أدى الزخم الذي رافق حادثة اختطاف 11 مصرياً من استراحة في قرية بالوظة، في نطاق مدينة بئر العبد، غربي محافظة شمال سيناء، في 1 سبتمبر/أيلول الحالي إلى تراجع تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش" وبدء الإفراج عن المختطفين لديه. وبدأ التنظيم مطلع الأسبوع الحالي عملية الإفراج عن مواطني بالوظة مروراً بآخرين مرّ على اختطافهم عدة أشهر، عاشوا خلالها مصيراً مجهولاً، في ظلّ عدم قدرة قوات الجيش والشرطة والمخابرات عن الوصول إليهم، وذلك في وقتٍ عانى فيه أهالي المختطفين من ظروف نفسية وسيئة للغاية، ضاعفها عدم الاهتمام بقضيتهم، من قبل كل الجهات الأمنية والحكومية.
لا يزال مصير عدد من المواطنين من سكان مدينتي الشيخ زويد ورفح ومناطق وسط سيناء مجهولاً
وحول هذه القضية، أفاد مصدر حكومي مسؤول في مدينة العريش لـ"العربي الجديد" بأنه سجلت خلال السنوات الماضية مئات حالات الاختطاف لمواطنين على يد "ولاية سيناء". وأضاف أن مصيرهم تراوح بين الإفراج عنهم أو قتلهم بعد فترة زمنية، إلا أن مصير العشرات منهم لا يزال مجهولاً، إذ إن بعض المواطنين اختُطفوا منذ أربع سنوات، من دون توفر أي معلومة عنهم حتى هذه اللحظة. وقال: لا يمكن لأي جهة أمنية أو حكومية تقديم أي شيء لعائلات المختطفين، نظراً إلى الحالة الأمنية المعقّدة في سيناء، واستحالة إجراء تواصل بين الأجهزة الأمنية والخاطفين، أو الوصول إلى المختطفين بأي شكل كان. وبالتالي فإن قضيتهم ستبقى عالقة إلى أن يعلن التنظيم عن مصيرهم كما جرت العادة.
وأضاف المصدر أنه كان من بين المختطفين 11 مواطناً اختطفوا في استراحة منطقة بالوظة، إلى أن جرى الإفراج عنهم مطلع الأسبوع الحالي. وكشف أنه تمّ الإفراج في الوقت نفسه عن رجل أعمال ونجله وأحد العاملين في مزرعته من سكان مدينة العريش، الذين اختُطفوا في شهر أغسطس/آب الماضي، بالإضافة إلى خمسة مواطنين اختُطفوا قبل خمسة أشهر من قريتي عمورية والمصفق بنطاق بئر العبد. كا أُفرج عن كمال عوض ومحمد سعيد لطفي، والشيخ حمدي جودة، الذين اختُطفوا في صيف 2017. ولا يزال مصير عدد من المواطنين من سكان مدينتي الشيخ زويد ورفح ومناطق وسط سيناء مجهولاً، لعدم توافر معلومات كافية عنهم لدى الجهات الحكومية، وعدم قدرة الأهالي على الحديث عما جرى مع أبنائهم، فضلاً عن عدم وجود جهات متخصصة في هذا الملف لمتابعة مجرياته، والوصول للعائلات.
وخلال الأيام التي تلت اختطاف الشبان من استراحة بالوظة، سادت حالة من الغليان في أوساط المواطنين، وانعكس ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال هاشتاغات وحملات إلكترونية تطالب نواب سيناء والجهات الحكومية بالإسراع في الكشف عن مصير المختطفين، والبحث عن خطوات جادة لإنهاء الأزمة، وضمان عدم تكرارها من خلال توفير الحماية للمواطنين بالشكل الكافي. والغاية من مطالبهم هي الحؤول دون وصول التنظيم إليهم وقت ما يشاء، خصوصاً مع تكرار حوادث الخطف والخشية من توسّعها خلال الأيام المقبلة، في حال لم يكن هناك موقف حازم من الدولة المصرية تجاه ما يجري لمواطنيها في سيناء.
تعمّد الجيش نقل الشبان بآلياته للإشارة إلى أنه قام بتحريرهم
وفي أعقاب الإفراج عنهم من قبل "ولاية سيناء"، اقتاد جهاز المخابرات الحربية التابع للجيش المصري، الشبان المفرج عنهم إلى مقر كتيبة رابعة في نطاق مدينة بئر العبد للتحقيق معهم، في محاولة منه للوصول إلى معلومات حول التنظيم. ثمّ تعمّد الجيش نقل الشبان بواسطة آليات عسكرية تابعة له إلى داخل المنطقة السكنية التي يقطنون بها، والطلب من المواطنين الهتاف للجيش، في إشارة إلى قيامه بتحريرهم، رغم أن المواطنين في تلك المنطقة يعلمون أن لا علاقة بين الإفراج عن الشبان وتدخل قوات الجيش، لا بل أن الأخيرة أخّرت وصولهم إلى أهاليهم باحتجازهم في مقر الكتيبة العسكرية لساعات عدة.
تجدر الإشارة إلى أن هناك عشرات المختفين قسراً في شمال سيناء على يد قوات الجيش والشرطة، الذين اختطفوا خلال العمليات والحملات العسكرية والأمنية في المحافظة منذ صيف عام 2013. وتمّ الوصول إلى عدد منهم، حيث يقبعون في سجون عسكرية، فيما لا يزال مصير البقية مجهولاً، وسط تقصير حقوقي ومجتمعي في متابعة قضيتهم لدى الجهات الحكومية والأمنية، ليُضافوا إلى سجل المختفين قسرياً في البلاد منذ انقلاب 2013.