أزمة العوازل على الحدود المصرية مع غزة: هل تتنازل القاهرة؟

12 يوليو 2024
آلية للجيش المصري، معبر رفح، 4 يوليو، 2024 (جوزيبي كاكاشي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاهمات أمنية بين إسرائيل ومصر**: أشار وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى تقدم في التفاهمات مع مصر لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة، مع استعداد إسرائيل لفتح معبر رفح بشرط عدم عودة حماس إليه.

- **إنشاء حاجز تحت الأرض**: ناقشت إسرائيل ومصر إنشاء حاجز تحت الأرض على طول الحدود لمنع التهريب، مع إصرار إسرائيل على تسليم السيطرة المدنية على معبر رفح ومحور فيلادلفيا إلى مصر.

- **مواقف وتحليلات**: اعتبر محللون مصريون أن نتنياهو يستخدم قضية الأنفاق كذريعة لإطالة أمد الحرب، مشيرين إلى أن أمن الحدود هو حق لمصر وفلسطين، وأن شروط نتنياهو تمثل ابتزازاً مرفوضاً.

في اجتماعه مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك، الأربعاء الماضي، أشار وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى وجود "تقدّم في التفاهمات مع مصر بشأن حل يمنع محاولات تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة"، وهي الأنباء التي لم يؤكدها أو ينفها الجانب المصري، رغم تشديد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في القاهرة، أول من أمس الأربعاء، على "الرفض الكامل لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح" على الحدود المصرية مع غزة. وحسب بيان لجيش الاحتلال، فإن غالانت أكد لماكغورك أن إسرائيل "مستعدة لفتح معبر رفح الحدودي شرط عدم عودة حركة حماس إلى المعبر". وشدد غالانت على "ضرورة وقف تهريب الأسلحة للقطاع من أجل سد أنبوب الأوكسجين عن حماس، كي تتمكن قوات الجيش من الانسحاب من بعض أجزاء فيلادلفيا (محور صلاح الدين على طول الحدود بين القطاع ومصر)".

ترتيبات حول الحدود المصرية مع غزة

وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن وفد التفاوض الإسرائيلي ناقش في العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع الماضي، مسألة إنشاء حاجز تحت الأرض على طول الحدود المصرية مع غزة. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، عن مصادر قولها إن "إسرائيل تصر على بناء حاجز تحت الأرض لمنع التهريب وحفر الأنفاق"، وأنها "ستسلم السيطرة المدنية على معبر رفح ومحور فيلادلفيا إلى مصر". وزعمت تقارير إسرائيلية أخيراً أن "مصر أرسلت رسالة إلى رئيس الموساد ديفيد برنيع مفادها أنه في حال وافقت إسرائيل على صفقة التبادل، ستساعد مصر والولايات المتحدة إسرائيل بإقامة عائق تحت أرضي على الحدود المصرية مع غزة لمنع تهريب السلاح، وسيبدأ العمل به في الأيام الأولى لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ".

وعلى الرغم من عدم إعلان مصر بشكل رسمي رفض تلك الترتيبات، والتنسيق الكامل والمعلن بين تل أبيب والقاهرة بشأن أمن الحدود، إلا أنه يبدو من التصريحات الإسرائيلية أن حكومة الاحتلال تستغل الادعاءات بشأن تهريب الأسلحة عبر محور فيلادلفيا لتكريس احتلالها لمعبر رفح وللحدود المصرية مع غزة. ورغم تأكيد مصر أنها أغلقت وأغرقت كل الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تلوّح باستمرار بالتصرف منفردة عبر فكرة دق عوازل وتركيب مستشعرات على محور فيلادلفيا الحدودي، والذي استولى عليه جيش الاحتلال، في انتهاك لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. واتهمت تل أبيب القاهرة مراراً بأنها لا تتحرك بجدية من أجل وقف تهريب الأسلحة على الحدود المصرية مع غزة.

وبدت قضية إنشاء عوازل خرسانية وجدار ضخم على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وتحديداً في محور فيلادلفيا، من العقبات التي يضعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار في القطاع. واعتبر مراقبون أن هذه الشروط مجرد مناورات لإطالة أمد المفاوضات. علماً أن ممر فيلادلفيا لا يخص إسرائيل، إذ تحظر معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل أي وجود عسكري إسرائيلي على الحدود باستثناء وجود عدد قليل من الجنود ذوي التسليح الخفيف.

