لليوم الثاني.. إدارة العمليات العسكرية تواصل حملتها الأمنية الواسعة في الساحل السوري

22 ديسمبر 2024
من عمليات تسليم الأسلحة للإدارة السورية الجديدة في اللاذقية، 16 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

تستمر إدارة العمليات العسكرية في سورية بتنفيذ حملة أمنية واسعة النطاق في مدن وبلدات وقرى الساحل السوري، لليوم الثاني على التوالي، والتي بررتها بأنها تأتي في إطار إلقاء القبض على "فلول النظام السابق وعناصر خارجين عن القانون" على حد وصفها.
وأشارت مصادر مطّلعة على تفاصيل الأمر في دمشق إلى أن الإدارة العسكرية، بررت الحملة "بالرد على سلسلة من الهجمات التي تعرض لها مقاتلوها، والتي كان آخرها في منطقة تلكلخ بريف حمص".

وأوضحت أن المحاور الأساسية التي تستهدف الحملة تطبيقها غير "انتقامية بالمطلق"، كما يشاع على بعض الصفحات الصفراء، بل إن لهذه الحملة عدة أهداف أمنية أبرزها ملاحقة "المطلوبين للعدالة"، كالذين ارتكبوا جرائم حرب خلال فترة حكم النظام السابق، وآخرين من فلول النظام السابق من الذين "يقومون بأعمال تخريبية حالياً"، مضيفة: "كذلك تهدف الحملة إلى إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة بعد فترة من الاضطرابات والانتهاكات التي ارتكبها نظام آل الأسد وعصاباتهم"، بالإضافة للقضاء على ظاهرة السرقة والتشليح التي يقوم بها عناصر خارجون على القانون". وبينت المصادر أن الحملة ستطول مناطق في ريف طرطوس واللاذقية، مع التركيز على مناطق أبرزها القرداحة وريفها، والمزيرعة، والقطيلبية، مشيرة إلى أن ذلك جاء بالتنسيق مع وجهاء المنطقة.

وكانت إدارة العمليات العسكرية قد أعلنت صباح، اليوم الأحد، القبض على مجموعة مسلحة من اللصوص قاموا بسرقة أسلحة من إحدى القواعد العسكرية البحرية، واستطاعت الحصول على اعترافات من أحد أفراد المجموعة عن العمليات التي قاموا بها، ومعلومات بأسماء باقي أفراد المجموعة الذين تجري ملاحقتهم والبحث عمن فروا منهم.

العملية جاءت بعد شكاوى ونداءات من أهالي أرياف اللاذقية وطرطوس، بعد أيام من الانتهاكات التي طاولت بعض القرى والبلدات التي تقع على الحدود مع لبنان، وفق ما أشارت مصادر أهلية من اللاذقية وطرطوس لـ"العربي الجديد"، حيث طالب أهالي هذه القرى إدارة العمليات العسكرية بالتدخل لردع جماعات مسلحة مجهولة التبعية عن قرى وبلدات في أرياف المحافظتين، حيث أقدمت بعض هذه الجماعات بالسطو على منازل المواطنين، وسرقة محتوياتها، بالإضافة لحصول هجمات نفذها مسلحون من الجانب اللبناني على قرية الحسنة بريف طرطوس، وقاموا بسلب منازل ومن بينها منزل لأحد التجار، ونائب سابق في البرلمان السوري، والمدعو "سنان ضرغام"، ليطالب الأهالي بتدخل الهيئة لفرض الأمن.

وكانت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تحدثت خلال الأيام الأخيرة عن انتهاكات طاولت قرى ومواطنيها في اللاذقية نتيجة حالة الفوضى والاضطراب، زاعمة حصول انتشار مجموعات مسلحة غير منضبطة تابعة للإدارة الجديدة "تقوم بارتكاب جرائم متنوعة، منها عمليات الاعتقال والخطف وسرقة الممتلكات".

"علي المحمد"، وهو اسم مستعار لأحد ناشطي اللاذقية المعارضين للنظام السابق، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"؛ حدوث انتهاكات في محافظة اللاذقية، على يد مجموعات لم يحدد تبعيتها، قائلاً إنها مجهولة التبعية، مع جزمه "بأن هنالك من يرغب في إشعال فتيل حرب طائفية في البلاد"، موضحاً أن ما يحدث يأتي في أحد السياقين؛ إما أن فلول النظام القديم تريد أن توحي للمواطنين في الساحل، وخاصة من أبناء الطائفتين "العلوية والمسيحية" بأن "القادمين الجدد جاؤوا ليقتلوكم"، أو أنه فعلاً نتاج مجموعات غير منضبطة من الفصائل، خارجة عن إرادة الإدارة السورية الجديدة هدفها الانتقام، ليعود ويرجح فرضية ضلوع أشخاص من أفراد السلطة المدحورة بتلك الأحداث.

