توالت في الأيام الأخيرة، بوتيرة متصاعدة، التصريحات الصادرة عن قادة إسرائيليين ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، ووجوب محاربته وعدم التهاون مع التنظيمات الإرهابية والجهادية الإسلامية، عبر ربط "داعش" وتنظيم "القاعدة" وغيرهما من التنظيمات المشابهة، بحركة "حماس" الفلسطينية و"حزب الله" في لبنان. ويأتي هذا السعي في سياق تأليب تحالف، أو انتزاع شرعية، لمحاربة حركة "حماس" في قطاع غزة، بعد مساواتها بتنظيمي "داعش" و"القاعدة".
وفي موازاة إدراك إسرائيل أنها لن تكون قادرة على نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة، وفق اعتراف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدر ليبرمان، الأحد، وفشل العدوان في تقويض سلطة "حماس" في القطاع، يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نفسه مضطراً إلى البحث عن مخرج من الهزيمة، عبر مساواة "حماس" بكل من "داعش" و"القاعدة".
وكرر نتنياهو تصريحاته بهذا الخصوص، صباح أمس الإثنين، خلال لقائه وزير الخارجية النرويجي، بورغ برينده، إذ أعلن "أن المجتمع الدولي بدأ يدرك الخطر الكامن في الإرهاب وفي التطرف الإسلامي". واعتبر نتنياهو أن منظمات مثل "داعش" و"حماس" و"جبهة النصرة" و"القاعدة"، أو منظمة "الشباب" و"حزب الله"، المدعومة حسب ادعائه من إيران، تشكّل اليوم خطراً واضحاً وحقيقياً على "ثقافتنا وأسلوب حياتنا وقيمنا"، ليصل إلى القول إن الأهم في هذا السياق القضاء على هذا الخطر وهو في مهده، "ومن لا يفعل ذلك سيجد الإرهاب الإسلامي على عتبة بيته".
تصريحات نتنياهو هذه، إضافة إلى تصريحات أطلقها في السياق نفسه وزير الاستخبارات الإسرائيلية، يوفال شطاينتس، المتواجد حالياً في الولايات المتحدة لإدارة جلسات الحوار الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي، تشير إلى اتجاه الحكومة الإسرائيلية في المرحلة الحالية إلى تأسيس صورة لحركة "حماس" و"حزب الله" باعتبارهما نسخة وامتداداً للتنظيمات الإسلامية المتطرفة، على غرار "القاعدة" و"داعش". وتهدف هذه التصريحات، في السياق الفلسطيني، إلى التهرّب من استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار من جهة، والسعي لتشكيل تحالف أو موقف دولي مساند لإسرائيل في حال تجدد دائرة العنف وانهيار وقف إطلاق النار من جهة أخرى، خصوصاً بعد إعلان مصادر إسرائيلية، الأسبوع الماضي، أن نتنياهو لا يعتزم إرسال وفد إسرائيلي إلى القاهرة لاستكمال المفاوضات مع الطرف الفلسطيني على باقي بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفي مقدمها رفع الحصار عن غزة، وإعادة إعمار القطاع.
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، لفتت، الأسبوع الماضي، إلى تنسيق أميركي إسرائيلي بشأن الموقف من "داعش"، مع إشارتها إلى أن الدور الإسرائيلي سيتمحور في ميدان جمع المعلومات الاستخباريّة، وفي توفير عمق لوجيستي للعمليات الأميركيّة.
ويحاول نتنياهو منذ انتهاء العدوان على القطاع، والتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، استغلال التطورات الحادة في العراق وسورية، مع تزايد هجمات "داعش" والجرائم التي يرتكبها هذا التنظيم، وما أثاره من تحرك أميركي فعليّ لضرب التنظيم جواً، وتسجيل مكاسب سياسية تساعد إسرائيل في مواجهة المقاومة الفلسطينية دولياً وإقليمياً، عبر توظيف مواقف "محور الاعتدال"، كما أسماه نتنياهو لصالح إسرائيل.
وفي هذا السياق، اعتبرت وزيرة القضاء الإسرائيلية المكلّفة بملفّ المفاوضات مع السلطة الفلسطينيّة، تسيبي ليفني، أنّه من دون مبادرة سياسيّة إسرائيليّة لإطلاق محادثات مع السلطة الفلسطينية، لن يكون ممكناً مواجهة حركة "حماس"، وباقي "تنظيمات الإسلام المتطرف".
وتحاول إسرائيل جاهدة، رسم صورة التطرّف والمغالاة وإلصاقها بحركة "حماس"، مستفيدة من جهل الغرب بالفروق الواضحة بين حركة المقاومة الفلسطينية في القطاع، وحتى بين "حزب الله" كمنظمة لبنانية، وبين التنظيمات الأصوليّة والجهاديّة العابرة للحدود، مثل "القاعدة" و"الشباب" و"داعش". وتلوّح إسرائيل في حربها هذه بكونها الدولة التي تحمل قيم الغرب الليبرالية والديمقراطية، وكونها خط الدفاع الأول عن الحضارة الغربية البيضاء، وهي أسس في صلب معتقدات بنيامين نتنياهو، لتبرير الاحتلال والجرائم الإسرائيلية بحق قطاع غزة.