تجنّب عرقلة المفاوضات

وتعليقاً على ذلك، اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن نتنياهو يريد "التذرع" بقضية الأنفاق ومزاعمه حول تهريب السلاح عبر ممر فيلادلفيا لإطالة أمد الحرب فقط، انطلاقاً من أنه لا يريد الوصول إلى وقف لإطلاق النار إلا في مرحلته الأولى لمدة ستة أسابيع، يسترد فيها عدداً من الأسرى، وبعدها يعود للقتال. ولم يستبعد هريدي إمكانية الوصول إلى اتفاق بين مصر والولايات المتحدة والجانب الفلسطيني على ترتيبات حول ممر فيلادلفيا، قد يكون من بينها إنشاء جدار عازل في المنطقة، انطلاقاً من أن أمن هذه المنطقة هو "حق أصيل للجانبين" المصري والفلسطيني بالتنسيق مع واشنطن، وليس لإسرائيل وفقاً لجميع الاتفاقات "أي علاقة بهذا الأمر".

وقال هريدي إن "مصر لا تريد الظهور بمظهر المعرقل للتوصل إلى اتفاق للتهدئة ولا في مظهر العاجز عن مواجهة هذه الأنفاق، ومن هنا قد تبدي مرونة في هذه النقطة، انطلاقاً من أن الأنفاق وحماية الحدود المصرية مع غزة يعدان من ثوابت الأمن القومي". وشدّد هريدي على أن "أي ترتيبات تؤمن الحدود المصرية ولا تشكل تهديداً للأمن القومي ستتعامل معها مصر إيجابياً".

محمد سيف الدولة: يتمسك نتنياهو بالجدار العازل على ممر فيلادلفيا من أجل استمرار الحرب

وتعكس مساعي نتنياهو لفرض وجود جدار عازل وعوائق إلكترونية عدداً من الأهداف التي يريد تحقيقها، وفي مقدمتها، وفق حديث الأكاديمي المصري والخبير في الصراع العربي الإسرائيلي محمد سيف الدولة، لـ"العربي الجديد"، "تدمير قطاع غزة وجعل الحياة مستحيلة فيه، ومن ثم تحويل مطلب تهجير الفلسطينيين إلى مطلب فلسطيني والقضاء على القوة العسكرية للفصائل (المقاومة)". لذا يريد نتنياهو، وفق سيف الدولة، بكل السبل، ومنها التمسك بالعوائق الإلكترونية والجدار العازل على ممر فيلادلفيا، استمرار الحرب، ليس بغرض الحفاظ فقط على ائتلافه، ولكن لتحقيق "الأجندة الخفية للعقل الصهيوني".

ولفت إلى أن تمسك نتنياهو بهذا المطلب جاء بعد "صمت" القاهرة على انتهاك الاحتلال لاتفاقية السلام والبروتوكولات الأمنية الملحقة بها التي تحظر وجود أسلحة ثقيلة على الحدود المصرية مع غزة. لذا، برأي سيف الدولة، فقد "استغل نتنياهو هذا الصمت مع عدم قيام القاهرة بانتهاك مماثل لاتفاقية السلام، ورفع سقف مطالبه ووضع هذا الشرط لاستمرار المفاوضات، في وقت يدرك فيه حرص القاهرة على الوقف الفوري لإطلاق النار". ولم يستبعد سيف الدولة "إمكانية تسوية هذه القضية عبر الطرق الدبلوماسية وموافقة مصر على وجود الجدار العازل والعوائق الإلكترونية، في ظل الوضع شديد الصعوبة الذي تعاني منه القاهرة على كافة الأصعدة، ما يجعلها مغلولة الأيدي في مواجهة واشنطن وتل أبيب".

 أحمد فؤاد أنور: شروط نتنياهو للاستمرار في المفاوضات هي ابتزاز مرفوض لمصر

في المقابل، رأى أستاذ الدراسات العبرية في جامعة الإسكندرية أحمد فؤاد أنور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن شروط نتنياهو للاستمرار في المفاوضات هي "ابتزاز مرفوض لمصر لن تقبله"، مشيراً إلى أن إسرائيل "تسعى لتحقيق أمرين: الأول إنشاء منطقة معقمة موازية للحدود المصرية داخل القطاع مع تركيب أجهزة استشعار لمتابعة حفر محتمل لأنفاق جديدة، أو بناء جدار تحت الأرض". أما الهدف الثاني، وفق أنور، "فهو نقل معبر رفح على الحدود المصرية مع غزة جنوباً، بشكل ملاصق للحدود المصرية مع أراضي 48 بمشاركة أميركية، والتعويل على تركيب كاميرات مراقبة". وأوضح أن "كلا المطلبين لم يردا في إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في شهر مايو/ أيار الماضي" حول وفق إطلاق النار. وأضاف أن "مصر رفضت التعاون في إدارة منفذ رفح مع إسرائيل، لكنها قد تقبل بحث حلول تقنية في ما يتعلق بممر فيلادلفيا لا تضر بالأمن القومي، لتفنيد مزاعم وهواجس نتنياهو بهدف إزالة العراقيل أمام نجاح المفاوضات في التوصل إلى وقف إطلاق النار".

المساهمون