اتخذت السلطات الجزائرية، اليوم الجمعة، تدابير احترازية، بانتشار وحدات من قوات الشرطة وسط العاصمة الجزائرية، تخوفاً من أي تجمع أو مظاهرة في الذكرى الرابعة لاندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط 2019.
وتمركزت قوات من الشرطة في البريد المركزي وسط العاصمة لمراقبة الوضع، على الرغم من عدم وجود أي دعوات للتظاهر بالمناسبة، فيما قررت السلطات إلغاء حفل للمغني دحماني عبد الجليل (جليل باليرمو) والمغني المعروف باسم "موح ميلانو"، وهما من أبرز مغنيي ألتراس الملاعب، ومعروف عنهما إنتاج وتأدية الأغاني المنتقدة للسلطة، والأوضاع السياسية، قبل وخلال الحراك الشعبي في الجزائر. وبررت السلطات الجزائرية إلغاء الحفل بـ"أسباب أمنية".
وفي السياق، حذرت أحزاب سياسية السلطة من مغبة إغلاق الساحة السياسية، وانتهاج سياسة الضبط الأمني في البلاد، ومن استنساخ نفس الأساليب والممارسات التي أدت إلى اندلاع الحراك الشعبي في فبراير 2019، والذي أدى إلى تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وكشف حزمة كبيرة من فضائح الفساد في البلاد.
وقال السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، خلال انعقاد المجلس الوطني للحزب، اليوم الجمعة: "لقد نددنا في العديد من المرات بالانحرافات التسلطية للسلطة، وباحتكامها الممنهج للقمع، والسلطة تزيد من انغلاق البلاد، وتضعه في حالة جمود خطيرة"، مشيراً إلى أن "هوس الجهاز التنفيذي باحتواء الجبهة الاجتماعية الموجودة في حالة غليان، وبإبعاد شبح الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق، عن طريق محاولة شراء السلم الاجتماعي عبر توزيع الريع، يترجم غياب استراتيجية اقتصادية واضحة وبعيدة المدى".
وأكد المسؤول في القوى الاشتراكية استمرار التحذير من "تسيير المجتمع بسياسة الكل الأمني، ومن تجريم العمل السياسي، لأن هذا سيعيق بناء جبهة داخلية متينة قادرة على الصمود أمام حروب الجيل الرابع التي تشن كذلك ضد الجزائر، والتنبيه من الغلق الإعلامي الجائر، ومن منع قوى المعارضة الوطنية من الوصول إلى وسائل الإعلام".
وحمل أوشيش السلطة مسؤولية قتل العمل السياسي، حيث "عمدت وخلال عقود على وضع العراقيل المتعددة في وجه العمل السياسي وإلى قيادة المناورات والاختراقات خلال المنظمات الوسيطة، ولتقييد الحريات الأساسية للمجتمع، وكلها أمور منعت بروز طبقة سياسية جديرة بتطلعات الشعب الجزائري".
وأوضح أنه ورغم ذلك، فإن "الحزب لن يساهم في الحملات المعادية المنطلقة من الخارج ضد الجزائر، ولن يجعل أبداً من تفكيك المؤسسات بكل ما تحمله من نقائص واختلالات شرط التغيير السياسي، ولن يتبنى أي خطاب أو نشاط من شأنه الإضرار بالمصالح الاستراتيجية للأمة".
من جهتها، أكدت حركة مجتمع السلم بمناسبة الذكرى الرابعة للحراك الشعبي أن "المطالب الوطنية السِّياسية المشروعة للحراك الشعبي لا تزال تحتاج إلى جهدٍ وطنيٍّ لاستكمالها والوفاء بها، إذْ لا تزال بعض الذهنيات والسُّلوكات ومظاهر الفساد تذكِّر بالعصابة السَّابقة".
واعتبرت الحركة المعارضة التي تعد ثاني أكبر كتلة نيابية في البرلمان، الحراك الشعبي "كان نتيجة لتراكمات خلال منظومة الحكم السابقة"، وحذرت السلطة من "خطورة استنساخ نفس الأسباب، والتي ستؤدِّي إلى نفس النتائج"، عبر ضرورة خلق حالة من توازن القوى بين الشعب والسّلطة السياسية لـ"منع الفساد والاستبداد من جديد".
واندلعت مظاهرات الحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط 2019، بعد أن أعلن الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة، رغم مرضه وغيابه عن البلاد للعلاج في سويسرا، واستمرت المظاهرات حتى بعد إعلانه عدم ترشحه في 28 مارس/ آذار واستقالته من منصبه في الثاني من أبريل، نيسان 2019، ولم تهدأ المظاهرات إلا بفعل وباء كورونا رغم التشديد الأمني مع بداية عام 2021.
ومن جهتها، أعلنت حركة البناء الوطني (من الحزام الحكومي) أن ذكرى الحراك الشعبي تأتي لتذكر "برفض الجزائريين للفساد الاقتصادي وثورتهم على عصابات الفساد التي نهبت ثروات الشعب واحتكرت السلطة"، و"بالحاجة إلى بناء وضع سياسي لا يسمح بعودة الفساد ولا يعطي الفرصة لمن يصطاد في المياه العكرة".
واعتبرت الحركة ذات التوجه الإسلامي أن "هناك ضرورة لبناء ديمقراطية صلبة من خلال ترقية الحالة الحزبية، وإشراك الجميع في رسم معالم مستقبل الجزائر عبر الحوار، وإدخال إصلاحات إدارية للحد من التعسف والإكراه لمكونات المجتمع، والاستمرار في استكمال الاقتصاد بتوسيع الاستثمار وتحرير المبادرة".