انتهت، اليوم الأربعاء، أعمال الجولة الـ20 من مسار أستانة حول سورية ببيان جدّد تأكيد سيادة سورية واستقلالها، وأن الحلّ في سورية ليس عسكرياً، بل وفق القرار الدولي 2254، مشيراً إلى أن الاجتماع الرباعي في مسار التطبيع التركي مع النظام السوري ناقش التقدم المحرز في خريطة استعادة العلاقات بين الطرفين.
وقال البيان إن الدول الضامنة لمسار أستانة تؤكد على "الالتزام الثابت بسيادة الجمهورية العربية السورية، واستقلالها، ووحدتها، وسلامتها الإقليمية وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
التطبيع بين النظام وتركيا
وأشار البيان إلى "الطبيعة البنّاءة لمشاورات نواب وزراء خارجية روسيا، تركيا، سورية، وإيران، والتي تم خلالها إعداد خريطة طريق لاستعادة العلاقات بين تركيا وسورية، بالتنسيق مع عمل وزارات الدفاع والخدمات الخاصة بالدول الأربع"، مشدداً على "أهمية مواصلة الجهود النشطة في هذا المجال، عملاً بالاتفاقات التي تم التوصل إليها في الاجتماعات الرباعية في موسكو لوزراء الخارجية في 10 مايو/أيار 2023، ووزراء الدفاع في 25 إبريل/نيسان 2023".
وأكد البيان "على النهوض بهذه العملية على أساس حسن النية، وحسن الجوار، من أجل مكافحة الإرهاب، وتهيئة الظروف المناسبة للعودة الآمنة والطوعية وبكرامة للسوريين، بمشاركة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
مكافحة الإرهاب
وفي ملف مكافحة الإرهاب، أعرب ممثلو الوفود عن عزمهم على مواصلة العمل معاً "لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومعارضة الخطط الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سورية وسلامتها الإقليمية، وتهديد الأمن القومي للبلدان المجاورة، بما في ذلك الهجمات والتسلّل عبر الحدود".
ودان المجتمعون، وفق البيان، أنشطة الجماعات الإرهابية والهياكل ذات الصلة التي تعمل تحت علامات مختلفة في أجزاء مختلفة من سورية.
وفي الشأن الميداني، قال البيان إنه "تم النظر بالتفصيل في الوضع بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، واتفقنا على بذل المزيد من الجهود لضمان التطبيع المستدام للوضع. شددنا على الحاجة إلى الحفاظ على الهدوء على الأرض من خلال التنفيذ الكامل لجميع اتفاقات إدلب الحالية".
كما ناقشت الدول الضامنة، وفق البيان، الوضع في الشمال الشرقي من منطقة البحث والإنقاذ، واتفقت على أن تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين في هذه المنطقة غير ممكن إلا من خلال الحفاظ على سيادة سورية وسلامتها الإقليمية، ورفض كلّ المحاولات لخلق حقائق جديدة على أرض الواقع، بما في ذلك المبادرات غير القانونية للحكم الذاتي بذريعة مكافحة الإرهاب.
وكرر المشاركون بحسب البيان "معارضتهم للاستيلاء غير القانوني على عائدات النفط ونقلها، والتي يجب أن تنتمي إلى سورية".
ودان المجتمعون الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرّة في سورية، بما في ذلك على أهداف مدنية، واعتبرت الدول الضامنة أن "هذه الإجراءات تنتهك القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، وسيادة سورية وسلامتها الإقليمية"، معترفة بأنها "تزعزع استقرار التوترات في المنطقة وتزيدها"، وفق البيان.
وشدد البيان على أن الحاجة مستمرة إلى احترام القرارات القانونية الدولية المعترف بها عالمياً، بما في ذلك أحكام قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، التي ترفض احتلال الجولان السوري، وخاصة قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 242 و497، والتي بموجبها تُعتبر جميع القرارات والخطوات الإسرائيلية في هذا الصدد لاغية وباطلة.
الحل السياسي
وتطرّق البيان إلى قضية الحلّ في سورية، مؤكداً أن "الصراع ليس له حلّ عسكري، وقد أكد المشاركون من جديد التزامهم بالنهوض بعملية سياسية قابلة للحياة وطويلة الأجل، يقودها وينفذها السوريون أنفسهم، بمساعدة الأمم المتحدة، وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254.
