أزمة حملة جو بايدن: الرئيس وعائلته يتمسكان بترشحه

02 يوليو 2024
بايدن وزوجته جيل وحفيدتاه ناتالي وفينغان، في نيوجرسي، السبت الماضي (ماندل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الأداء غير المتوقع لبايدن في المناظرة الرئاسية يثير قلق الحزب الديمقراطي قبل الانتخابات، مع تساؤلات حول كفاءته الذهنية واستغلال الجمهوريين لهذا الوضع.
- عائلة بايدن والمانحون الكبار يدعمون استمراره في السباق الرئاسي، مؤكدين على قدرته على الحكم لأربع سنوات أخرى ومستمرين في تمويل حملته.
- الحزب الديمقراطي يواجه تحدي إقناع الناخبين بأهلية بايدن لفترة ثانية ويقلق بشأن تأثير أدائه على انتخابات الكونغرس، مع التأكيد على الفروق بين رؤيتهم ورؤية تيار ماغا الجمهوري.

يواصل الفريق المحيط بالرئيس الأميركي جو بايدن، وعائلته، تقييم الأضرار التي نجمت عن أدائه السيئ خلال المناظرة الرئاسية الأولى التي أجراها مع منافسه الجمهوري للرئاسة، سلفه دونالد ترامب، مساء الخميس الماضي (بتوقيت واشنطن)، والتي يبدو أنها أحدثت انعطافة غير متوقعة في مجرى السباق الرئاسي في الولايات المتحدة هذا العام، وداخل حملة جو بايدن نفسه، في ظلّ القلق الذي بات يسود داخل الحزب من إمكانية خسارة الانتخابات، بسبب التوجس من الكفاءة الذهنية للرئيس الثمانيني، وهو ما يستغله الجمهوريون وترامب الذي يواصل تقدمه في استطلاعات الرأي.

وضع غير مسبوق للحزب الديمقراطي

هذا الوضع الذي يعيشه الحزب الديمقراطي، قبل أشهر قليلة من انتخابات الرئاسة الأميركية المقرّرة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يمثّل تحدياً غير مسبوق في فترة انتخابية استثنائية أيضاً، حيث يفترض أن يتنافس رئيسان على الرئاسة، كانا تواجها قبل أربعة أعوام في سباق محموم شكّك الخاسر فيه، ترامب، في نتائجه. وعلى الرغم من عدم صدور أصوات صريحة بعد داخل حزب الرئيس، تدعوه علناً للانسحاب من السباق، وخصوصاً من كبار قادة الحزب أو مموليه، إلا أن حملة جو بايدن قد دخلت من دون شكّ في أزمة، والنقاش يحضر على طاولة الجميع كما يبدو، وهو ما تعكسه التقارير اليومية في الإعلام الأميركي، والتي سلّطت الضوء أمس الاثنين، على ما دار في كواليس اجتماع آل بايدن، في كامب ديفيد، أول من أمس الأحد، حيث يبدو أن عائلة الرئيس تدفع باتجاه عدم انسحابه، فيما ناقش بايدن معها ومع مستشاريه وفريق حملته، كيفية إقناع الحزب والشعب الأميركي بأنه أهل للرئاسة مرة أخرى، وقادر على الحكم لسنوات أربع جديدة.

أعرب مانحون عن عدم رغبتهم باختبار مرشحين جدد للرئاسة

ونقلت كل من "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز"، وكذلك موقع بوليتيكو، أمس، أجواء الحلقة الضيّقة المحيطة ببايدن، بعدما كانت "نيويورك تايمز" قد دعت الأسبوع الماضي إثر المناظرة الرئيس للانسحاب من السباق "خدمةً للشعب"، وكتب أحد أهم كتّابها، توماس فريدمان، إنه "بكى" حين شاهد أداء الرئيس مع ترامب.

وقالت "واشنطن بوست"، إن بايدن يؤكد لعائلته أنه باقٍ في السباق. وفي المجمل، فإن عائلة الرئيس تدفع بشدّة لبقائه مرشحاً لولاية ثانية و"مواصلة القتال". وذكرت "نيويورك تايمز" أن عائلة الرئيس تحثّه على البقاء في السباق "ومواصلة القتال" رغم "أدائه الكارثي" في المناظرة، ورغم أن "بعض أفراد العائلة أبدوا شكوكاً بشأن التدريبات التي أجراها مع فريقه قبل المناظرة"، حتى "أن واحداً من أحفاده على الأقل، أبدى اهتماماً في المشاركة بالانخراط في الحملة". وأوضحت الصحيفة أن بايدن ناقش في كامب ديفيد مع عائلته كيفية تهدئة قلق الديمقراطيين، وأن العائلة أكدت له أن بإمكانه بعد أن يُظهر للأمة أنه قادر على خدمتها لأربع سنوات مقبلة. أما فريق حملة جو بايدن فبحث إمكانية أن يعقد الرئيس مؤتمراً صحافياً، أو يجري مقابلات صحافية، للدفاع عن نفسه، وتعديل السردية، من دون الخروج بأي قرار بعد. أما أقوى الأصوات التي تتمنى على بايدن الصمود، فهو ابنه هانتر بايدن (الملاحق بعدد من القضايا في المحاكم تتعلق بفترة إدمانه على المخدرات وحمله سلاحاً فردياً بشكل غير قانوني، كما بأعماله المالية)، وذلك بحسب مصدر مطلع.

