التقى رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مدينة إسطنبول التي وصلها للمشاركة في القمة التركية - الإفريقية الثالثة، وفقًا لمكتب أبي أحمد.
وبحسب مراقبين فإن إثيوبيا ربما تهدف من المشاركة في القمة التركية الإفريقية إلى الاستفادة من الثقل الذي تتمتع به تركيا في القارة الإفريقية، وقال محلل سياسي إثيوبي، فضل عدم ذكر اسمه، إن إثيوبيا تسعى عبر الشراكة الإفريقية التركية إلى تعزيز التعاون مع تركيا في كافة المجالات والاستفادة من الخبرات العسكرية والاقتصادية.
وأشار في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن إثيوبيا تعمل على خلق فرص مواتية لاستثمارات تركية واعدة في إثيوبيا، خاصة وأن إثيوبيا تكتسب أهمية كبيرة في الاستراتيجية التركية تجاه القارة الإفريقية عموماً وشرق إفريقيا والقرن الإفريقي بشكل خاص.
وأضاف المحلل أن "الهدف الرئيسي من مشاركة إثيوبيا بوفد رفيع المستوى، يتقدمه رئيس الوزراء الإثيوبي، هو إبلاغ تركيا والقادة الأفارقة بحقيقة الواقع الإثيوبي، وفضح جبهة تحرير تيغراي التي يصنفها البرلمان الإثيوبي بالإرهابية تسعى لتدمير البلاد، في ظل المواقف غير المحايدة للولايات المتحدة والغرب بشأن عملية إنفاذ القانون التي تتخذها الحكومة الإثيوبية الفيدرالية لفرض سيادة البلاد".
تحقيق دولي
من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تقارير جديدة، غير مؤكدة، تزعم قيام قوات أمن أمهرة باحتجاز جماعي وقتل وتهجير قسري لأبناء تيغراي في غرب الإقليم، بحسب رويترز.
وقال المتحدث باسم الخارجية، نيد برايس، في بيان "نحث السلطات الإثيوبية على التحقيق في هذه التقارير لتحديد مدى صحتها والالتزام بعمليات شاملة وشفافة لمحاسبة المسؤولين ". ودعا جميع الجهات المسلحة في إثيوبيا إلى نبذ وإنهاء العنف ضد المدنيين.
إلى ذلك، أعطت الأمم المتحدة، الجمعة، الضوء الأخضر لإطلاق آلية تحقيق دولية حول التجاوزات والممارسات المرتكبة منذ سنة في إثيوبيا، في قرار اعتبرت أديس أبابا أنه "سيؤجج الوضع على الأرض"، بحسب فرانس برس.
واعتمد قرار بهذا الخصوص في ختام جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة خصصت، بطلب من الاتحاد الأوروبي، لدرس "الوضع الخطر لحقوق الإنسان في إثيوبيا".
ورأى السفير الإثيوبي لدى الأمم المتحدة في جنيف، زينبي كيبيدي، خلال النقاشات أن "التعددية هي من جديد أسيرة عقلية الاستعمار الجديد"، وأكد أن "الاتهامات المساقة ضد بلدي لا أساس لها" مؤكداً أن القرار المتخذ "سيؤجج الوضع على الأرض"، وأضاف "تُستهدف إثيوبيا ويوجه إليها مجلس حقوق الإنسان أصابع الاتهام لأنها دافعت عن حكومة منتخبة ديموقراطياً وعن السلام ومستقبل شعبها".
ودعمت الدول الإفريقية، على لسان ممثل الكاميرون، السفير سالومون إهيث، إثيوبيا معتبرة أن آلية كهذه "ستأتي بنتائج عكسية ومن شأنها تأجيج التوتر".
تهديد للمنطقة
ويطلب القرار المعتمد تشكيل "لجنة دولية مؤلفة من خبراء في حقوق الإنسان"، وسيعين ثلاثة خبراء قريباً، وسيتولون لاحقاً مهمة التحقيق وجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد الذي يشهد حرباً، بهدف تحديد المسؤوليات قدر المستطاع.
وقالت ندى الناشف، نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، إن الأمم المتحدة تستمر "بتلقي تقارير موثوق بها عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتجاوزات يرتكبها جميع الأطراف"، وأكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي، لوتيه نودسن، بعد عملية التصويت أن "من الحيوي أن يخضع المسؤولون للمساءلة على تصرفاتهم بطريقة مستقلة وشفافة وغير منحازة".
وقال السفير الفرنسي جيروم بونافون "بعد مرور أكثر من عام على بدء النزاع في تيغراي، يستمر تدهور الوضع الأمني والإنساني ما يؤثر على كل مناطق شمال إثيوبيا ويشكل تهديدا لاستقرار البلاد والمنطقة".
وأكدت الشافي أيضاً أن "خطر تزايد الكراهية والعنف والتمييز مرتفع جداً وقد يتصاعد إلى عنف معمم"، محذرة من أن "هذا الامر قد تكون له تداعيات كبيرة ليس فقط على ملايين الأشخاص في إثيوبيا بل أيضاً على كل أنحاء المنطقة".
آلاف القتلى والنازحين
وأسفر النزاع عن سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من مليوني شخص ودفع بمئات الآلاف إلى عتبة المجاعة، وفي الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت الحكومة حالة الطوارئ، التي تثير الكثير من المخاوف على صعيد حقوق الإنسان "لأنها أدت إلى توقيف آلاف الإثيوبيين بينهم موظفون في الأمم المتحدة" على ما أكدت الناشف.
وأضافت "في حين أفرج عن بعض الأشخاص الذين أوقفوا في الأسابيع الستة الأخيرة، نقدر بين خمسة آلاف وسبعة آلاف عدد الأشخاص الذين لا يزالون موقوفين من بينهم تسعة موظفين في الأمم المتحدة"، وطالبت المسؤولة الأممية بالسماح لمراقبين مستقلين ولا سيما المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان بالوصول إلى كل مراكز الاعتقال.
واندلعت الحرب في إثيوبيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 عندما أرسل رئيس الوزراء، آبي أحمد، الجيش إلى إقليم تيجراي للسيطرة على السلطات المحلية المنبثقة من جبهة تحرير شعب تيجراي بعد اتهامها بمهاجمة ثكنات للجيش الإثيوبي.
لكن بعدما تكبد المتمردون خسائر، حققوا انتصارات مفاجئة، واستعادوا السيطرة على القسم الأكبر من تيجراي بحلول حزيران/يونيو، قبل التقدم إلى إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.
ودفعت المخاوف من زحف المتمردين على العاصمة أديس أبابا، دولاً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى حضّ مواطنيها على مغادرة إثيوبيا في أقرب وقت، رغم أن حكومة آبي أكدت أن المدينة آمنة.