قُتل 30 شخصاً على الأقل، وجُرح أكثر من 160 آخرين جراء ضربات شنتها روسيا الجمعة على عدد من المدن في أوكرانيا، بينها العاصمة كييف، مستخدمة "عدداً غير مسبوق من الصواريخ" حسب السلطات الأوكرانية.
ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "بشكل لا لبس فيه وبأشد العبارات الممكنة الهجمات المروعة التي وقعت على مدن وبلدات في كل أنحاء أوكرانيا".
وأكدت بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن صاروخاً روسياً خرق مجالها الجوي صباح الجمعة متجهاً نحو أوكرانيا. ونددت بـ"انتهاك" مجالها الجوي بـ"صاروخ كروز"، داعية روسيا إلى "الوقف الفوري لهذا النوع من العمليات".
وقال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش البولندي، الجنرال فيسلاف كوكولا: "كل شيء يشير إلى أن صاروخاً روسياً دخل المجال الجوي البولندي. رصدناه بالرادار"، مضيفاً أنه "خرج منه" فوراً باتجاه أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر منصة "إكس": "اليوم استخدمت روسيا كل أنواع الأسلحة تقريباً في ترسانتها". وأفاد سلاح الجو الأوكراني عن إطلاق 158 صاروخاً ومسيّرة على أوكرانيا، دُمر منها 115.
وصرح المتحدث باسم سلاح الجو، يوري إيغنات، بأن "هذا أكبر هجوم صاروخي بصورة عامة" باستثناء الأيام الأولى من الحرب التي اندلعت في فبراير/ شباط العام الماضي وشهدت ضربات "مستمرة وبلا انقطاع".
وأعلن مساعد الرئيس الأوكراني أندريه يرماك عبر "تليغرام"، أن الضربات استهدفت "منشآت ومبانيَ مدنية"، مضيفاً: "نبذل ما في وسعنا لتعزيز درعنا الجوية. لكن على العالم أن يرى أننا بحاجة إلى مزيد من الدعم والقوة لوقف هذا الإرهاب".
وقالت السفيرة الأميركية لدى كييف، بريدجيت برينك، عبر موقع "إكس": "تحتاج أوكرانيا إلى التمويل الآن لمواصلة النضال للتحرر من هذا الرعب في 2024".
وحضّ الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس الجمعة على اتخاذ خطوات "طارئة" لتجاوز الخلافات بشأن المساعدات العسكرية لكييف، معتبراً أن الهجوم الصاروخي الذي شنّته روسيا صباح الجمعة يشير إلى رغبتها في "محو" أوكرانيا.
من جهته، أعلن وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس، الجمعة، أن بلاده سترسل نحو مئتي صاروخ لتعزيز الدفاع الجوي الأوكراني.
واقع مروع في أوكرانيا
ندّدت موفدة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أوكرانيا دينيز براون بالهجمات الأخيرة، وقالت: "بالنسبة إلى الشعب الأوكراني، فإن هذا مثال آخر غير مقبول على الواقع المروع الذي يواجهه والذي جعل 2023 عاماً آخر من المعاناة الهائلة".
كذلك دانت فرنسا بـ"أشد درجات الحزم استراتيجية الرعب"، فيما رأى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أن هذه الضربات تثبت أن الرئيس فلاديمير بوتين "لن يتراجع أمام شيء".
واستنكر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الضربات الروسية "الجبانة". وأعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجمعة عن "صدمته" حيال موجة الضربات الروسية الجديدة على أوكرانيا، داعياً موسكو إلى وقف هجماتها "فوراً".
ودعا تورك روسيا إلى "احترام القوانين الدولية المتعلّقة بالنزاعات".
وقال وزير الداخلية الأوكراني، إيغور كليمنكو، عبر "تليغرام": "إلى الآن، قتل 30 شخصاً وأصيب أكثر من 160 جراء الهجوم الهائل الذي شنّته روسيا على أراضي أوكرانيا صباحاً".
