المشروع الجزائري يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية
المشروع الأميركي ينص على أن مجلس الأمن يدعم وقف إطلاق نار مؤقت
لا تفاوض حول مسودة واشنطن واستبعاد التصويت عليها بالجلسة نفسها
يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً، اليوم الثلاثاء، للتصويت على مشروع قرار جزائري لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل تلميح أميركي باستخدام الفيتو ضده وتوزيع الولايات المتحدة مسودة مشروع قرار خاص.
ومن غير الواضح، حتى اللحظة، ما إذا كانت الولايات المتحدة ستطرح مشروعها للتصويت في نفس الجلسة أم في وقت لاحق من الأسبوع، وأكد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في مجلس الأمن، لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، أن الولايات المتحدة لم تباشر بعد التفاوض حول المسودة، واستبعد أن يجرى التصويت عليها، الثلاثاء، في نفس الجلسة التي سيُطرح فيها المشروع الجزائري.
المشروع الجزائري حول غزة
ومن أبرز ما جاء في المشروع الجزائري هو نصه على أن مجلس الأمن "يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، يجب أن تحترمه جميع الأطراف"، ويرفض مشرع القرار "التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين"، مطالباً مرة أخرى "جميع الأطراف بالامتثال للقانون الدولي".
كما يدعو مشروع القرار الجزائري إلى وصول المساعدات الإنسانية "بشكل كامل وسريع وآمن ومن دون عوائق إلى قطاع غزة بأكمله وفي جميع أنحائه"، ويطالب "بحماية المدنيين والأهداف المدنية، ويشجب في هذا الصدد جميع الهجمات ضد المدنيين والمنشآت المدنية، وأيضاً جميع أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، وجميع أعمال الإرهاب".
ويطالب المشروع بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وكذلك ضمان وصول المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات الطبية إلى جميع الرهائن"، ويدعو إلى دخول المساعدات الإنسانية عن "طريق تسهيل استخدام جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى قطاع غزة بأكمله وفي جميع أنحائه، بما في ذلك المعابر الحدودية، وفقًا للقانون الإنساني الدولي وقراراته ذات الصلة".
ويؤكد التزام مجلس الأمن "برؤية الحل القائم على وجود دولتين، حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد في هذا الصدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية".
ويشير مشروع القرار أيضاً إلى "الأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني 2024"، واتخاذ التدابير المؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والمتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، و"في ما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في الحماية من جميع الأعمال التي تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من الاتفاقية".
ويرحب النص "بتعيين سيغريد كاغ كبيرةَ منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة عملاً بقراره رقم 2720، ويشدد على ضرورة تزويد فريقها بالموارد والدعم اللازمة للوفاء بولايتها، ويشدد على الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة"، ويؤكد "حتمية المساءلة عن كافة انتهاكات القانون الدولي".
المشروع الأميركي
من اللافت للانتباه أن مسودة مشروع القرار الأميركي المسربة، التي جاءت في أربع صفحات، تركز بشكل غير عادي على حركة حماس، حيث تذكرها ست مرات في فقرات مختلفة. كما أن اللغة المستخدمة حول وقف إطلاق النار عمومية وتبقي الأمر متروكاً للمزاج الإسرائيلي وقراره ما إذا كانت الظروف ملائمة بالنسبة له لوقف إطلاق النار.
وفي حين يطالب المشروع الجزائري "بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، يجب أن تحترمه جميع الأطراف"، فإن المسودة الأميركية تنص على أن مجلس الأمن "يؤكد دعمه لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة في أقرب وقت ممكن عملياً، استناداً إلى صيغة إطلاق سراح جميع الرهائن، ويدعو إلى رفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية"، ومن اللافت للانتباه هنا أن النص لا يشير إلى إسرائيل ومنعها إدخال المساعدات بالاسم.
ويدين المشروع الأميركي حركة حماس في أكثر من موضع، وينص على أن مجلس الأمن "يدين جميع أعمال الإرهاب، بما في ذلك الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك احتجاز حماس للرهائن وقتلهم والقتل والعنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب".
كما تنص المسودة الأميركية على تأكيد مجلس الأمن "قلقه البالغ على سلامة أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة لدى حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، وكذلك قلقه البالغ على سلامة السكان المدنيين في غزة، بما في ذلك أكثر من 1.5 مليون مدني لجؤوا الآن إلى رفح"، وهنا كذلك لا يذكر النص الأميركي أي مسؤولية إسرائيلية عن نزوح أكثر من 1.5 مليون فلسطيني إلى رفح.
وفي فقرة أخرى، تشير المسودة الأميركية إلى "حث الدول الأعضاء على تكثيف جهودها لقمع تمويل الإرهاب، بما في ذلك عن طريق تقييد تمويل حماس من خلال السلطات المعمول بها على المستوى الوطني، وفقا للقانون الدولي وبما يتفق مع القرار 2482 (2019)".
كما أن المسودة الأميركية تدين "دعوات وزراء حكومة لإعادة التوطين في غزة، ويرفض أي محاولة للتغيير الديمغرافي أو الإقليمي في غزة من شأنها أن تنتهك القانون الدولي"، ومن اللافت هنا كذلك أن الفقرة لا تذكر أي حكومة أو الحكومة الإسرائيلية بالاسم.
وتتطرق المسودة الأميركية إلى الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح، لكن لا تدينه بوضوح، بل تنص المسودة على "أنه في ظل الظروف الحالية، فإن شن هجوم بري كبير على رفح من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الضرر للمدنيين وتشريدهم بشكل أكبر، بما في ذلك احتمال نزوحهم إلى البلدان المجاورة، الأمر الذي ستكون له آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين، وبالتالي يشدد على أن مثل هذا الهجوم البري الكبير لا ينبغي أن يحدث، والمضي قدماً في ظل الظروف الحالية"، وفي فقرة ثانية حول رفح، تقول المسودة الأميركية "وإذ يلاحظ الحاجة الملحة إلى خطة قابلة للتطبيق لضمان حماية ومنع تهجير المدنيين في حالة وقوع هجوم عسكري بري كبير على رفح".
ومن اللافت للانتباه أنه منذ توزيع الجزائر مسودة المشروع نهاية يناير/ كانون الثاني، فإن الجانب الأميركي حاول استباق عملية المفاوضات حول نص مسودة القرار والهجوم على الخطوة الجزائرية، وعلى مجرد طرح مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار لأسباب إنسانية.
إلى ذلك، عبرت المجموعة العربية في الأمم المتحدة، في بيان صادر عنها، عن تأييدها "بقوة لمشروع القرار الذي قدمته الجزائر، ونحث بقوة جميع أعضاء مجلس الأمن على التصويت لصالحه"، مبرزة أن مشروع القرار ينسجم مع أولويات المجموعة العربية، والمجتمع الدولي الأوسع، الداعية لوقف إطلاق النار وتحديد النطاق اللازم لوصول المساعدات الإنسانية ومعارضة التهجير القسري.