- السوداني يهدف لحسم ملفات مثل دور التحالف الدولي، العلاقة بين بغداد وأربيل، حقوق الإنسان، ورفع العقوبات الأميركية على العراق، مع التأكيد على الشراكة الأمنية ودعم القوات العراقية.
- المحادثات تأتي وسط ضغوط من الفصائل المسلحة العراقية وتوقعات بأن بعض القضايا الحساسة قد تبقى مؤجلة، مع تركيز على تعزيز عراق آمن ومزدهر وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
تحظى زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المرتقبة إلى واشنطن، في الشهر المقبل، باهتمام الوسط السياسي العراقي، إذ من المرتقب مناقشة ملف الانسحاب الأميركي من العراق والتعاون العسكري بين البلدين، إلى جانب بحث ملفات اقتصادية وسياسية تتعلق بالأزمات المتكررة مع إقليم كردستان وواقع حقوق الإنسان، وفقاً لما يؤكده مسؤولون عراقيون.
وكان البيت الأبيض قد أعلن، يوم الجمعة الماضي، أنّ زيارة السوداني إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن حُددت في 15 إبريل/ نيسان المقبل، مؤكداً التزام واشنطن باتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقّعة بين البلدين، والعمل على تعميق الرؤية المشتركة لعراق آمنٍ وذي سيادة ومزدهر ومندمج بالكامل في المنطقة الأوسع.
وقال مسؤول عراقي في وزارة الخارجية لـ"العربي الجديد" إن إنهاء دور التحالف الدولي ووضع القوات الأميركية وتحديد جدول زمني لانسحابها من العراق والعلاقة بين بغداد وأربيل ووضع حقوق الإنسان، ستكون على رأس الملفات التي ستُبحث، مضيفاً أن بغداد ستطرح ملف العقوبات الأميركية على شخصيات وبنوك عراقية أيضاً.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة السوداني إلى واشنطن مهمة جداً، خاصة أن هذه الزيارة يتم الترتيب لها منذ نهاية سنة 2023، والسوداني يريد خلال هذه الزيارة حسم ملفات عالقة مختلفة مع الجانب الأميركي، وليس مجرد زيارة اعتيادية فقط".
وبيّن العوادي أن "الملفات التي ستتصدّر مباحثات السوداني في البيت الأبيض، هي الملف الأمني والعسكري والملف الاقتصادي والمالي، وكذلك التطورات التي تشهدها المنطقة بسبب حرب غزة، والتأكيد على الموقف العراقي الداعم للقضية الفلسطينية، والتشديد على ضرورة إيقاف الحرب على غزة، لما لها من تداعيات وخطورة اتساع دائرة الحرب".
وأكد النائب عن التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، عارف الحمامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "السوداني سيسعى إلى التفاوض بشكل مباشر مع المسؤولين الأميركيين على سحب قواتهم من العراق وإنهاء مهام التحالف الدولي، مع التأكيد على الشراكة الأمنية ودعم القوات العراقية في مجال التدريب والتسليح، والعمل على رفع الفيتو الأميركي على تعاقد العراق على شراء منظومات دفاع جوي متطورة"، مشيراً إلى وجود "فيتو أميركي غير معلن حتى تبقى السماء العراقية تحت السيطرة الأميركية وتخترقها متى تشاء دون أي رادع".
وأضاف الحمامي أن "مباحثات السوداني في البيت الأبيض سوف تركز على الملف المالي والاقتصادي، خصوصاً المتعلق بالعقوبات الأميركية على بعض المصارف العراقية، وتأثير ذلك على العراق والسعي لرفع تلك العقوبات والعمل على إيجاد آلية لتسديد ديون العراق الخارجية".
إلى ذلك قال المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر لـ"العربي الجديد" إن "اللقاء المرتقب بين السوداني وبادين لا يعني أن الملفات العراقية سوف تُحسم خلال هذه الزيارة، خاصة ملف الوجود الأميركي واستمرار عمل التحالف الدولي في العراق".
ويرى حيدر أن "هذا الملف حساس جداً لدى الجانب الأميركي، ومن المؤكّد أنه لن يُحسم خلال هذه الزيارة. ربما سيُناقش الأمر وتداعياته بالإضافة إلى مخاطره الأمنية والعسكرية على العراق"، مضيفاً أنه يعتقد أن "هذا الملف سيبقى مؤجلاً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإدارة بادين لا تريد اتخاذ أي قرار بهذا الملف حالياً".
زيارة السوداني "بروتوكولية"
وأوضح حيدر أن "سعي السوداني لرفع العقوبات الأميركية عن بعض المصارف العراقية سيواجه مصاعب كبيرة، لأنّ الخزانة الأميركية لديها معلومات عن عمل تلك المصارف على غسيل الأموال وتهريبها إلى إيران وسورية وحتى إلى روسيا وغيرها، ولهذا لا يمكن حسم الملف في هذه الزيارة التي ستكون زيارة بروتوكولية أكثر منها زيارة حسم لبعض الملفات العراقية".
وختم المحلل السياسي المقيم في واشنطن قوله بأنّ "السوداني وقوى الإطار التنسيقي تريد استغلال هذه الزيارة للحصول على دعم معنوي وإعلامي، من خلال القول بأن حكومتهم مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن إدارة بادين ما زالت تنظر إلى الحكومة الحالية على أنها حكومة الفصائل، وهي حذره جداً في التعامل معها، ولا تقدّم لها أي دعم حقيقي غير الدعم الإعلامي فقط".
وكان السوداني قد تلقى، منتصف فبراير/ شباط الماضي، دعوةً رسمية من بايدن لزيارة واشنطن، وهي الدعوة الثانية، إذ كان قد تلقى دعوة مماثلة في سبتمبر/ أيلول 2023، إلا أنها لم تحصل وقتها.
وتعتبر زيارة واشنطن إجراء بروتوكولياً اعتاده رؤساء الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وتحصل عادة في الأشهر الأولى من تسلمهم المنصب. ولكن زيارة السوداني، بصفته رئيساً لحكومة منبثقة عن تحالف سياسي هو (الإطار التنسيقي) الذي أعلن في أكثر من مناسبة مناهضته للولايات المتحدة والعمل على إزاحة وجودها العسكري من البلاد، قد تُخرجها من سياقها المعتاد هذه المرة، خصوصاً أن الملفات التي يحملها السوداني إلى واشنطن لن تكون مقبولة أميركياً.
وتأتي الزيارة في وقت تجري فيه بغداد وواشنطن محادثات مشتركة لإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، وقد أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي التي عُقدت في بغداد في 27 يناير/ كانون الثاني الماضي إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، وقد بدأت اللجنة أعمالها في 11 فبراير/ شباط الماضي.
وجاءت المحادثات بسبب ضغوط تعرضت لها حكومة السوداني من قبل الفصائل المسلحة العراقية الحليفة لإيران والجهات السياسية المرتبطة بها، إذ طالبت بإخراج قوات التحالف الدولي من العراق إثر تنفيذ واشنطن ضربات انتقامية في العراق أسفرت عن اغتيال قيادات بارزة في تلك الفصائل.