أفغانستان: غياب زعيم "طالبان" يثير تساؤلات عن مصيره

29 ديسمبر 2021
صورة أخوند زاده على زرّ بكابول (مهد رصفان/فرانس برس)
+ الخط -

بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على سيطرة حركة "طالبان" على كابول ووصولها إلى سدة الحكم في أفغانستان، لم يظهر زعيم الحركة الملا هيبت الله أخوند زاده إلى العلن. وأثار هذا الأمر تساؤلات عديدة وشكوكاً في أذهان الأفغان وحتى عناصر الحركة.

وأعلنت "طالبان" مرات عدة عن إصدار زعيمها مراسيم، كما قالت إنه شارك في اجتماعين في قندهار، ولكن من دون بث صورة أو تسجيل له، ملقية الضوء حول أخوند زاده، خصوصاً لدى الذين يدعون أنه لم يعد على قيد الحياة.

وليس أخوند زاده وحده الذي يعمل بعيداً عن أنظار الناس والإعلام، بل أيضاً وزير الداخلية، زعيم "شبكة حقاني" الملا سراج الدين، يرفض الظهور والخروج إلى العلن، على الرغم من مشاركته في اجتماعات عدة من دون تسجيل ولا صورة.

مع العلم أنه يتولى منصب وزير الداخلية في حكومة "طالبان"، فضلاً عن كونه نائب زعيم الحركة، وزعيم الشبكة الموضوعة في القائمة السوداء لمجلس الأمن الدولي.


طالبان: أخوند زاده على قيد الحياة

في هذا السياق، أكد نائب المتحدث باسم "طالبان" بلال كريمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن زعيم الحركة على قيد الحياة، وما يُتداول بشأن قتله أو موته لا يستحق النقاش ولا مصداقية له ولا أساس.

وأضاف كريمي: "الحديث عن أنه لم يظهر إلى العلن غير صحيح، فهو يعقد الاجتماعات بشكل متواصل مع قياديي الحزب، كما زار المدرسة الدينية في قندهار (مدرسة رحمانية) في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وعقد لاحقاً اجتماعاً آخر مع المسؤولين في الحكومة المحلية بقندهار نفسها". وشدّد على أن أخوند زاده بصحة جيدة تمكّنه من إدارة شؤون البلاد والحركة معاً.


تقول طالبان إن أخوند زاده يعقد الاجتماعات بشكل متواصل مع قياديي الحزب

وعن الدليل على ذلك ولماذا لم يتم التقاط صورة أو بث تسجيل صوتي له، للرد على القائلين إن من يقوم بدور الملا أخوند زاده قد لا يكون الرجل نفسه الذي تولى زعامة الحركة إثر مقتله سلفه الملا ختر منصور، لم يرد كريمي على ذلك. وهو الأمر الذي لا يجيب عليه قادة الحركة، ما يقوي الشبهات الموجودة بشأن حياة زعيم "طالبان".

وفي هذا السياق، قال الزعيم القبلي في ولاية بكتيا عصمت الله خان، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "بلادنا تمر بمرحلة عجيبة، يحكمها شخص لم نره ولا نظن في القريب العاجل أننا سنراه".

وأضاف: "كان من المفروض أن يأتي الرجل بعد سيطرة طالبان على كابول إلى العلن ليخاطب الشعب كي يقضي على كل تلك الشكوك والشبهات، ولكن مع الأسف بلادنا في حالة غموض، وظهور أخوند زاده قد يقضي على جزء كبير من هذا الغموض".

وتابع خان: "نسمع بين الحين والآخر مراسيم وقرارات صادرة عنه وهي نافذة فعلاً، ولكن نريد أن نراه، خصوصاً أن زعيم الحركة الأول ومؤسسها الملا عمر توفي وأخفت الحركة نبأ وفاته لسنوات عدة، لذلك يخاف عامة المواطنين الأفغان من تكرار ما حدث، بالتالي نريد أن نرى زعيم طالبان الذي هو رئيس الدولة؛ إذ كل القرارات في الحركة بيده".

من جهته، قال الإعلامي الأفغاني نصير أحمد طاهري في حديث مع "العربي الجديد"، إنه لا يمكن الجزم في الوقت الراهن بأن الرجل على قيد الحياة، إذ لا توجد أدلة ملموسة تثبت ذلك، ما يثير شكوكاً وشبهات، ولا سيما أن "طالبان" في الماضي قد ادّعت أن مؤسسها الملا عمر موجود وهو لم يكن آنذاك على قيد الحياة.

ورأى أن "كل الاحتمالات مفتوحة، فمن ناحية هو يصدر المراسيم والقرارات ما ينبئ أنه موجود ويدير شؤون الحركة كما تدعي الأخيرة، أما من ناحية أخرى ليس لدينا ما ينفي الزعم القائل بأنه لم يعد في هذه الدنيا".

ولم يستبعد طاهري أن يكون من بين أسباب عدم ظهور أخوند زاده، إن كان على قيد الحياة، الخوف على حياته، لافتاً إلى أن الأجواء الأفغانية لا تزال تحت سيطرة القوات الأميركية، والطائرات بلا طيار الأميركية تحلق في سماء أفغانستان بشكل دائم ومتواصل.

وبالتالي هناك ادعاء لدى "طالبان" بوجود مخاوف على حياة الرجل من تنفيذ غارة عليه بطائرة مسيّرة، مثلما حدث ضد الزعيم الراحل الملا أختر منصور في إقليم بلوشستان الباكستاني في مايو/أيار 2016.


تخشى طالبان أن تغتال واشنطن أخوند زاده


الصراع بين شورى كويتا وشبكة حقاني

أما الإعلامي الأفغاني ميرويس أفغان، فذهب في حديث له مع "العربي الجديد" أبعد من ذلك، لافتاً إلى أن شريحة من عناصر وقادة "طالبان" لديها أيضاً شكوك حول حياة الرجل، وأن هناك الكثير من الشكوك حول شخصية وحياة أخوند زاده، وهذا ليس فقط لدى عامة الأفغان.

وأشار إلى أن هناك فئة من "طالبان" تدّعي أن أخوند زاده لم يعد على قيد الحياة، وأنه قُتل في باكستان قبل سنوات. لكن فئة أكبر من "طالبان" تؤكد أنه حي ويدير شؤون البلاد ويعقد اجتماعات بشكل متواصل في قندهار، مثل ما كانت تفعل سابقاً في مناطق من جنوب غربي باكستان.

وحول حضور زعيم الحركة بعض الاجتماعات، قال أفغان إن هذه تبقى ادعاءات فقط، لأن "طالبان" لم تقدم أي دليل يثبت أن الملا أخوند زاده الذي حضر هذه الاجتماعات، هو نفسه الرجل الذي تولى قيادة الحركة عقب مقتل الملا أختر منصور.

واعتبر أفغان أن مسألة حياة زعيم الحركة تشوبها الكثير من الشكوك والشبهات، وإن كان الرجل على قيد الحياة فعلى "طالبان" أن تثبت للشعب ذلك، أو على الأقل يتم تسجيل شريط مصور له في مكان آمن.

وشدّد أفغان على أن شخصية الملا أخوند زاده وحياته مهمة جداً لما يسمى بشورى كويتا أو طالبان الأم، لأنها تعطي ثقلاً كبيراً لتلك الشورى مقابل شبكة حقاني، وإذا صحت الأنباء عن أنه لم يعد على قيد الحياة، كما يرى بعضهم، حينها سيكون الثقل لشبكة حقاني. وبالتالي يسعى مجلس شورى كويتا بكل وسيلة لأن يخرج أخوند زاده إلى الإعلام.