لم يتطرق البيان الختامي للجولة الـ18 من أستانة، للعملية العسكرية التركية المرتقبة، والتي تنوي أنقرة البدء بها شمالي سورية وشرقيها، بينما اقترحت روسيا نقل اجتماعات "اللجنة الدستورية" من جنيف.
وأكد البيان الختامي، على "التزام الدول المشاركة الثابت بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها، وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واحترام حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الخاضعة لها".
ونوه البيان إلى أن الأطراف المشاركة في الجولة "استعرضت تطور الوضع في المنطقة والعالم، حيث شددت على الدور القيادي لعملية أستانة في ضمان تسوية مستدامة للأزمة السورية"، و"أعربت الأطراف والدول الضامنة عن عزمها على مواصلة التعاون من أجل مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والتصدي للخطط الانفصالية الرامية إلى تقويض سيادة ووحدة أراضي سورية، وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة"، كما أدانت الدول الضامنة والأطراف المشاركة في الجولة، حسب البيان، الوجود والنشاط المتزايدين للجماعات والأعمال الإرهابية والهياكل ذات الصلة، في أجزاء مختلفة من سورية"، مؤكدة "الحاجة إلى مزيد من التعاون من أجل القضاء نهائياً على المنظمات الإرهابية المتمثلة بداعش وجبهة النصرة المعترف بهما على هذا النحو من قبل مجلس الأمن الدولي".
وأشار البيان إلى أن جميع المشاركين من أطراف ودول ضامنة، اتفقوا "على رفض التصعيد في إدلب، وبذل المزيد من الجهود لضمان التطبيع المستدام ومراعاة الوضع الإنساني"، وشددت الأطراف على "ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب".
وأدان البيان الختامي "الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على سورية، والتي تنتهك القانون الدولي وسيادة سورية ودول الجوار، وتهدد الاستقرار والأمن في المنطقة، ودعت إلى وقفها"، كما شدد على "أهمية دور اللجنة الدستورية السورية، التي أنشئت بمساهمة من الدول الضامنة لصيغة أستانة عملاً بقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي".
أما بخصوص المساعدات، فقد أشار البيان إلى "ضرورة إزالة العقبات وزيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد، دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة، ودعا كذلك "المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية إلى زيادة المساعدة لسورية من خلال تنفيذ مشاريع الإنعاش، بما في ذلك استعادة البنية التحتية الأساسية، مرافق إمدادات المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات".
كما تطرق البيان لعودة اللاجئين بالتشديد "على أهمية تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى أماكن إقامتهم في سورية، وضمان حقهم في العودة".
وفي كلمة لرؤساء الوفود المشاركة بعد تلاوة البيان، أدان أيمن سوسان نائب وزير خارجية النظام ورئيس وفد النظام المشارك في الجولة الحالية؛ العمليات العسكرية في سورية، مطالباً أنقرة بـ"الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة".
وأشار سوسان في كلمته، إلى أن "التهديدات والعدوان التركي على أراضينا أخذت حيزاً كبيراً من المفاوضات"، داعياً المجموعات الكردية للعودة إلى كنف النظام، بالقول: "عند التنظيمات الكردية فرصة للعودة إلى حضن الدولة السورية"، وتابع: "الأكراد هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري".
وأيد سوسان الطرح الذي كان عبر عنه مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، بنقل مباحثات مسار اللجنة الدستورية من جنيف، قائلاً: "جنيف لم تعد مكاناً صالحاً لعقد مفاوضات اللجنة الدستورية، لأن سويسرا فقدت حياديتها التاريخية".
وختم بأن "معاناة السوريين وقضية أزمة الغذاء غير مرتبطة بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا".
من جهته، هاجم أحمد طعمة، رئيس وفد المعارضة المشارك في الجولة، النظام بكونه غير قادر على تقديم تنازلات لوقف الصراع".
وحول طرح نقل مباحثات اللجنة الدستورية من جنيف، قال طعمة: "نُصرّ على أن تكون الجلسات في جنيف فقط، وعدم قدرة روسيا على الوصول إلى جنيف مشكلتها وحدها، ونحن لسنا معنيين بذلك".
وعاد لافرنتييف ليؤكد ما اقترحه بداية الجولة، عن إمكانية نقل مكان انعقاد اللجنة الدستورية، وذلك في كلمته عقب البيان الختامي، قائلاً: "أكدنا للجميع على أهمية نقل مكان عمل اللجنة الدستورية من جنيف المعادية لروسيا إلى أماكن أخرى، مثل الإمارات أو سلطنة عمان أو الجزائر وغيرها إذا أمكن ذلك". وتابع: "طرحنا الأمر أمام الأطراف وأوضحنا لهم موقفنا".
كما أكّد لافرنتييف وجود تنسيق بين واشنطن وموسكو بشأن الوضع السوري، بالرغم من العلاقات المتوترة بين البلدين. وكرر الحديث عن وجود مساع روسية لإعادة السوريين إلى وطنهم.
وأيد لافرنتييف في ذلك رئيس الوفد الإيراني المشارك بالجولة في كلمته، حين قال: "لا مانع من تغيير مكان انعقاد اللجنة الدستورية في حال توصل جميع الأفرقاء لاتفاق مشترك".
وأشار لافرنتييف إلى أن محادثات الجولة الحالية كانت "إيجابية وبناءة بين كل الأطراف"، وعاد ليؤكد أن "العملية العسكرية التركية شمالي سورية قد تؤدي إلى تصاعد العنف في المنطقة"، لكنه أشار إلى أن "العملية لن تؤثر على مفاوضات أستانة".
واتفق المشاركون على عقد الجولة القادمة من مباحثات أستانة خريف العام الحالي، لكن لافرنتييف أشار إلى استعداد طهران إلى استضافة الجولة، ما قد يخلق مشكلة جديدة مع وفد المعارضة.
وكانت الجولة الأولى من مفاوضات مسار أستانة قد عُقدت في 23 يناير/كانون الثاني 2017، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعقب خروج المعارضة السورية المسلحة من أحياء حلب الشرقية، بموجب اتفاق روسي تركي، بدا أنه كان البذرة الأولى لمسار أستانة.
ومنذ بدء هذا المسار نُزعت كل أوراق القوة من فصائل المعارضة السورية، التي أُبعدت من معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها بفعل الطيران الروسي، ما جعلها الطرف الأضعف في المعادلة.