وأشار المحمد إلى أن هنالك حالات استفزاز تتكرر، من قبل بعض الأشخاص الملثمين الذين يجوبون شوارع المحافظة وخاصة في منطقة القرداحة، الأمر الذي لا يمثل أخلاق الثوار ضد نظام الطاغية، بحسب قوله، محذراً من أن تصرفات كهذه قد تفجّر الوضع. كما لفت إلى أن هنالك بعض الحالات الثأرية الواضحة التي حصلت، حيث يعمل كل مكلوم بثأر على استغلال الفوضى لتحصيل ثأره، خاصة أن السلاح انتشر في أيدي الصغار قبل الكبار مع سقوط النظام القديم وعمليات السطو التي شهدتها المخافر والقطع العسكرية في المنطقة.

وقال المحمد إن لسان حال أبناء المحافظة مثلهم كمثل أي سوري يريدون السلام، وأن ينعموا بالأمان، معولاً على العقلاء التدخل والتعاون مع إدارة العمليات العسكرية لتسليم أي متورط بأعمال مخلة للأمن أو أي شخص تلوثت يداه بدماء السوريين، مشيراً إلى أنه ليس هنالك من يرفض تسليم المجرمين، لكن دون الحاجة لإراقة أي نقطة دم في الساحل، فالجميع كانوا مظلومين، وإن مظلومية أبناء الساحل، وخاصة أبناء جبلة والقرداحة، هي الأكبر، حيث إنهم أكثر من عانى من بطش آل الأسد وأقربائهم، بحسب قوله.

ويتشابه الحال في محافظة طرطوس، وفقاً لما أشار إليه رواد العلي، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن انتهاكات خطيرة تحدث في بعض قرى ريف المحافظة، مؤكداً -رواية المصادر- بحدوث تعديات على قرية الحسنة بريف طرطوس، مضيفاً إلى ذلك أن تصرفات استفزازية يقوم بها مجهولون ملثمون تنذر بانفجار الوضع في حال استمر، بالإضافة إلى أن سمات هؤلاء تؤكد أنهم ليسوا من أبناء سورية وإن كانوا يتحدثون العربية. وأشار إلى أن البعض منهم كانوا يرفعون على السيارات التي يستقلونها رايات بيضاء مكتوب عليها "لواء التوحيد" ورايات أخرى بيضاء يتخللها خط أخضر لأول مرة يراها.

كما أشار العلي إلى أن هنالك جماعات مشكوك بتبعيتها تمارس الانتهاكات ليتم إلقاء القبض عليها، ثم إطلاق سراحها، دون أن يعرف الأهالي من هي هذه الجماعات ومن ألقى القبض عليها، مرجحاً أن تكون فعلاً تمثيليات تقوم بها جهات هدفها زعزعة الاستقرار لا أكثر.

ونوه العلي بأن أهالي المنطقة يدعمون الحملة ويعتبرونها خطوة مهمة لاستعادة الأمن والاستقرار، وعليه قاموا بتنظيم اجتماع خلص إلى عدة نقاط، أهمها تشكيل لجان شعبية في مختلف أحياء المدينة تتعاون مع إدارة العمليات لحفظ الأمن إيماناً بأهمية دعم السلطة في مكافحة الانتهاكات التي قد تهدد أمن المنطقة، بالإضافة لإلزام كل مَن يمتلك أسلحة بتسليمها لإدارة العمليات العسكرية، وخاصة الثقيلة والمتجولة، بهدف تهدئة الأوضاع وتوفير بيئة آمنة للمواطنين، كما طالبوا السلطات الحالية بضرورة تعزيز الحضور الأمني في المدينة من خلال فرز وتشكيل عناصر لحفظ الأمن العام، لضمان تطبيق القانون وحماية الممتلكات العامة والخاصة.

بالمقابل، قامت إدارة العمليات العسكرية بافتتاح مركز للتسوية لعناصر جيش النظام السابق في اللاذقية، على أن يسلم كل منهم ما في عهدته من أسلحة وذخيرة، مع ضمان عدم المساس بمَن لم تتلوث أيديهم بدم الشعب السوري.