من جهته، أعلن الجيش الروسي الجمعة أنه أصاب كل أهدافه في عشرات من الهجمات التي شنّها على أوكرانيا في الفترة من 23 إلى 29 ديسمبر/ كانون الأول.
وجاءت الضربات بعد أيام على استهداف أوكرانيا سفينة حربية روسية في مرفأ فيودوسيا بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
في كييف حيث "فُعِّلَت الدفاعات الجوية بكثافة"، بحسب رئيس البلدية فيتالي كليتشكو، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بسماع دويّ انفجارات قوية في ساعات مبكرة الجمعة.
وفي منطقة بوديل الواقعة شماليّ العاصمة اندلعت النيران في مستودع مساحته قرابة 3000 متر مربع، فيما انهمك رجال الإطفاء في إخماد النيران. كذلك لحقت أضرار بمحطة مترو تُستخدم ملجأً من الغارات الجوية.
وقالت وزارة الصحة إن "أضراراً بالغة" لحقت بمستشفى توليد في دنيبرو، لكن المرضى والموظفين تمكنوا من الاحتماء في الوقت المناسب. كذلك أصيب مركز تجاري واشتعلت فيه النيران في المدينة.
زيلينسكي في أفدييفكا
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، أنه زار مدينة أفدييفكا الواقعة عند الجبهة الشرقية التي تواجه منذ أشهر هجمات متكررة من القوات الروسية الساعية لتطويقها.
وقال إن أفدييفكا "واحدة من أكثر المناطق صعوبة على جبهة القتال"، وإنه "شكر شخصياً الجنود"، وبحث في وضع الدفاع والحاجات الأساسية مع قائد الوحدة.
في الغضون قُتل شخص في بيلغورود، جراء غارة أوكرانية استهدفت مبنىً سكنياً، حسبما أعلن حاكم هذه المقاطعة الروسية المتاخمة للحدود الأوكرانية ليل الجمعة السبت. وقال المسؤول إن الغارة أدت إلى مقتل رجل وإصابة أربعة آخرين، مضيفاً أن نظام إمدادات المياه في المنطقة تضرر.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 13 صاروخاً فوق مقاطعة بيلغورود.
من جهته، أعلن ألكسندر بوغوماز، حاكم مقاطعة بريانسك الروسية الواقعة غربيّ بيلغورود، أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت "مسيّرة" فوق المقاطعة.
على صعيد متصل، أكد مسؤول كبير في الجيش الألماني في مقابلة نُشرت الجمعة، أنّ روسيا تكبّدت خسائر "فادحة" في الرجال والعتاد في حربها في أوكرانيا، مضيفاً أنّ جيشها سيخرج "أضعف" من النزاع.
وقال الجنرال كريستيان فرودينغ، المشرف على دعم كييف داخل الجيش الألماني، لصحيفة "سودويتشه تسايتونغ" الألمانية: "أنتم تعلمون، وفقاً لأرقام أجهزة الاستخبارات الغربية، أنّ 300 ألف جندي روسي قتلوا أو أصيبوا بجروح خطرة، لدرجة أنّه لم يعد بإمكانهم المشاركة في الحرب".
وأكد الجنرال الذي يعدّ أيضاً أحد المستشارين الرئيسيين لوزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريس، تقييماً لأجهزة الاستخبارات الأميركية سُرّب في 12 ديسمبر/ كانون الأول، يفيد بأنّ 315 ألف عسكري روسي أصيبوا أو قُتلوا منذ بداية غزو أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.
لكنه رأى في الوقت نفسه أن روسيا أظهرت "قدرة على المقاومة" أكبر مما قدّرت الدول الغربية في بداية الحرب. وقال: "ربما لم نرَ، أو لم نرغب في أن نرى أنّهم قادرون على مواصلة الحصول على إمدادات من حلفاء" لهم.
(فرانس برس)