حملة جو بايدن تدافع عن الرئيس

وتميل عائلة بايدن، وبعض الوجوه الحزبية، لإلقاء اللوم على فريق حملة جو بايدن الذي درّبه على المناظرة، ووصل ذلك التململ إلى المانحين. فقد حمّل جون مورغن، وهو مانح كبير للحزب الديمقراطي، ومقرّب من شقيق جو بايدن، فرانك، المسؤولية، علناً، لرون كلين (كبير موظفي البيت الأبيض السابق) وآنيتا دان، وهي مستشارة كبيرة لبايدن وتحظى بثقته، وزوجها بوب بويير، وهو الذي لعب دور ترامب خلال التدريبات التي سبقت المناظرة واستمرت أسبوعاً في منتجع كامب ديفيد، حيث اعتبر أن الرئيس "خُدع لوقت طويل" بهم. ورداً على ذلك، قال كلين للصحيفة، إن بايدن "هو خيار الناخبين الديمقراطيين، نحن نرى دعماً غير مسبوق من المانحين. لقد أمضينا ليلة مناظرة سيئة، ولكن الفوز في السباق يحصل بالقتال، وليس بالانسحاب، في وجه الخصوم".

من جهتهم، انشغل مستشارو حملة جو بايدن نهاية الأسبوع الماضي، بالتواصل مع كبار المانحين للحزب، وأجرت الحملة أمس اجتماعاً عبر الهاتف للجنتها المالية، حيث إن أساس مواصلة الترشح يقوم على الحفاظ على التمويل. ويتحدى بايدن أيضاً، استطلاعات الرأي التي أكدت مشاعر التشكيك الشعبية بأهليته للرئاسة، إذ أظهر استطلاع رأي جديد لـ"سي بي أس نيوز"، أن 45% من الديمقراطيين يريدون مرشحاً غير بايدن بمواجهة ترامب، وأن 27% فقط منهم يعتقدون أن بايدن لديه الصحة الذهنية والإدراكية لخدمة البلاد رئيسا لولاية ثانية، وذلك بتراجع من 35% قبل المناظرة.

الحزب الديمقراطي قلق أيضاً على انتخابات الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ

لكن الحزب في العموم، يبقى صامتاً، أو مدافعاً عن الرئيس، وهو ما تبدى، أول من أمس الأحد، الذي يخصّص عادة على قنوات التلفزة لبرامج الحوارات السياسية، حيث خرج أعضاء كونغرس وحكّام ولايات ديمقراطيون لتعداد إنجازات بايدن خلال ولايته الأولى، ومنها خفض نسب البطالة. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أمس، أن كبار قادة الحزب حثّوا أول من أمس، على التمسك ببايدن مرشحا للرئاسة، وذلك رغم قلقهم، ومن بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، والسيناتور عن كاليفورنيا رافاييل فارنوك وحاكم ولاية ماريلاند فيس مور. كما أن بعض كبار المانحين أرسلوا خلال اليومين الماضيين، رسائل لحملة جو بايدن أكدوا فيها أنهم سيواصلون دعم الرئيس، وأنه "ليست لديهم أي شهية لاختبار مرشحين بديلين". وقالت حملة بايدن، بالتزامن، إنها تمكنت من جمع 33 مليون دولار حتى مساء الأحد، وذلك منذ إجراء المناظرة.

لكن ما يقال في العلن، يختلف عمّا يجري خلف الأبواب المغلقة. فقد كشفت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن أشخاص مطلعين، أن الحزب قلق أيضاً على انتخابات الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، بعد أداء بايدن، وأن ضعف أداء الأخير قد ينعكس سلباً ليس فقط على موقع الرئاسة، بل على مسعى الحزب لتعزيز سيطرته على "الشيوخ" واستعادة "النواب" من قبضة الجمهوريين في انتخابات نوفمبر. وقالت الصحيفة إن الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، أجروا بالفعل محادثات صريحة في ما بينهم، حاول بعضهم خلالها البحث عمّن في صفوفهم بإمكانه التدخل لإقناع بايدن بالانسحاب من السباق، علماً أن المندوبين الذين صوّتوا للرئيس في الانتخابات التمهيدية للحزب، ملتزمون به، وعليهم البقاء على دعمه، إلا إذا انسحب "وحرّرهم"، وفق تعبير الصحيفة.

وليس انسحاب بايدن المعضلة الوحيدة، بل اختيار بديل أو بديلة له، ذلك أن الحزب لم يخلق "نجوماً" من الصف الأول خلال السنوات الأربع الماضية، وحتى داخل الجناح التقدمي، الذي كان قد ترشح عنه بيرني ساندرز في السابق. ويخشى الديمقراطيون من تدني شعبية نائبة الرئيس أيضاً، كامالا هاريس. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية، حكيم جيفريز، لقناة "أم أس أن بي سي"، الأحد، إن الديمقراطيين في مجلس النواب، منخرطون في محادثات حول مستقبل ترشح بايدن، لافتاً إلى أن هذه المحادثات ستتواصل، لكن "ما هو مؤكد، أن هناك فرقا كبيرا بين نظرتنا إلى العالم، وإلى البلاد، وإلى المستقبل، وبين نظرة تيار ماغا الجمهوري"، في إشارة إلى حملة ترامب "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً".