في تطورات ملفّ الأزمة الأوكراني، أفادت كييف، اليوم الأحد، بأن المحادثات الجارية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية قد أظهرت تقدماً مثمراً نحو تحقيق تسوية سلمية للصراع مع روسيا. وعلى الجانب الآخر، اعتبرت موسكو هذه المحادثات "محاولة محكوما عليها بالفشل"، مع تصاعد التوترات بين الطرفين.
واجتمعت أكثر من 40 دولة، من بينها الصين والهند والولايات المتحدة وعدة دول أوروبية، في محادثات جدة اليوم الأحد.
وأسفر الاجتماع، بحسب البيان الختامي الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، عن "الاتفاق على مواصلة التشاور الدولي بما يسهم في بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام".
ووفق البيان، استضافت جدة السبت، "اجتماعا لمستشاري الأمن الوطني وممثلين لأكثر من 40 دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة برئاسة مستشار الأمن الوطني السعودي، مساعد بن محمد العيبان".
واتفق المشاركون على "أهمية مواصلة التشاور الدولي وتبادل الآراء بما يسهم في بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام".
كما أعربوا عن "أهمية الاستفادة من الآراء والمقترحات الإيجابية التي تم بحثها في الاجتماع".
ورغم عدم مشاركة روسيا في هذه المحادثات، تهدف أوكرانيا وحلفاؤها إلى جلب دعم دولي واسع للمبادئ التي تسعى كييف إلى ترسيخها كأسس للسلام، منها انسحاب كامل للقوات الروسية واستعادة جميع الأراضي الأوكرانية.
وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تطلعه لعقد قمة عالمية تستند إلى هذه المبادئ في وقت لاحق من هذا العام. ومع مرور 18 شهراً منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تبدو الآمال في عقد محادثات مباشرة بين كييف وموسكو بعيدة المنال.
وقال مدير مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، في بيان نقلته وكالة "رويترز"، عن محادثات جدة: "أجرينا مشاورات مثمرة جداً حول المبادئ الأساسية التي يجب أن يُبنى عليها سلام عادل ودائم".
وبحسب يرماك، فإن وجهات نظر مختلفة ظهرت خلال المحادثات في السعودية، واصفاً إياها بأنها "حوار صريح ومنفتح جداً". وقال إن جميع الدول المشاركة أبدت التزامها بمبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.
وعلى الجانب الآخر، أدلى نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، اليوم الأحد، بتصريحات حادّة حول المحادثات المنعقدة في مدينة جدة السعودية بشأن أوكرانيا.
وفي تعليقه على هذه المحادثات، قال مدفيديف: "العدو يتعين عليه الحضور زاحفاً على ركبتيه، مستجدياً الرحمة".
ووفقاً للتصريح الذي نشره على قناته في منصة "تليغرام"، أعرب مدفيديف عن صعوبة انتقاد رغبة إنهاء الحرب، مشدداً على أنه من المستحيل الجدال بشأن ميثاق الأمم المتحدة، مع الإدراك أنه ينص على حق الأمم في تقرير مصيرها، إلى جانب السيادة.
وأضاف مدفيديف أن "أي اقتراحات للسلام يجب أن تأخذ في اعتبارها ثلاثة شروط مهمة، وهي مشاركة الأطراف المتنازعة في عملية الحوار، والنظر في السياق التاريخي والوقائع الحالية"، في إشارة إلى إقدام روسيا على ضم مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون لسيادتها في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
واعتبر مدفيديف أن أوكرانيا لم تكن موجودة ككيان دولي حتى عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، ووصفها بأنها "شظية الإمبراطورية الروسية"، معتبراً أن البلد المجاور قد دخل في مرحلة "نصف العمر" وعاد جزء من أراضيه إلى روسيا.
وفي ختام تصريحه، شدد الرئيس الروسي السابق على أن الوسيط الذي يكون مستعداً للاعتراف بتلك الحقائق الواضحة ستكون لديه فرصة لإحراز تقدم في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا. وأضاف أن "المفاوضات ذاتها غير مطلوبة حالياً، وأن العدو يجب أن يكون مستعداً للحضور زاحفاً على ركبتيه واستجداء الرحمة".
بدوره، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن الاجتماع في جدة "انعكاس لمحاولة الغرب مواصلة الجهود الفاشلة وغير المجدية" لحشد الجنوب العالمي من أجل دعم موقف زيلينسكي.
وفي ما يتعلق بالتوجهات الدولية، أظهرت مشاركة الصين في هذه المحادثات تغييراً محتملاً في موقفها، على الرغم من عدم تغيير كبير في موقفها. وألمح محللون إلى أهمية دور السعودية في دعم توسيع دائرة المشاركين في المحادثات، نظراً لعلاقاتها المتزايدة مع كبريات القوى الدولية.