حذّر الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الأحد، من أن الكيفية التي يمكن أن تردّ بها روسيا على انتكاساتها الميدانية في أوكرانيا لم تتضح بعد، وطالب خلال زيارته لقاعدة عسكرية في بولندا تقدم مساعدات للمجهود الحربي الأوكراني بالمزيد من اليقظة في صفوف القوات الأميركية.
وتمثّل تصريحات أكبر جنرال أميركي تذكيرا بأخطار التصعيد، في الوقت الذي تساعد فيه الولايات المتحدة وشركاء لها في حلف شمال الأطلسي أوكرانيا عن بعد، وهي تشن هجوما مضادا ناجحا، حتى الآن، على القوات الروسية.
وقال ميلي في وارسو بعد زيارته للقاعدة: "لا تسير الحرب سيرا حسنا للغاية بالنسبة لروسيا في الوقت الحالي. ولذلك يقع على عاتقنا جميعا الحفاظ على أوضاع استعداد وتأهب عالية".
وطُلب من الصحافيين المرافقين لميلي عدم نشر اسم القاعدة أو وصف موقعها.
وتضمنت زيارة ميلي استعراضا للدفاعات الجوية في القاعدة، التي تشمل بطاريات الصواريخ باتريوت، خط الدفاع الأخير عن القاعدة إذا قررت روسيا مهاجمتها، فيما يمثل مخاطرة بحرب مع حلف شمال الأطلسي.
وقال ميلي إنه لا يشير إلى أن القوات الأميركية في أوروبا تتعرض لأي تهديد متزايد، لكنه قال إن عليها أن تكون جاهزة.
ومضى قائلا: "خلال سير الحرب، أنتم لا تعرفون بالفعل، بدرجة عالية من اليقين، ماذا سيحدث في المرة المقبلة"، وقال مستدركا إن "الحرب في مرحلة جديدة، باتت المبادرة الاستراتيجية فيها بيد القوات الأوكرانية".
وأضاف: "لذلك يتعين علينا أن نراقب عن كثب ما ستكون عليه ردود فعل روسيا على ذلك".
أدى طرد القوات الروسية من منطقة خاركيف الواقعة في شمال شرق أوكرانيا، في الأسبوع الماضي، إلى انتقادات علنية غير معتادة للقيادة الروسية من جانب المعلقين العسكريين الروس.
زيلينسكي: لن يتوقف الهجوم المضاد
وتعهّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن بلاده لن تتوقف عن الهجوم المضاد الذي استعاد البلدات والمدن من القوات الروسية، حيث استمر القصف، الأحد، عبر مساحة واسعة من أوكرانيا.
ذكر زيلينسكي قائمة من البلدات التي استعادتها أوكرانيا في زحفها السريع عبر الشمال الشرقي.
قال زيلينسكي في خطابه الليلي بالفيديو: "ربما يبدو الآن للبعض منكم أنه بعد سلسلة من الانتصارات لدينا هدوء معين. لكن هذا ليس هدوءًا. هذا هو التحضير للمسلسل التالي.. لأن أوكرانيا يجب أن تكون حرة - كلها".
وتجنب بوتين التعليق على الهجوم المضاد، لكنه قال، يوم الجمعة، إن موسكو "سترد بقوة أشد" إذا تعرضت قواتها في أوكرانيا لمزيد من الضغوط.
"تقويض المعنويات"
واتهم ممثلو ادعاء في منطقة خاركيف، التي انسحبت منها القوات الروسية مؤخرا أمام الهجوم الأوكراني المضاد، موسكو بتعذيب المدنيين في إحدى القرى التي تم تحريرها مؤخرا.
أعلن ممثلو الادعاء في خاركيف، في بيان على الإنترنت، إنهم عثروا على قبو يعتقد أن القوات الروسية استخدمته لتعذيب السجناء، في قرية كوزاشا لوبان، القريبة من الحدود مع روسيا.
وأظهرت الصور التي نشرها الادعاء هاتفا عسكريا روسيا من طراز تي إيه-57 مزودا بأسلاك إضافية. واتهم مسؤولون أوكرانيون القوات الروسية باستخدام الهواتف اللاسلكية التي تعود إلى الحقبة السوفييتية كمصدر للطاقة لصعق السجناء أثناء الاستجواب.
وكان مسؤولون قد قالوا، الأحد، إن قصفا روسيا أصاب مدنا وبلدات في أنحاء واسعة من أوكرانيا ليل السبت، وحذرت وزارة الدفاع البريطانية من تكثيف روسيا هجماتها على أهداف مدنية على خلفية الهزائم التي منيت بها في ساحة المواجهة.
