قررت نيابة محرم بك في محافظة الإسكندرية المصرية، مساء السبت، إخلاء سبيل عضو المكتب السياسي لحزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" المعارض، عضو مجلس النواب السابق هيثم الحريري، بكفالة مالية قيمتها ألف جنيه في اتهامه بـ"التحريض على تقديم رشوة انتخابية" في الانتخابات البرلمانية المنقضية.
واستمرت تحقيقات النيابة مع الحريري لمدة تجاوزت 6 ساعات، تحت مزاعم تورطه في تقديم رشى مالية للناخبين في الانتخابات التي جرت نهاية العام الماضي عن دائرة محرم بك بالإسكندرية، والتي خسر فيها مقعده النيابي لصالح المرشحين عن حزب "مستقبل وطن" المدعوم من أجهزة الدولة، محمد جبريل، ومحمود قاسم.
وتعرض الحريري لموجة هجوم عبر وسائل الإعلام الموالية لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفية توجيهه انتقادات لنظام القوائم المغلقة في الانتخابات النيابية، والذي وصفه بـ"النموذج المؤسف لتوريث المقاعد في مجلس النواب".
وكتب الحريري على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" قبل يومين: "استخدام نظام القوائم المطلقة السيئ لتوريث المقاعد للأشقاء والأبناء والأقارب. والمؤسف أنه يتم التصويت على اسم القائمة من دون معرفة أعضائها"، مضيفاً: "نظام القوائم المطلقة هو أسوأ الأنظمة الانتخابية، وعندما يضاف إليه توريث المقاعد البرلمانية يكون الأمر أكثر سوءاً".
وتابع: "هذا لا يمكن أن يحدث في الدولة المدنية الحديثة، أو أن يساعد على إقامة حياة سياسية، ولكنه يحصر عضوية مجلس النواب على عائلات بعينها في حزب الأغلبية، وأحزاب الموالاة". وصاحب تعليق الحريري نشره القوائم الاحتياطية للنواب الفائزين على نظام القائمة المغلقة، والتي أظهرت إدراج أسماء العشرات من الأبناء والأشقاء بديلاً لهم في حالة الوفاة.
وأسقط نظام السيسي النائبين الأعلى صوتاً بين أعضاء تكتل (25-30) المعارض في الفصل التشريعي السابق، وهما الحريري، والنائب السابق عن دائرة قلين بكفر الشيخ، أحمد الطنطاوي. وهو ما وصفه سياسيون بـ"فضيحة تزوير مدوية"، لا سيما أن الأخير حصل على أكثر الأصوات في جولتي الانتخاب، وفقاً لنتائج محاضر الفرز المعتمدة من اللجان الفرعية، ورغم ذلك أعلنت اللجنة العامة حلوله خامساً في ترتيب المرشحين.
وكانت مصادر سياسية مطلعة قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن التصعيد ضد أعضاء تكتل (25-30) لن يتوقف على إسقاطهم في الانتخابات، بل سيمتد إلى مطاردة الحريري والطنطاوي أمنياً، على خلفية توجيه العديد من الاتهامات إليهما في بلاغات مقدمة إلى النائب العام. وهي اتهامات حالت الحصانة النيابية سابقاً دون فتح التحقيق فيها، وتتعلق بـ"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها"، و"استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض ضد الدولة".
ويعود توارث المقاعد في مجلس النواب إلى دفع المرشحين الفائزين مبالغ طائلة لوضع أسمائهم على القائمة المشكلة بمعرفة الأجهزة الأمنية الموالية للسيسي، وصلت في بعض الحالات إلى 50 مليون جنيه، وذلك حتى تستفيد العائلة من عضوية البرلمان، وما يصاحبها من حصانة لمدة خمس سنوات.
وتحول المشهد السياسي المصري إلى سوق تباع فيه المقاعد النيابية، لمن يدفع أكثر من الراغبين في الوصول إلى البرلمان، من دون الحاجة لأصوات الناخبين، أو الوجود الحقيقي في الشارع للأحزاب، التي باتت مجرد لافتات معلقة على المباني فقط، في ظل سيطرة كاملة من جانب الأجهزة الأمنية على المشهد السياسي والإعلامي في البلاد.