق"، مشيرة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد وعد نظيره الأميركي جو بايدن، في المكالمة الافتراضية الثلاثاء الماضي، بأن روسيا ستتحدث مع الإيرانيين بشأن "التحديات الجديدة" التي بدأت تواجهها مفاوضات فيينا على خلفية طرح مقترحات جديدة.
وأوضحت المصادر أن الخارجية الروسية، بعد مشاورات مع مسؤولين أميركيين، كانت قد دعت كبير المفاوضين الإيرانيين إلى روسيا للحديث معه بشأن المقترحات الإيرانية، لافتة إلى أنها أكدت ضرورة الانطلاق في المفاوضات الجديدة من نتائج الجولات السابقة.
وكان باقري كني قد وصل إلى روسيا الثلاثاء الماضي، يوم المكالمة الافتراضية بين بوتين وبايدن، وأجرى مباحثات مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف.
وأكدت المصادر أنه "على الرغم من الموافقة الإيرانية مبدئياً على مواصلة المفاوضات بناء على ما توصلت إليه الجولة السادسة؛ فإن اجتماعات لجان الخبراء ستشكل اختباراً لنوايا طهران، وما إذا كانت ستنتهج هذا الطريق أم أنها ستواصل بالفعل نهجها الجديد المبني على المقترحات الجديدة، من خلال طرح تحفظات كثيرة على مسودة ما تم الاتفاق عليه خلال الجولات السابقة".
وأوضحت المصادر أن تأخر الوفد الأميركي، برئاسة روبرت مالي، في الوصول إلى فيينا نهاية الأسبوع، بعد أيام من استئناف المفاوضات؛ يعود بالأساس إلى "رغبة أميركية في التريث إلى حين اتضاح الصورة في ما يرتبط بجدول أعمال المفاوضات والموقف الإيراني".
وفي السياق، أكدت المصادر لـ"العربي الجديد" أن "هذا السلوك الأميركي جاء متسقاً مع رسالة أميركية نقلتها روسيا إلى إيران، مفادها أن الولايات المتحدة ستنسحب من المفاوضات في حال إصرار إيران على فرض أجندة جديدة على المفاوضات، وأطاحت ما تم الاتفاق عليه خلال المفاوضات السابقة"، مشيرة إلى أن "الأطراف الأوروبية أيضا لوحت بذلك خلال المفاوضات".
وكشفت المصادر ذاتها أن "العقبة الأساسية أمام المفاوضات هي توجه أميركي للاحتفاظ ببعض العقوبات"، قائلة إن "الولايات المتحدة كانت قد وافقت خلال الجولة السابقة على رفع 1040 إجراء حظر، بين إلغاء معظمها وتعليق بعض هذه العقوبات، التي أعيد فرضها تحت بند مكافحة الإرهاب"، مع الإشارة إلى أن "الوفد الإيراني السابق قد قبل بذلك".
غير أن الحكومة الإيرانية الجديدة رفضت ذلك، وفي مسودتها بشأن رفع العقوبات، أكدت "ضرورة رفع جميع العقوبات البالغ عددها أكثر من 1500 عقوبة"، وفق تلك المصادر التي أكدت أن المسودة الإيرانية "تنص على ضرورة إلغاء كل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة منذ انسحابها من الاتفاق النووي (عام 2018) في إطار سياسة الضغوط القصوى".
وأوضحت أن "العقوبات التي تطالب إيران برفعها تشمل تلك التي أعيد فرضها بعد الانسحاب، وينص الاتفاق النووي على رفعها، فضلاً عن العقوبات المرتبطة بحقوق الإنسان والصواريخ ومكافحة الإرهاب وغيرها"، لافتة إلى أن "إيران تؤكد أن هذه العقوبات كلها مرتبطة بالاتفاق النووي، لكونها فرضت بعد الانسحاب منه في إطار الضغوط القصوى، ولأنها تحول دون التمتع بمنافع الاتفاق الاقتصادية".