وقالت الوزارة في بيان عبر الإنترنت: "كثفت روسيا، خلال الأيام السبعة الماضية، من استهدافها للبنية التحتية المدنية، حتى في المناطق التي لا يتوقع أن تشهد أي عمل عسكري. وفي الوقت الذي تواجه فيه انتكاسات على جبهات القتال، من المحتمل أن تكون روسيا قد وسعت المواقع التي هي على استعداد لضربها، في محاولة لتقويض معنويات أوكرانيا حكومة وشعبا بشكل مباشر".
قال حاكم المنطقة، أوليه سينيهوبوف، إن القصف الروسي أدى إلى مقتل أربعة مسعفين كانوا يحاولون إخلاء مستشفى للأمراض النفسية في منطقة خاركيف، أمس السبت، مشيرا إلى أن مريضين أصيبا في الهجوم الذي وقع في قرية ستريليتشا.
وقال فيتالي كيم، حاكم منطقة ميكولاييف، إن القصف أصاب مستشفى في مدينة ميكولايف، وهي ميناء مهم على البحر الأسود، خلال الليل، مشيرا أيضا إلى أن القصف أصاب أجزاء أخرى من المنطقة، ما أدى إلى إصابة شخصين.
وأوضح حاكم منطقة دنيبروبتروفسك، فالنتين ريزنيشنكو، أن ثلاثة أشخاص أصيبوا في قصف ليلي على مدينة نيكوبول الواقعة على الجهة المقابلة من النهر من أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.
كما أفادت وكالة أنباء الفاتيكان بأن الكاردينال كونراد كراجيفسكي وموكبه تعرّضا لإطلاق نار بالقرب من مدينة زابوريجوسكي، مما أجبرهم على البحث عن ملاذ أثناء تفريغ الإمدادات.
وقال الكاردينال البولندي المولد، الذي يقدم مساهمات خيرية باسم البابا: "للمرة الأولى في حياتي، لم أكن أعرف إلى أين أهرب. لأنه لا يكفي أن تهرب. المهم أن تعرف إلى أين تتجه".
وقال حاكم منطقة دونيتسك، بافلو كيريلينكو، إن خمسة أشخاص لقوا حتفهم خلال اليوم الماضي في هجمات روسية على المنطقة، وهي واحدة من إقليمين أوكرانيين تعترف بهما روسيا كدولتين ذات سيادة.
وزعمت القوات الانفصالية التي تسيطر على جزء كبير من دونيتسك، يوم الأحد، أن القصف الأوكراني لمعسكر أسرى الحرب في أولينيفكا أدى إلى مقتل سجين وإصابة أربعة.
أفادت الأنباء بمقتل أكثر من 50 أسير حرب في هجوم، في يوليو/تموز، على سجن أولينيفكا، حيث تبادلت السلطات الروسية والأوكرانية الاتهامات بشأن القصف.
وفي السياق، قال معهد دراسات الحرب، ومقره في واشنطن، إن القوات الروسية في دونيتسك تواصل تنفيذ "عمليات لا طائل منها" على القرى، بدلا من تعزيز خط المواجهة.
"مفاوضات بلا معنى"
وفي ظل هذا التراجع الميداني للقوات الروسية، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أنها تستبعد في الوقت الراهن إجراء مفاوضات، وعقد لقاء قمة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ونقلت وكالة الأنباء الأوكرانية عن ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، قوله إن عملية التفاوض بين أوكرانيا وروسيا أو لقاء زيلينسكي وبوتين "لن يكون لهما أي قيمة أو معنى".
وعزا بودولياك وجهة نظره التي ترى عدم جدوى المحادثات في المرحلة الراهنة إلى سببين، مشيرا إلى أن السبب الأول هو أن روسيا ستحاول في المحادثات التمسك بالمكاسب التي حققتها على الأرض وشرعنتها، مضيفا أن السبب الثاني هو أن التمسك بالوضع القائم يخدم روسيا فقط، إذ يتيح لها التقاط الأنفاس حتى تتمكن من مواصلة الهجمات على الجبهة الجديدة، على حد قوله.
ورأى مستشار الرئيس الأوكراني أنه من غير الممكن إقامة المفاوضات إلا إذا انسحبت القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية، وقال إنه عندئذ يمكن التفاوض على قيمة التعويضات جراء خسائر الحرب الروسية في أوكرانيا".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال، أواخر الشهر الماضي، إن بلاده تسعى لاستضافة لقاء يجمع بين الرئيسين الروسي والأوكراني، موضحا أن الهدف من استضافة هذه القمة هو فتح الطريق لإيجاد حل للحرب الروسية الأوكرانية.
(العربي الجديد، وكالات)