جاءت استقالة الزعيم المشارك لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف يورغ مويتن، بعد أن تآكلت سلطته في الفترة الأخيرة لصالح الجناح الأكثر تطرفاً، لتزيد من التخبط الذي يعيشه سياسيو "البديل" بفعل التباينات في الأفكار والطموحات بين قيادييه.
ويتزايد الجدل حاليا حول أهمية تشكيل قيادة جديدة وبسرعة، بعد أن أعلن تينو شرويالا، الزعيم المشارك الآخر للبديل أنه يعتزم المحافظة على تماسك حزبه، ويريد قيادة الحزب، بمفرده حاليا، وسط بروز اعتراضات حول هذا التوجه.
وفي السياق، تبرز شبكة "إيه آر دي" الإخبارية أنه وبعد انسحاب مويتن، يرى زعيم الحزب ورئيس كتلته في البوندستاغ (البرلمان)، شروبالا نفسه، الرجل القوي الجديد لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، حتى أن عضو برلمان ولاية ساكسونيا إنهالت المنتمي إلى "البديل" هانز توماس تيلشنايدر اعتبر أن استقالة مويتن "ليست خسارة للحزب بل مكسب".
وقال تيلشنايدر للشبكة الألمانية: "لا يوجد شيء نأسف عليه، ولا شيء يستحق الشكر عليه".
وهنا بات واضحا أن اليمين الحزبي الأكثر تطرفا في صفوف "البديل"، والذي ينتمي بأكثريته إلى جمعيات الحزب في الولايات الشرقية قد حقق انتصارا مهما في الصراع على السلطة لقيادة "البديل من أجل ألمانيا".
في المقابل، يعتبر قياديون آخرون من الحزب، أن "من المهم" أن يبقى حزبهم بقيادة مزدوجة ووفق النموذج القائم، وهذا ما ذهبت إليه عضو المجلس التنفيذي والبوندستاغ جوانا كوتار، مشيرة إلى أن "البديل سيظل بحاجة إلى قيادة ثنائية".
وقالت كوتار مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" إنها متأكدة من أن المؤتمر الحزبي القادم سيوافق على ذلك، مشيرة إلى أنه "لم يحن الوقت بعد للاستغناء عن هذه الثنائية في قيادة البديل"، داعية إلى أن يتفق المعسكران على قيادة مشتركة جديدة، وأن يظهر "البديل"، أنه قادر على القيام بذلك دون نزاعات، مشيرة إلى أن هذا لا يمكن أن يحصل إلا بين ممثلين لمعسكرات الحزب.
مخاوف من خسائر للحزب في الانتخابات
وعما إذا كان أولئك المقربون من مويتن سيواجهون مشكلة في صفوف الحزب اليميني الشعبوي، قال الباحث السياسي فولفغانغ شرودر في جامعة كاسل في تصريحات لشبكة "إيه آر دي"، إن مويتن جعل الجناح اليميني في الحزب أكثر لباقة ثم استسلم لهم.
ولفت شرودر إلى أن هناك خطرا لحدوث خسائر بدلا من المكاسب للحزب في الانتخابات الولائية المقررة في أربع ولايات غرب ألمانيا، ومن أن الحزب ككل سيكون أكثر عرضة لمراقبة هيئة حماية الدستور.
وحيال ذلك أيضا، أبرزت الشبكة عن مطلعين على أوضاع الحزب الألماني أن رحيل الزعيم مويتن قد يكون نقطة تحول "للبديل".
وفي السياق، تبرز صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ"، أن مويتن وبعد أن أدار ظهره لحزبه تماماً سيحاول إيذاء خصومه، لأن ما سيقوله عن التطرف في الداخل سيسمع باهتمام من قبل مكتب حماية الدستور، بعدما أصبح شاهداً رئيسياً على قوة الجناح اليمين المتطرف داخل "البديل من أجل ألمانيا"، ومن أن الحزب المزعوم لا يستند إلى الديمقراطية الحرة ويضم في صفوفه عنصريين ومعادين للسامية.
في غضون ذلك، أشارت صحيفة "زود كورير كونستنس"، إلى أنه "لم يعد هناك مكان للأصوات المعتدلة داخل البديل، وبعد فروكه بيتري (المتحدثة الرسمية السابقة باسم الحزب)، وبيرند لوك (أحد الأعضاء المؤسسين)، استسلم مويتن لضغوط الجناح اليميني وأخلى موقعه وغادر، بعد أن انجرف البديل إلى مشهد المستنقعات الأكثر تطرفا، خلال الأشهر القليلة الماضية".
صحيفة "زود كورير كونستنس": لم يعد هناك مكان للأصوات المعتدلة داخل البديل
من جهة ثانية، يبدو أن مويتن سيبقي على عضويته في البرلمان الأوروبي، وبعد أن تزعم "البديل" لأكثر من ست سنوات يعمل على تأسيس حزب جديد.
وقال في حديث مع صحيفة "زود دويتشه"، إنه يجري محادثات مع شركاء جدد محتملين، ومن أنه سيكون هناك وضوح لهذا المسار في المستقبل القريب. وأضاف قائلا: "من وجهة نظري هناك فجوة كبيرة في التمثيل ضمن إطار خال من المحافظين الألمان"، وذلك بعد أن تحول الحزب المسيحي الديمقراطي بشكل واضح إلى اليسار والانحراف المتزايد لـ"البديل من أجل المانيا" الى التطرف اليميني.
أوقات عصيبة تنتظر الحزب
ولم يتردد مويتن في توجيه انتقادات لاذعه لتطرف مسؤولين في حزبه السابق وازدرائهم لبرلمانيين أوروبيين، ومن بينهم رئيس البرلمان الأوروبي الذي توفي قبل أيام الايطالي دافيد ساسولي، موضحا أن مجموعة من الأحداث الكثيرة جعلته يتخذ خطوته، ومن أنه أصيب بالذهول بعد الكشف عن دردشات ومنشورات مرعبة صادرة عن سياسيين من "البديل"، وبات من الصعب عليه أن يتحمل ظهوره كممثل الحزب في البوندستاغ.
وأشار إلى أنه يرى أوقاتا عصيبة تنتظر حزبه السابق خلال الأشهر المقبلة، ومن المحتمل أن يتخذ مكتب حماية الدستور إجراءات أكثر صرامة ضد الحزب اليميني المتطرف بأكمله، وهذا ما سيكلف البديل نزوحا جماعيا ملحوظا للأعضاء في المستقبل المنظور إلى معسكر آخر، ومن بينهم الحزبيون من موظفي القطاع العام أو من يمثلون الجناح المعتدل في صفوف "البديل".