استمع إلى الملخص
- الإدانة تسبب انقسامات بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث يرى معسكر ترامب القضية مسيّسة، بينما يعتبرها الديمقراطيون تهديدًا لمستقبله السياسي، والبعض يعتبره من المبكر الحكم على تأثيرها.
- تأثير الإدانة على الناخبين والمعركة الانتخابية المقبلة يظل غير واضح، مع استمرار الانقسام السياسي والتنافس الشديد، رغم التحديات الاقتصادية والقضايا القانونية المستمرة التي يواجهها ترامب.
دخل الرئيس السابق دونالد ترامب التاريخ الأميركي من بوابة غير مسبوقة، عندما صدر الخميس قرار من هيئة المحلفين في محكمة نيويورك بإدانته جنائياً في قضية رشوة لإسكات إحدى خليلاته خلال حملته لانتخابات 2016. الذنب أن العملية تمت من خلال تزييفه وثائق مالية وضريبية خلافاً للقانون وأنه أخفى هذه المخالفة عن عمد وتصميم وبما أدى إلى تحويلها إلى جريمة مضاعفة.
وقد أثار هذا التجريم الأول من نوعه ضد رئيس أميركي، موجة عارمة من الردود توزعت على ثلاثة محاور: جمهوري رأى فيه مسألة "مخزية" جرى تدبيرها بدوافع سياسية انتخابية بهدف سدّ الفارق بين بايدن وترامب وبما يؤدي إلى هبوط رصيد هذا الأخير. وديمقراطي هلّل للقرار من زاوية أنه لا بدّ وأن ينسحب بصورة سلبية على معركة الرئيس السابق. وفريق ثالث نأى عن الترجيح وبقي بين الاثنين على أساس أنه ما زال من المبكر الكلام عن مفاعيل هذا التطور الجديد وتأثيره على وجهة رياح المعركة. لكن الثلاثة تعاملوا مع الإدانة بما هي بضاعة انتخابية. كل يراها من زاوية حساباته لتوظيفها وتقديمها بالقوالب المناسبة لمعركته.
فريق ترامب دان هذه الإدانة من باب أنها عملية مسيّسة ومفتعلة ورأى أنها سترتد سلباً على معركة الرئيس بايدن. معسكر هذا الأخير بدأ في تسويق هذا التطور على أنه لطخة التصقت بشخص ترامب ومن شأنها أن تؤدي إلى تآكل في رصيده. وهي فعلا لطخة على الأقل لناحية أنها غير معروفة في تاريخ الرئاسة الأميركية وبصرف النظر عن مصيرها القضائي بعد مرورها لاحقاً في محاكم الاستئناف وربما وصولها إلى المحكمة الفيدرالية العليا. خاصة وأنه قد سبقها خسارة ترامب في مارس/آذار الماضي لدعوى تحرش وأن هناك ثلاث دعاوى ضده من العيار الثقيل تنظر فيها المحاكم منها قضية اقتحام الكونغرس في السادس يناير/كانون الثاني 2021 والتي يراهن ترامب على تأجيل نظر المحاكم فيها إلى ما بعد الانتخابات. وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد. وقد ينجح فريقه القانوني بالحصول على موافقة المحكمة لتأجيل الموعد الذي حددته للنطق بالحكم في دعوى الرشوة من 11 يوليو/تموز القادم إلى ما بعد مؤتمر الحزب الجمهوري المقرر في فترة 15-18 من الشهر نفسه والذي من المتوقع أن يقر خلاله ترشيح ترامب بصورة رسمية.
صدور الحكم قبل المؤتمر قد يزيد من خلخلة صورته ولو أنه ليس من المرجح أن تقضي المحكمة عليه بعقوبة السجن (القانون يترك للقاضي تحديد الفترة التي قد تصل إلى أربع سنوات). التقدير أنها ستكتفي بعقوبة رمزية من نوع المشاركة بتقديم خدمات في أماكن اجتماعية تحت رقابة قضائية. علما بأنه حتى عقوبة مخففة من هذا العيار لن تدخل حيّز التنفيذ قبل الانتخابات بل قبل المدة التي تقتضيها مراحل استئناف الحكم والتي قد تمتد لأكثر من سنة وربما سنوات. هذا لو أبقت محاكم الاستئناف على مثل هذه العقوبة.
مع ذلك لا بدّ وأن يدخل صدور الحكم الأولي في حسابات الناخب المتردد والمستقل وحتى الجمهوري المعتدل. في الاستطلاعات التي رافقت انتخابات التصفية الحزبية في فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين، كشفت نسبة بين 5% إلى 7% من هؤلاء بأنها لن تصوت لصالح ترامب "إذا جرت إدانته" بواحدة من الدعاوى الأربع المرفوعة ضده. ومثل هذه الشريحة إذا بقيت على موقفها بعد إدانة الخميس فمن شأنها أن تؤثر في حصيلة المعركة نظرا للفارق البسيط بين بايدن وترامب.
لكن هذا مرهون بعوامل وحسابات متداخلة منها ما زال يعمل ضد بايدن، مثل موضوع غلاء الأسعار وبداية ضمور معدلات النمو التي سجلت في الفصل الأول من العام الحالي 1.3% أقل من المتوقع. ولهذا جاءت هذه الإدانة في وقتها بالنسبة للرئيس بايدن، علّها تعطيه ورقة جديدة لتفعيل حملته الراكدة.
السؤال: إلى أي مدى؟ المؤكد أن دخول القضاء على خط ترامب الذي استعصى على القانون منذ سنين، من شأنه أن ينوّع الجدل الانتخابي وبما قد يفيد بايدن إذا شحن حملته بخطاب جديد. علما بأن ذلك ليس من المتوقع أن يكون له أي تأثير على قاعدة ترامب الانتخابية الصلبة الباقية إلى جانبه حتى لو صدر عليه حكم بالسجن. اعتماده مرشحا للحزب في مؤتمره الحزبي في 15-18 يوليو/تموز شبه مضمون في غياب البديل المفقود وفي ظل سيطرة شبه تامة للرئيس ترامب على الجمهوري قيادة وقاعدة.