وقع ثمانية أحزاب وعدد من التنظيمات المدنية والنقابية في الجزائر، الأحد، على مبادرة سياسية مشتركة بعنوان "المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل"، تستهدف تحصين الجبهة الداخلية، على أن يجرى التحضير لعقد مؤتمر وطني جامع تشارك فيه هذه القوى وأخرى قد تلتحق مستقبلاً، قبل شهر أغسطس/ آب المقبل.
يجرى ترتيب لقاء مرتقب لوفد من قادة الأحزاب والتنظيمات، التي وقعت على المبادرة السياسية، مع الرئيس عبد المجيد تبون في غضون الأيام المقبلة، لتسليمه أرضية المبادرة السياسية الجديدة، ولم يجر نشر تفاصيل المبادرة للعموم إلى حين إطلاع الرئيس تبون على نصها أولاً، وتشترك في المبادرة السياسية تسعة أحزاب، وهي: حركة البناء الوطني، وجبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وصوت الشعب، وجبهة المستقبل، وهي القوى التي تشكل الحزام الحكومي الداعم لسياسات تبون، إضافة إلى حزب الكرامة، واتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، وتجمع أمل الجزائر. أما الحزب التاسع فهو حركة النهضة التي أرجأت توقيعها إلى ما بعد تقديم رئيسها الجديد محمد دويبي خلال مؤتمر صحافي ينتظر أن يعقد في وقت لاحق من يوم الاثنين.
كما وقعت على المبادرة نقابات عمالية، كالاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابة مستخدمي الإدارة ونقابة الصيادلة، وكونفيدرالية أرباب الأعمال، ومنظمات مدنية هي: منظمة أبناء الشهداء، والكشافة، واتحاد الفلاحين، ومنظمة حماية المستهلك، إضافة إلى اتحاد الكتاب الجزائيين والتنسيقية العامة للزوايا الدينية وتنظيمات حقوقية موالية، وبلغ عدد القوى الموقعة 29، كلها موالية للسلطة.
ولم يسمح للصحافة بحضور حفل التوقيع على المبادرة، حيث لم توجه الدعوة لوسائل الإعلام إلى الحفل الذي جرى بشكل مغلق، من دون تقديم تفسيرات واضحة لهذا التعتيم، لكن بعض المشاركين أكدوا لـ"العربي الجديد" أن تلافي حضور الصحافة مرتبط برغبة الأحزاب الداعية للمبادرة إلى تأجيل إطلاع الصحافة والرأي العام على نص المبادرة ومضمونها إلى ما بعد تسليمها إلى الرئيس تبون.
وأفاد البيان الختامي، الذي نشر عقب حفل التوقيع، بأن تداعيات وانعكاسات الوضع الدولي والإقليمي على الجزائر "يفرض علينا تفعيل الإرادة الوطنية وفاء بما يقتضيه واجب تعزيز التلاحم الوطني وتمتين الجبهة الداخلية، من خلال الرفع من التأهب لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تستهدف الجزائر، في أمنها ومؤسساتها ووحدة شعبها و ترابها، ويوجب علينا التعبئة العامة".
ودعا البيان من وصفهم بـ"شركاء الساحة الوطنية من دون استثناء، من الأحزاب السياسية، والمنظمات، والنقابات ومكونات المجتمع المدني والنخب والمرجعيات المجتمعية، للالتفاف حول المبادرة والعمل معاً على تجسيد مقاصدها وبناء خطواتها ومساراتها وإثراء أرضيتها".
وأعلن في البيان عن مشروع ندوة المبادرة الوطنية، تعقد في 15 يوليو/تموز المقبل، قبل أن يجرى استدراك ذلك في بيان تصحيحي يبقى تاريخ الندوة مفتوحا للمشاورات.
بدت المبادرة تكراراً لأخرى قادتها حركة البناء الوطني في أغسطس 2020، تحت مسمى قوى التغيير والاصلاح، وهي تضع توصيفاً دراماتيكيا للوضع القائم في محيط البلاد، من خلال التركيز على مخاطر آتية من الخارج، من دون التركيز على مشكلات تخص الممارسة الديمقراطية والإغلاق السياسي والإعلامي القائم في الجزائر، وتحوي حزمة عناوين وأفكار سياسية تتضمن حماية البلاد من المؤامرات وتحصين الجبهة الداخلية، والدعوة الى خطة اقتصادية متوافق عليها، من دون أن توضح آليات تنفيذ هذه الأفكار والمقترحات السياسية.
وانسحبت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية والمعارضة من المبادرة بعد مشاركتها في اللقاء التمهيدي، بسبب استعشار توجه المبادرة نحو انشاء تكتل سياسي يسند الرئيس عبد المجيد تبون في مشروع ترشحه لولاية رئاسية ثانية، فيما رفضت أحزاب أخرى، جرى الاتصال بها من قبل قيادة حركة البناء الوطني، المشاركة في المبادرة لنفس الأسباب، كحزب جيل جديد وجبهة القوى الاشتراكية، في الوقت الذي أعلنت قيادة الجبهة، أمس السبت، أنها بصدد التحضير لطرح مبادرة سياسية تدعو الى "عقد وطني" ووقف إعادة البلاد إلى ما قبل الحراك الشعبي 2019.