جدد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، مساء الأربعاء، دعم بلاده للمقترح المغربي القاضي بمنح الصحراء حكماً ذاتياً، واصفاً إياه بـ "الجاد وذي واقعية لحل الصراع"، وسط ارتياح مغربي للدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية، والتي تم تدشينها منذ اللقاء بين العاهل المغربي الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الإسبانية في إبريل/ نيسان 2022.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب استقباله من قبل العاهل المغربي، مساء اليوم الأربعاء، إن "العلاقات بين البلدين تمر بأفضل حالاتها منذ عقود، وأنها تعيش على وقع التعاون المشترك في العديد من المجالات، حيث تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب".
ولفت المسؤول الإسباني إلى أن البلدين يقيمان تعاونا نموذجيا في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وأيضا الهجرة السرية، مؤكدا أن الرباط "شريك مهم بالنسبة لإسبانيا، والمحادثات المثمرة مع العاهل المغربي اهتمت بتطوير هذه الشراكة والرقي بها".
وبخصوص مآل ملف فتح الجمارك التجارية مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، الذي تصدر القضايا التي تناقش بين البلدين على مدى الأشهر الماضية، خاصة أن خطوة الفتح تأخرت على الرغم من تضمينها في خطة العمل المتفق عليها، كشف رئيس الحكومة الإسبانية أن "البلدين يواصلان التعاون من أجل فتحها في أقرب وقت"، مشيراً إلى أن "كل شيء من جانب إسبانيا جاهز".
إلى ذلك، اعتبر الديوان الملكي المغربي، في بيان له، إن زيارة العمل التي يقوم بها رئيس الحكومة الإسبانية للرباط تندرج "في إطار استمرارية الدينامية التي أطلقتها المرحلة الجديدة للعلاقات الثنائية، والتي تم تدشينها منذ اللقاء بين العاهل المغربي، ورئيس الحكومة الإسبانية في إبريل/ نيسان 2022، والذي توج باعتماد البيان المشترك بين البلدين.
ولفت البيان إلى أن "هذه الدينامية تتواصل بشكل يبعث على الارتياح، وتتميز بتعزيز التعاون والتنسيق والشراكة في كافة المجالات على أساس مبادئ الثقة والاحترام المتبادل، والطموح، وحسن الجوار والوفاء بالالتزامات".
من جهة أخرى، أوضح الديوان الملكي أن الملك محمد السادس أكد خلال استقباله سانشيز على الآفاق المتفردة للتعاون المفتوحة أمام البلدين الجارين، والتي يمثل التنظيم المشترك -مع البرتغال- لكأس العالم لكرة القدم 2030 رافعة إضافية لتعزيزها.
بالمقابل، أعرب رئيس الحكومة الإسبانية عن إشادته وتأكيده على اهتمام إسبانيا بالمبادرات الاستراتيجية التي أطلقها العاهل المغربي، خاصة مبادرة البلدان الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، والمبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وكذا أنبوب الغاز الأفريقي الأطلسي (نيجيريا – المغرب).
وتعتبر زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب مهمة لجهة متابعة تنفيذ خريطة الطريق التي جرى التوصل إليها بعد المباحثات التي جمعت العاهل المغربي الملك محمد السادس برئيس الحكومة الإسبانية، في الثامن من إبريل/ نيسان 2022، وهي المباحثات التي مكنت من تجاوز أزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين الجارين، على خلفية استقبال السلطات الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو بهوية جزائرية مزيفة للعلاج.
وبحسب مضامين "خريطة الطريق"، تم الاتفاق على "الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستويين البري والبحري، وكذلك إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين حالاً وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات".
وبموجب "خريطة الطريق"، تم الاتفاق على تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس، وإطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية، بالإضافة إلى إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة.
ورغم الأزمات المتتالية التي مرت بها العلاقات بين الرباط ومدريد خلال السنوات الماضية في سياق ما يسمى بـ"الجوار الصعب"، إلا أنها تتميز بالتطور على أكثر من صعيد، حيث تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة منذ 2012، كما استطاع البلدان على الصعيد الأمني بناء جسور الثقة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود جعلت "أمن مدريد يمر عبر الرباط".
وينظر إلى زيارة سانشيز الجديدة إلى الرباط على أنها محطة جديدة من أجل إعطاء دفعة قوية للعلاقات بين البلدين الجارين، ومناقشة عدد من الملفات والقضايا المشتركة من قبيل الأمن والهجرة والاقتصاد والفلاحة والصيد البحري. فضلاً عن ملف الاحتضان المشترك لمونديال 2030.