قررت هيئة رئاسة مجلس النواب الليبي، اليوم الأربعاء، تشكيل لجنة برلمانية، مكونة من 10 نواب، تتولى العمل على إعداد مقترح لخريطة طريق ما بعد 24 ديسمبر/ كانون الأول، وذلك بعد اقتراح مفوضية الانتخابات تأجيل الانتخابات إلى يوم 24 يناير/ كانون الأول من العام المقبل.
وطالبت هيئة الرئاسة اللجنة البرلمانية بإعداد مقترح لخريطة الطريق لما بعد 24 ديسمبر، وتقديمه إلى "مكتب هيئة الرئاسة خلال أسبوع لعرضه على المجلس خلال جلسته المقبلة"، دون تحديد للجلسة المقبلة.
وفيما طالبت المفوضية مجلس النواب بتحديد "موعد آخر لإجراء عملية الاقتراع خلال 30 يوما"، اقترحت أن يتم تأجيل يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية الى يوم 24 يناير المقبل "على أن يتولى مجلس النواب العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة التي تواجه استكمال العملية الانتخابية".
وأرجعت المفوضية الصعوبات التي واجهت إحراء العملية الانتخابية في موعدها المحدد بيوم 24 ديسمبر الجاري إلى قصور التشريعات الانتخابية، وما يتعلق "بدور القضاء في الطعون"، واعتبرت مرحلة الطعون بأنها شكلت "المنعطف الخطير في مسار العملية الانتخابية".
وفيما أكدت المفوضية براءتها من "الاتهامات الموجهة إليها بالتقصير والتسييس"، شددت أيضا على أنها تضع السلطتين التشريعية والقضائية "أمام مسؤولياتهما والتزاماتهما في الأخذ بإجراءات تُفضي إلى نجاح هذا الاستحقاق، بما يحقق آمال شعبنا وتطلعاته نحو غد أفضل، يزخر بالسلام والتنمية والرخاء".
ويبدو أن استناد المفوضية في مقترحها بشأن تأجيل الانتخابات إلى نصوص القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب، اضطر مجلس النواب لتحمل المسؤولية والإعلان عن تشكيل لجنة برلمانية لإعداد خريطة الطريق لما بعد يوم 24 ديسمبر، وهو أول إعلان ضمني منه بفشل إجراء الانتخابات يوم 24 ديسمبر.
وتنص المادة 43 من قانون الانتخابات الرئاسية الصادر عن مجلس النواب، الذي أشار إليه بيان المفوضية، اليوم الأربعاء، على أنه "في حال تعذر إجراء الاقتراع في أحد مراكز الاقتراع أو أكثر نتيجة ظروف قاهرة، وإذا كان ذلك يؤثر تأثيرا مباشرا في النتيجة النهائية، تعلن المفوضية تأجيل عملية الاقتراع بتلك المراكز، ويحدد مجلس النواب موعدا آخر لإجراء عملية الاقتراع خلال ثلاثين يوما أو بزوال السبب، وذلك بناء على تقرير تقدمه المفوضية بهذا الشأن"، وتضيف المادة "إذا تعذر إجراء عملية الاقتراع في كامل البلاد وفقا للإعلان الدستوري وتعديلاته والقانون ولأسباب قاهرة، تقوم المفوضية بالتنسيق مع مجلس النواب بتحديد موعد جديد للاقتراع".
وفيما لم تبين المفوضية، في بيانها اليوم، من هي "القوة القاهرة" التي أفضت إلى عدم تمكَن المفوضية من الإعلان عن الانتخابات، فإن استنادها في مقترح تأجيل الانتخابات على المادة 43 من قانون الانتخابات الرئاسية قد يفهم منه الإشارة للعراقيل الأمنية التي مارستها مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بعض المناطق، كحصارها لمحكمة سبها والتعدي على مركبات الشرطة التي أرسلتها السلطات إلى مدينة سبها في إطار سعيها للسيطرة على للعملية الانتخابية، ما يجعل المفوضية عاجزة على تسيير عمليات الاقتراع في مراكز الاقتراع في مختلف مناطق البلاد.
ويعترض جلسة مجلس النواب المقبلة عديد من الصعوبات، تتعدى قدرته على إقرار خريطة طريق جديدة وتحديد مواعيد للانتخابات المقبلة، إلى القدرة على الاستمرار بشكل أحادي في إدارة العملية الانتخابية دون إشراك المجلس الأعلى للدولة، خصوصاً بعد أن اعتبرت المفوضية أن "القصور" في القوانين الانتخابية من بين الأسباب التي خلقت الصعوبات التي تواجهها.
كما يواجه مجلس النواب صعوبات أخرى تتعلق برغبته في تغيير الحكومة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، فعلاوة على فشله في إقصاء الدبيبة أكثر من مرة، آخرها حجب الثقة عن حكومته، تبدو الأوضاع أكثر صعوبة حاليا بعد مساعي المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، لإحياء ملتقى الحوار السياسي المسؤول عن انتخاب السلطة التنفيذية الحالية.
وتبدو جملة هذه الصعوبات هي من استدعت رجوع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح من إجازته، التي كان يستعد فيها لخوض غمار الانتخابات الرئاسية؛ فقد أكد رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بالتواصل مع مفوضية الانتخابات، عبد الهادي الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن لجنته دعت صالح إلى استئناف عمله ومباشرة مهامه لرئاسة مجلس النواب وقيادة جلساته، مؤكدا أن صالح سيكون على رأس جلسة ستعقد الاثنين المقبل، للنظر في تقرير لجنته وتقرير مفوضية الانتخابات بشأن تأجيل الانتخابات.
ودفع تعقد مسار العملية الانتخابية بالعديد من المقترحات والمساعي، ومن بينها حديث أوساط ليبية، لـ"العربي الجديد"، عن مقترح ناقشته المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، مع مسؤولين ليبيين بشأن تقديم إجراء الانتخابات البرلمانية وتأجيل الرئاسية، وهو ما أكده رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في تصريحات له الجمعة الماضي، مشيرا إلى أن وليامز تضغط باتجاه عقد الانتخابات قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
كما تحدثت مصادر ليبية، لـ"العربي الجديد" عن مساعٍ أخرى يجريها قادة المجلس الرئاسي مع عدة أطراف ليبية بهدف الاتفاق على "إزاحة" مواعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لعدة أشهر، تفاديا لحدوث فراغ في السلطة ولإنقاذ العملية الانتخابية من الانهيار.
وفي مستجدات لقاءات وليامز الكثيفة مع مختلف المسؤولين المحليين، التقت الأخيرة رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بعد ساعات من لقائها عددا من أعضاء ملتقى الحوار السياسي، في مقر البعثة الأممية في طرابلس.
ووفقا للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، فقد استعرضت وليامز مع المنفي نتائج لقاءاتها مع الأطراف السياسية المختلفة "بهدف إزالة العقبات أمام الاستحقاق الانتخابي".
وأضاف المكتب الإعلامي أن اللقاء ناقش أيضا "الخيارات المختلفة لإنجاح العملية السياسية والمحافظة على المسار التوافقي بالبلاد"، مشيرا إلى أن المنفي أكد على حياد مجلسه "ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية".