"حزب الله"... فائض من الخسائر عربياً

22 أكتوبر 2021
تطرح أسئلة جدية حول أهداف وبوصلة "حزب الله" (فرانس برس)
+ الخط -

لم يعد السجال حول سلاح وبوصلة "حزب الله" لبنانياً صرفاً، فلا أحد عاقلاً ينكر تدخلاته العربية العسكرية. تأييد الحزب عربياً، أقله عند مريدي "محور الممانعة" السابقين، يساريين وعلمانيين وقوميين، لم يأبه يوماً بخلفيته الطائفية والإسلامية. ولكن ثمة فارقاً بين "حزب الله" 2006 و"حزب الله" 2021 على المستويين اللبناني والعربي. فالتوجس الذي انتشر بين اللبنانيين بعد أحداث 7 مايو/ أيار 2008 (حين نفذ "حزب الله" وحلفاؤه انتشاراً مسلحاً في بيروت)، والذي اعتُبر من قبل مؤيدي الحزب "يوماً مجيداً"، توسع عربياً، منذ أن أنزل الحزب أعلام دول ثورات الربيع العربي، بمجرد اندلاع الثورة السورية في عام 2011. والخطاب عن مائة ألف مسلح لـ"حزب الله"، كما أعلن أمينه العام حسن نصر الله أخيراً، وبأنهم "فقط من اللبنانيين"، يضيف أسئلة جدية، غير مُجاملة، حيال بوصلة وأهداف الحزب.

يعلق في ذاكرة مؤيدي "محور الممانعة" السابقين كيف ضُمّ إليه، برغبة أمنيي دمشق، إيلي حبيقة (قيادي سابق في القوات اللبنانية، ثم أصبح نائباً ووزيراً - قُتل بتفجير موكبه في عام 2002)، بعدما كان متهماً بمشاركته وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 أرييل شارون في ارتكاب مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت. ثم جرى توسيع ذلك المحور إلى العراق، ليشمل "الآتين على ظهر الدبابة الأميركية"، كما قدمتهم أدبيات "الممانعة"، بُعيد الغزو الأميركي في 2003، وبينهم نوري المالكي.

اعتبار قاتلي ومُهجّري الفلسطينيين من العراق إلى البرازيل وتشيلي، ومتهم مثل إيلي حبيقة، جزءاً أصيلاً من ذلك المحور، أطلق حالة نفور أوسع، وصلت ذروتها مع الانعطافة الأخطر للحزب، بتدخله عسكرياً ضد ثورة الشعب السوري، ما نسف أدبيات الوقوف مع "المظلومين". ففي ذلك التدخل، المتحول بعد مرحلة احتلال الحزب لمنطقة القصير في ريف حمص، وسط غربي سورية، والملاصقة للحدود اللبنانية، إلى انتهازية القتال تحت مظلة "عاصفة السوخوي" الروسية، التي هلّل لها إعلام محوره، ولاحقاً بحجة "محاربة التكفيريين"، ولو تحت غطاء جوي أميركي، لم يتردد الحزب في العمل كتفاً إلى كتف مع مرتزقة أفغان وباكستانيين (مثل "زينبيون" و"فاطميون")، وتحت رايات وخطابات طائفية، وبحجج "حماية المراقد"، ومع مرتزقة "فاغنر" الروس، وتبرير تهجير ملايين السوريين والفلسطينيين.

في المحصلة، قد يكون لدى الحزب مائة ألف مقاتل وامتداد طائفي مسلح غير خفي، وربما يكون قد اكتسب "مهارات قتالية" بوقوفه ضد إرادة الشعوب، في سورية والعراق واليمن، وضد ثورة الشباب في لبنان (2019 – 2020)، لكن غرور فائض القوة ينسي "حزب الله" أن فائض خسائره عربياً أكثر كارثية، كلما تشبّه بـ"الحشد الشعبي" العراقي، أو بأي مليشيا مسلحة.

المساهمون