سيكون هذا الأسبوع حاسماً وصعباً على التونسيين، إذ قد تتحدد فيه مآلات الأزمة القوية المستمرة منذ أشهر وإلى أين ستسير البلاد، وما هي التوازنات الجديدة التي سيفرضها الوضع السياسي والشعبي.
وسيشهد هذا الأسبوع ذكرى اندلاع الثورة من مدينة سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، وسط حالة من التحشيد من الموالين للرئيس والمعارضين له. ودعت مبادرة مواطنون ضد الانقلاب أو المبادرة الديمقراطية إلى الخروج مجدداً إلى شارع الحبيب بورقيبة.
وكان عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة، جوهر بن مبارك، أعلن أنه في "يوم 17 ديسمبر، من شارع الثورة، ستكون ثورة من أجل التحرّر من حكم الفرد العبثي، من أجل دولة القانون والمواطنة ومن أجل إنقاذ البلاد من سطو الشعبوية". وتعارض المبادرة في بياناتها أي مساس بالدستور، كما لوّح بذلك الرئيس التونسي قيس سعيّد.
توسعت رقعة المخالفين لسعيّد وتقلّص داعموه، على الرغم من أن بعضهم لا يزال يقف في منطقة وسط، ولا يزال متردداً في كيفية الاستفادة من الانقلاب.
وأعلن التيار الديمقراطي أنه سيخرج بدوره إلى الشارع مع أحزاب ومنظمات أخرى، على غرار الائتلاف الديمقراطي ضد الانقلاب الذي يعتزم التظاهر داخل الجهات وليس في العاصمة كما سبق أن أعلن.
في المقابل تشهد المنابر الداعمة للرئيس قيس سعيّد في صفحات التواصل الاجتماعي تحشيداً كبيراً لقرارات منتظرة، قال الرئيس بدوره إنه سيتم الإعلان عنها قريباً.
وفيما يتوقع أنصار سعيّد تجميد أحزاب وسجن قيادات حزبية، يعلق آخرون تفاؤلاً نسبياً على إمكانية دعوته للحوار بمناسبة اجتماع مجلس الأمن القومي الأخير، وما برز من مواقف دولية ضاغطة في اتجاه الذهاب إلى حوار وطني وانتخابات، كشرط لا جدال فيه للدعم الاقتصادي الذي تحتاجه بلاد منهكة.
لكن تونس والتونسيين يذهبون إلى عيد الثورة هذا العام وسط حالة من الانقسام غير مسبوقة. فقد سبق هذا اليوم جدل كبير، تاريخي وسياسي حول هذه الذكرى، أطلقه الرئيس سعيّد بنفسه من خلال تغيير يوم العيد من 14 يناير/كانون الثاني إلى 17 ديسمبر، واعتباره يوم 14 يناير إجهاضاً للثورة، في محاولة للانتصار لما يُسمى بثورة الأطراف والهامش، وضمن مسعى مكرر لتقسيم التونسيين.
كان يمكن لسعيّد أو أي أحد أن يطلق أي جدال فكري حول الثورة وتاريخها ومحطاتها، لكن أن يحوّل الرئيس قراءته الشخصية إلى قراءة رسمية ويغيّر التواريخ باجتهاد فردي، فهذا ما يؤشر على فكر الهيمنة وفرض الرأي الشخصي على المجموعة.