على وقع خلافات سياسية داخلية غير مسبوقة واحتجاجات تعم معظم المدن الإسرائيلية، تشهد إسرائيل غداً الأربعاء احتفالاً شعبياً بما يسمى "ذكرى إعلان الاستقلال" الـ75.
وتحتفل إسرائيل بذكرى ما يسمى "يوم الاستقلال" الذي يتزامن مع ذكرى تأسيس الدولة على أنقاض الأراضي الفلسطينية عام 1948، ويطلق عليه الفلسطينيون "يوم النكبة"، ويوافق بحسب التقويم العبري هذا العام يوم 26 إبريل/ نيسان الجاري (غداً الأربعاء).
تزامناً مع هذا، يشارك مئات آلاف الإسرائيليين في احتجاجات على قرار الحكومة الدفع بسلسلة تشريعات بغرض "إصلاح القضاء"، بينما تعتبرها المعارضة "انقلاباً على الديمقراطية" كونها تحد من سلطات المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.
وعشية الاحتفال، دعت الأحزاب المشكلة للحكومة إلى "مسيرة مليونية"، بعد غد الخميس، لتأييد التشريعات القضائية، بينما دعت المعارضة إلى تجديد الاحتجاجات، أيام الثلاثاء والسبت، في أنحاء إسرائيل.
تهديد داخلي
للمرة الأولى في تاريخها، تم تصنيف الخلافات الداخلية في إسرائيل على رأس التهديدات التي تواجه البلاد.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، أول أمس الأحد، إنّ "التهديدات الخارجية التي نواجهها في إسرائيل وكشعب يهودي حقيقية. نحن أمة صغيرة. حوالي 15 مليون شخص في عالم يبلغ عدد سكانه 8 مليارات. لا تزال معاداة السامية والدعوات إلى تدمير إسرائيل منتشرة وسامة".
غير أنه استدرك: "أنا مقتنع بأنه لا يوجد تهديد وجودي أكبر لشعبنا من التهديد الذي يأتي من الداخل: استقطابنا واغترابنا عن بعضنا".
وأضاف: "في هذا الوقت من الأزمة، أصر على الحوار الإسرائيلي الداخلي الذي يشير بأمانة إلى كيف أننا منقسمون".
وتابع: "أنا لا أعيش في أوهام. إنه صعب، معقد، إنه مؤلم، شهدنا بعضاً منه في الأيام الأخيرة، لكنه ممكن بالتأكيد ويجب أنّ تؤمن به، ولهذا السبب أود هنا أنّ أصر على الحوار داخل شعبنا اليهودي على نطاق أوسع أيضاً".
"محاولة استعادة العلم"
بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، فقد كان العلم رمزاً لروايتهم حول تأسيس الدولة، ومع ذلك فإن المحتجين الآن يقولون إنّ العلم قد تم الاستحواذ عليه بشكل متزايد من قبل البعض ممن يزعمون أنّ لديهم شرعية أكبر لتحديد شخصية الدولة ومستقبلها.
وفي ذكرى ما يسمى بيوم "الاستقلال"، يقول المحتجون إنهم يريدون من خلال التظاهرات ورفع الأعلام فيها "استعادة رمزية العلم".
تحديات خارجية
في هذا السياق، قال رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، خلال مراسم إحياء ذكرى القتلى بين عناصر الشاباك، اليوم الثلاثاء، إنّ إسرائيل تواجه خلافات شديدة وتحديات خارجية، وهدّد بأنّ إسرائيل ستستمر في عملياتها العدوانية، وبشكل خاص ضد الفلسطينيين، متجاهلاً استمرار الاحتلال والحصار.
وخلال مراسم أقيمت في مقر الشاباك، قال بار إنّ الفترة الحالية تتميز "بخلافات داخلية شديدة جداً، تطور تهديدات خارجية جديدة، شعور بتكتل جبهات وتصاعد التحديات".
وفي هذه الأثناء، شهدت المقابر العسكرية الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، توتراً بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها خلال مراسم إحياء ذكرى الجنود القتلى، على خلفية خطة "التغييرات القضائية" لإضعاف جهاز القضاء.
وطالب معارضو الحكومة، وخاصة عائلات الجنود القتلى، بعدم حضور الوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف إلى المقابر، وعدم إلقاء خطابات خلال إحياء الذكرى.
مسار سياسي
يترقب الإسرائيليون ما سيفضي إليه الحوار الذي يقوده الرئيس الإسرائيلي مع المعارضة، وهو ما سيحدد مسار الأمور في البلاد.
وسبق أنّ حذر مسؤولون كبار بينهم وزير الأمن السابق ورئيس حزب "الوحدة الوطنية" المعارض بيني غانتس، من أنّ إسرائيل قد تنزلق إلى "حرب أهلية" بسبب الخلافات حول التشريعات القضائية.
ولكن رئيس الوزراء نتنياهو نفى في أكثر من مناسبة أنّ تكون إسرائيل باتجاه حرب أهلية.
والاحتجاجات في الأشهر الثلاثة الماضية، هي ذروة خلافات داخلية برزت في إسرائيل عندما وجه النائب العام الإسرائيلي عام 2019 اتهامات لنتنياهو بـ"تلقي الرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة".
وما زالت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس تنظر في لائحة الاتهام المقدمة ضد نتنياهو.
(أسوشييتد برس، الأناضول، رويترز، العربي الجديد)