كما شددت الدول الضامنة على "الدور الهام للجنة الدستورية السورية، التي أنشئت بمساهمة حاسمة من البلدان الضامنة في مسار أستانة، في متابعة قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، في عملية تعزيز تسوية سياسية للنزاع"، ودعت الدول إلى "عقد الدورة التاسعة في وقت مبكر للجنة الصياغة التابعة للجنة الدستورية".
الوضع الإنساني والعقوبات
وعبرت الدول في بيانها عن "القلق الشديد إزاء الوضع الإنساني في سورية، المتمثل في عواقب الزلزال المدمّر الذي وقع في 6 فبراير/شباط 2023". ورفضت الدول أيضاً "جميع العقوبات أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وأكد البيان "أهمية الاستمرار في تقديم وزيادة حجم المساعدة الإنسانية، وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2672".
ومن أجل دعم تحسين الوضع الإنساني في سورية والتقدم المحرز في عملية الاستقرار السياسي، دعا الأطراف المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية، إلى زيادة المساعدة في جميع أنحاء سورية.
عودة اللاجئين
وفي ملف اللاجئين، أكد البيان وجود "حاجة إلى تسهيل العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، والنازحين داخلياً، إلى أماكن إقامتهم في سورية، لضمان حقهم في العودة وحقهم في الدعم".
وفي هذا الصدد، دعت الدول، المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة اللازمة للاجئين والنازحين السوريين، وأكدت من جديد استعدادها لمواصلة العمل مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة.
ملف المعتقلين
وتطرّق البيان إلى قضية المعتقلين، مشيراً إلى أن المجتمعين أكدوا من جديد "عزمهم على مواصلة عمليات الإفراج المتبادل عن المحتجزين/المختطفين في إطار الفريق العامل المعني بالإفراج عن المحتجزين/الرهائن، ونقل جثث الموتى والبحث عن المفقودين، وهي آلية فريدة من نوعها أكدت أهميتها وفعاليتها في بناء الثقة بين الأطراف السورية".
وشهد اليوم الأول، أمس الثلاثاء، اجتماعات ثنائية بين وفد النظام والوفدين الروسي والإيراني، إضافة للاجتماع الرباعي بين النظام، وروسيا، وتركيا، وإيران، فضلاً عن اجتماعات أخرى ثنائية وثلاثية بين الوفود.
وحول الاجتماع الرباعي، قال رئيس وفد النظام أيمن سوسان خلال الاجتماع، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء التابعة للنظام "سانا"، إنّ "أي نتائج فعلية في هذا المسار يجب أن تستند إلى إقرار تركيا بسحب قواتها من الأراضي السورية، وفقاً لجدول زمني واضح وخطوات محددة والبدء بهذا الانسحاب فعلاً".
وتابع سوسان أنّ "ذلك يشكّل الأساس لبحث المواضيع الأخرى المتعلقة بعودة اللاجئين، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله، والعلاقات بين البلدين"، مضيفاً أنّ "التصريحات التركية حول سيادة سورية ووحدة أراضيها تتنافى مع استمرار احتلالها للأراضي السورية، وتخالف القانون الدولي وأبسط مقومات العلاقات بين الدول".
وكانت تركيا قد أكدت من خلال تصريحات رسمية سابقاً، عدم نيتها سحب قواتها من سورية، حيث تتمركز في مناطق واسعة من شمال وشمال غربي سورية، إلى جانب المعارضة و"هيئة تحرير الشام"، في محافظات الحسكة وحلب والرقة وإدلب.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت، في بيان لها، مساء أمس الثلاثاء، أن الاجتماع ناقش "خريطة طريق لإعادة العلاقات السورية التركية على المستوى الرسمي للدولتين، بالتنسيق مع العمل الذي تقوم به وزارتا الدفاع وجهازا المخابرات".
وكان الاجتماع الأخير من مباحثات أستانة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قد أكد في بيانه الختامي أنّ الدول الضامنة تجدد التزامها الراسخ بسيادة سورية، واستقلالها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، وأن الدول الضامنة تدين هجمات التنظيمات الإرهابية في سورية، وتؤكد ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره.