صادق البرلمان الألماني، أخيراً، بالأغلبية على طلب تقدمت به مجموعة من الأحزاب يطالب الحكومة الألمانية بالنظر في حظر منظمة "الذئاب الرمادية" القومية التركية المتطرفة، وذلك في ظل تزايد الضغوط لاتخاذ إجراءات صارمة ضدها.
ولم يعد عنف هذه المنظمة موجها في ألمانيا فحسب ضد الأكراد والعلويين والأرمن، بل ضد الأشخاص الذين يتخذون موقفا ضد سياسة الحكومة التركية، بحكم ارتباطها الوثيق بحزب "الحركة القومية" الذي يتزعمه دولت بهجلي المتحالف مع "العدالة والتنمية" بزعامة رجب طيب أردوغان.
ويبدو أن ألمانيا تود اللحاق بفرنسا التي سبقتها في حظر "الذئاب الرمادية"، بعد أن قام مجموعة من أنصارها بتدنيس نصب تذكاري لضحايا الإبادة الجماعية للأرمن في مدينة ليون مطلع الشهر الحالي. وتستند الأحزاب الألمانية التي تقدمت بالخطوة، والتي تدعمها أيضاً أحزاب معارضة، في توجهها لتقرير "هيئة حماية الدستور" لعام 2019، الذي تحدث عن وجود ما لا يقل عن 11000 عضو منضوين ضمن منظمة في ألمانيا، موضحاً أنهم ينشرون الأفكار القومية اليمينية المتطرفة.
وبررت الأحزاب الخطوة بأن للمنظمة "تطلعات عنصرية ومعادية للسامية والديمقراطية"، وبكونها تهدد الأمن الداخلي في البلاد وتحرض على التمييز والكراهية والتورط في أعمال عنف، علاوة على المشاركة في احتجاجات عنيفة ضد النشطاء المعارضين لتركيا. كذلك أشارت تقارير إلى أن الجيش الألماني أعلن عن فتح تحقيق بشأن أربع حالات تطرف داخل صفوفه لها علاقة بالمنظمة المعروفة أيضا باسم "الشباب المثالي".
في المقابل، برزت تعليقات تفيد بأن الحظر لن يحل المشكلة، وبأن حل الجمعيات والنوادي التركية غير فعال لأن هناك حاجة إلى المزيد لمواجهة الأيديولوجيات المعارضة، وبالأخص الأكثر راديكالية.
وفي السياق، اعتبر الكاتب الألماني بيتر شتاينيغر في تصريح له أن "الذئاب الرمادية وحش ساعد الغرب في تكوينه ويستمر في تغذيته"، مشدداً على أنه "لا يمكن احتواء الحركة شبه العسكرية وأيديولوجيتها بمرسوم".
وأشار إلى أن "قرار الحظر في حال صدوره قد يضيق على شبكات الحركة، وفي الوقت نفسه يجعل برلين في وضع مواجهة أكثر وضوحا مع أردوغان"، قبل أن يستدرك بالقول إن حظر "الذئاب الرمادية" في ألمانيا، "لا يستهدف الإسلام أو الأتراك، بل التطرف الديني والقومي".
وتضمن الطلب الذي تقدم به النواب الألمان وفق ما ذكرت صحيفة "بيلد" دعوة البرلمان مع الشركاء الأوروبيين والدوليين لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تأثير المنظمة، والمراقبة المستمرة والدقيقة لجميع أنشطتها، وخاصة في ألمانيا، ومواجهتها بجميع الطرق الدستورية، فضلا عن دراسة الحظر التنظيمي لجمعياتها.
وفي تصريح لصحيفة "تاغس تسايتونغ"، حول الحظر المرغوب فيه على "الذئاب الرمادية"، قال عضو حزب "الخضر" جيم ازديمير، أحد الذين عملوا على طلب الحظر مع أحزاب "الاشتراكي الديمقراطي" و"الليبرالي الحر" و"المسيحي الديمقراطي"، إن ألمانيا ستدافع عن القيم الأساسية للدستور.
بدورها، رأت الخبيرة المحسوبة على الحزب "المسيحي الديمقراطي"، ماريان فندت، في حديث مع صحيفة "بيلد" أن "الذئاب الرمادية حركة قومية تعاني من جنون العظمة وهي ذراع حزب الحركة القومية التركي اليميني المتطرف"، قبل أن تضيف "نريد حظر أنصار أردوغان السياسيين لأنهم متطرفون".
أما في حزب اليسار، فقالت خبيرة السياسة الخارجية في الحزب، سيفيم دغديلين، لصحيفة "دير شبيغل"، إنه "يتعين على الحكومة الألمانية أن تقف وراء قرار فرنسا"، وطالبت بشكل خاص بحل الاتحاد التركي "اديتدف" والذي يضم 170 جمعية محلية، وتشكل أكبر خزان لجمع "الذئاب الرمادية" في ألمانيا.