مع اقتراب موعد الاقتراع في الانتخابات التركية، بعد غد الأحد، حسم ناخبون أتراك قرارهم في اختيار مرشحهم للرئاسة، فيما لا يزال آخرون مترددين.
وتبدو الأجواء في العاصمة أنقرة حماسية، فرغم هطول الأمطار، اليوم الجمعة، إلا أنّ الشوارع والميادين مكتظة بفعاليات الدعاية الانتخابية استباقاً لدخول تركيا مرحلة الصمت الانتخابي، غداً السبت عند الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي.
ففي ميدان كيزيلاي، الكائن في قلب العاصمة تزدحم خيام الأحزاب ويتجمهر الأنصار وتتكثف الرايات وصور المرشحين التي يخرج من بينها صوت الموسيقى والأغاني الدعائية؛ فبينما نسمع أغنية Haydi Bir Daha أي "هيا لنكرر الفوز" عند خيمة حزب العدالة والتنمية، نسمع في الجهة المقابلة عند خيمة حزب الشعب الجمهوري المعارض أغنية Haydi Kazanalım أي "هيا لنفوز".
ويبلغ العدد الإجمالي للناخبين 64 مليوناً و113 ألفاً و941 مواطناً داخل تركيا وخارجها، يدلون بأصواتهم، في ما يزيد على 191 ألف صندوق اقتراع في أنحاء البلاد و5 آلاف صندوق خارجها، ويصوت 6 آلاف و215 ناخباً عن طريق صناديق متنقلة في 421 منطقة داخل تركيا، وفق تصريحات رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينر.
استطلاع آراء الأتراك
يعيش السبعيني التركي أرجان أتشيفك في أنقرة منذ 60 سنة، وعاصر الكثير من الحكومات في بلاده. وفي إجابته عن سؤال "العربي الجديد" لمن سيعطي صوته في الانتخابات المقررة يوم 14 مايو/ أيار، يقول: "سأنتخب رجب طيب أردوغان، الذي قبل توليه السلطة لم نكن نجد الخبز والغاز والدواء فضلاً عن انتشار القمامة في كل مكان وانهيار البنية التحتية لأنقرة".
وقالت التركية ملتم يامور، لـ"العربي الجديد"، خلال جولة في منطقة تشانكايا، معقل حزب الشعب الجمهوري و"الكماليين" في أنقرة، إنها ستعطي صوتها لكمال كلجدار أوغلو كونها "كمالية يسارية".
وبعد انسحاب المرشح محرم إنجه، يتنافس في الانتخابات الرئاسية الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، مرشح التحالف الجمهوري، وكمال كلجدار أوغلو، مرشح تحالف الشعب، وسنان أوغان، مرشح تحالف (أتار) الأجداد.
واتفقت صبيحة ساريير مع صديقتها بانتخاب حزب الشعب الجمهوري، وقالت "إن الحكومة لا تؤمن بالمساواة الجنسية، وحريات المرأة قد تم تقييدها ونتعرض للانتقاد لارتدائنا ملابس قصيرة"، مضيفة: "يريدون أن تجلس المرأة في المنزل ولا تفعل شيئاً، لكن النساء تغيرن وسيغيرن تركيا أيضاً".
الجدير ذكره أنّ أصوات النساء ستكون حاسمة، حيث يشكلن 50.6% من مجموع الناخبين.
من جهته، يذكر المواطن الذي يعرف عن نفسه باسم سردار: "كنت سأدعم المرشح محرم إنجه، لكن بعد انسحابه من الترشح سأعطي صوتي للمرشح سنان أوغان".
وبالانتقال إلى منطقة كيجوران في أنقرة، حيث الدعاية الانتخابية مشتعلة بجوار بلدية المنطقة، يقول عبد الله بيرم أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إنه سينتخب أردوغان والتحالف الجمهوري الحاكم، لأنّ حزب الشعب الجمهوري المعارض تحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي "الذي يدعم حزب العمال الكردستاني الإرهابي"، وفق وصفه.
أما إيليف، فتقول: "سأضع ورقة فارغة لأنني لا أرى أي مرشح يستحق صوتي؛ فكلهم يفكرون في أنفسهم ومناصبهم، لا بتركيا".
من جهته، أعرب الثلاثيني بيرشان عن اعتقاده بأنّ بإمكان أردوغان البناء على إنجازاته السابقة، والاستثمار في مستقبل تركيا. وقال: "في السابق، كانت هناك مشاكل بشأن إمدادات الطاقة، وكانت تركيا تعتمد على دول أخرى عسكرياً، لكننا الآن ننتج سياراتنا وطائراتنا ومُسيَّراتنا (الطائرات بدون طيار). أردوغان حلّ جميع مشاكلنا".
توجهات الشباب
وفي حرم جامعة أنقرة، جلست مجموعة من الطلبة تنوعت آراؤها بشأن يوم التصويت. وقال الشاب سمير غوركان لـ"العربي الجديد": "سأعطي صوتي لأي حزب آخر مختلف عن العدالة والتنمية، فأوضاع البلاد لا تحتاج لشرح". وخالفه الشاب فرات كازانجي بقوله: "سأختار العدالة والتنمية حتى تستمر مشاريعهم ولا نخسر إنجازاتهم بتغييرهم، فأوضاع البلد لا تستدعي إجراء التجارب".
وبينما قالت الطالبة اتشيلار: "لم أقرر بعد، لست راضية عن الأداء الاقتصادي للحكومة الحالية، ولكنني لست واثقة من المعارضة".
وفي حين قالت الشابة بولان "إن كلجدار أوغلو يعد بحريات أكبر وفرص عمل أفضل"، قاطعتها فاطمة لتقول إنّ "الرئيس أردوغان هو مَن حسَّن مِن وضع الحريات في تركيا"، مضيفة: "كانت المعارضة هي التي حدت من الحريات منذ عقود، فالفتيات اللواتي يرتدين الحجاب مثلي لم يكن يسمح لهن بدخول الجامعات".
لكن الشاب جميل أكد انتخابه أردوغان في الانتخابات الرئاسية، وانتخاب تحالف الشعب المعارض في الانتخابات البرلمانية.
ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت من الشباب لأول مرة بالجولة الأولى من الانتخابات 4 ملايين و904 آلاف و672 مواطناً، بنسبة 7.65% من إجمالي الناخبين.
وتظهر استطلاعات الرأي المختلفة تقارباً في النتائج بين التحالفات في الانتخابات البرلمانية، من دون حسم أي منها للأغلبية.