أعلن رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، أمس الجمعة، انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان العراقي، والبدء بالفصل التشريعي الجديد، وهو ما يتطلب حسم الخلافات السياسية للتوجه نحو استكمال الاستحقاقات الدستورية المعطلة المتمثلة باختيار رئيسي الجمهورية والوزراء، والمضي بتشكيل الحكومة، فيما دعا تحالف "الإطار التنسيقي" رئاسة البرلمان إلى عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأسبوع الحالي.
ولم تصل قوى "الإطار التنسيقي" المدعومة من طهران، منذ شهر تقريباً، إلى نتائج بشأن تشكيل الحكومة، فيما يزداد عمق الخلاف بين الأحزاب الكردية التي من المفترض أن تقدم على ترشيح رئيس الجمهورية.
ووفقاً لبيان للحلبوسي، فإنه "مع انتهاء العطلة التشريعية للفصل الأول لمجلس النواب وعطلة عيد الأضحى المبارك وبدء الفصل التشريعي الجديد، أدعو رؤساء القوى السياسية والكتل البرلمانية إلى تحمُّل المسؤولية وحسم الحوارات؛ للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية"، مضيفاً أن "ذلك سيسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة، عملاً بأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس، في تحديد موعد جلسة الانتخاب، وإكمال الاستحقاقات الدستورية لتشكيل الحكومة المرتقبة".
على إثر ذلك، وفي ساعة متأخرة من الليل، عقد "الإطار التنسيقي"، الذي أصبح الكتلة الكبرى في البرلمان بعد انسحاب "التيار الصدري" من العملية السياسية والبرلمان الشهر الفائت، اجتماعاً بحث فيه حسم ملف انتخاب رئيس للجمهورية، والمضي بتشكيل الحكومة.
وأصدر "الإطار" بياناً فجر اليوم السبت، أكد فيه أنه "عقد اجتماعه الاعتيادي رقم 101 لمناقشة مجمل التطورات السياسية، وبالأخص موضوع تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، وأقر انعقاده الدائم في جلسة مفتوحة ومستمرة لاختيار رئيس الوزراء خلال الأيام القليلة القادمة، وفق الآليات التي وضعها الإطار لذلك".
ودعا "الإطار"، رئاسة مجلس النواب إلى "عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية خلال هذا الأسبوع، لغرض إكمال الاستحقاقات الدستورية"، مجدداً دعوته "الأطراف الكردية إلى تكثيف حواراتهم، والاتفاق على شخص رئيس الجمهورية، أو آلية اختياره، قبل عقد الجلسة، من أجل الإسراع في إكمال متطلبات تشكيل الحكومة، والمباشرة بتنفيذ خطوات البناء والإعمار والخدمات وغيرها مما ينتظره شعبنا".
ويحتاج عقد جلسة انتخاب رئيس العراق إلى حضور ثلثي عدد نواب البرلمان (220 نائباً من أصل 329)، وفقاً لما كانت قد قررته المحكمة الاتحادية العليا في البلاد، وهو ما يتطلب حضور حلفاء "التيار الصدري" السابقين قبل أن ينسحب من العملية السياسية، ممثلين بـ"تحالف السيادة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني".
من جهته، أكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "الصادقون" (جزء من الإطار التنسيقي)، محمود الربيعي، في تغريدة له، أن "اجتماع الإطار التنسيقي سيستكمل يوم غد أو بعد غد لاختيار مرشحه لتشكيل الحكومة، وأن وجهات النظر متقاربة بين القادة، وما زلنا ننتظر القرار الكردي بخصوص المرشح، وقرارنا واضح، وجلسة البرلمان ستكون هذا الأسبوع لانتخاب رئيس الجمهورية".
اجتماع الإطار التنسيقي سيستكمل يوم غد او بعد غد لإختيار مرشحه لتشكيل الحكومة، ووجهات النظر متقاربة بين القادة ، مازلنا ننتظر القرار الكردي بخصوص المرشح وقرارنا واضح ،و جلسة البرلمان ستكون هذا الاسبوع لانتخاب رئيس الجمهورية.#شكرًا_حشدنا_الشعبي #الفضل_لكم
— محمود الربيعي (@AlrubaeayMahmod) July 15, 2022
لكن نائباً في البرلمان العراقي أكد أن اجتماع "الإطار التنسيقي" لم يحسم أي ملف. وقال النائب لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "الاجتماع ناقش ملفي رئاستي الجمهورية والوزراء، وأن الملفين لم يحسما، ولا سيما أن الكرد غير متفقين على اختيار رئيس للجمهورية، كما أن قوى الإطار متفرقة بشأن مرشح رئاسة الوزراء".
وأضاف أن "الإطار سيكثف جهوده خلال هذا الأسبوع، للضغط على القوى الكردية لحسم خلافها، وسيقدم مبادرة بهذا الشأن، في خطوة منه لتأمين نصاب جلسة البرلمان".
يجري ذلك في وقت تعقدت فيه مهمة "الإطار التنسيقي" بعد أن صعّد زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، من سقف مطالبه بشروط اعتُبر جزء منها تعجيزياً، وذلك لقاء قبوله بتشكيل "الإطار التنسيقي" الحكومة الجديدة، إذ أكد في خطبته التي ألقيت بالنيابة، أمام مئات الآلاف من أنصاره خلال الصلاة "الموحدة"، أمس الجمعة، أنه لا يمكن تشكيل حكومة قوية في ظل انتشار السلاح والمليشيات المنفلتة، ويجب حل الفصائل المسلحة وإبعاد "الحشد الشعبي" عن السياسة والتجارة وإعادة تنظيمه، وإبعاده عن التدخلات الخارجية، وعدم زجّه في الحروب الطائفية، وغير ذلك.
ويضع هذا التطور الساحة العراقية أمام مشهد جديد، وخصوصاً مع التوقعات بعدم قبول "الإطار" بهذه الشروط، وهو ما قد يرد عليه الصدر بإنزال جمهوره إلى الشارع لمنع تشكيل حكومة لا يوافق عليها.
وتعثرت عدة وساطات للتوفيق بين الحزبين الكرديين الرئيسين (الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني) للتوصل إلى "مرشح تسوية" للمنصب.
وكانت آخر هذه الوساطات، محاولة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، لحسم الخلاف، لكن حتى الآن لم يتحقق أي تقدم، مع مغادرة قاآني الإقليم بعد لقاءين عقدهما مع زعماء الحزبين في أربيل والسليمانية، وفقاً لمصادر سياسية كردية تحدثت لـ"العربي الجديد".